الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

عقوبة الشرع لزنا المحارم وهل يجوز اجهاض الحمل السفاح؟

الجمعة 26/مايو/2023 - 03:06 م
زنا المحارم
زنا المحارم

بعد تكرار حوادث زنا المحارم، والتي كان آخرها اعتراف فتاة أمام النيابة العامة بمركز طامية في محافظة الفيوم، بتفاصيل علاقتها المحرمة مع والدها، والتي أسفرت عن طفل الخطيئة الذي تخلصت منه في أرض زراعية، كما تم ضبط الأب المتهم، والذي اعترف بوجود تلك العلاقة الآثمة، والتي نتج عنها حمل السفاح، يتساءل البعض عن نظرة الدين لمسألة زنا المحارم، وعن عقوبة تلك الفاحشة، وعن مصير حمل السفاح الناتج عنها وهل يجوز إجهاضه، ولمن ينسب في حالة ولادته؟ 

 

الحكم الشرعي بين الاعتراف بأبناء السفاح أو إجهاضهم

تقول دار الإفتاء المصرية إن الإجهاض حرام شرعًا إلا لضرورة طبية تخص الأم الحامل. وأما النَّسب فليس للرجل أن ينسب ولد الزنا إلى نفسه؛ لأن الأُبُوَّةَ علاقةٌ شرعيةٌ فلا تثبت بالسفاح، ولكن يُنْسَب الولد إلى أمه؛ لأن الأمومة علاقة عضوية طبعية. 

وتلك الفتوى كانت للدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مفتي الجمهورية السابق، والذي قال: من المقرر في الشريعة الإسلامية أن الزنا حرامٌ وهو من الكبائر، وأن اللواط والشذوذ حرام وهما من الكبائر، وكما أن الإسلام لم يعترف بالعلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة إلا في إطارها الشرعي من خلال عقد الزواج، فإنه يجعل كذلك العلاقة بين الوالد وولده علاقةً شرعيةً لا طبعيةً؛ فقد قرر الشرع أن ماء الزنا هَدَرٌ، وأن السِّفَاح لا تثبت به بنوة ولا أبوة؛ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» متفقٌ عليه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؛ أي أن عُهْر الزاني وفسقه على نفسه، فليس له أن يستلحق ابن الزنا أو ينسبه إلى نفسه، وإنما يُنسب ولد الزنا إلى أمه؛ لأن الأمومة علاقة عضوية طبعية، بخلاف الأبوة التي لا تثبت إلا بنكاحٍ شرعيٍّ. 

 

إعدام زناة المحارم

أما الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر السابق، فقد طالب في بحث سابق له، بإعدام زناة المحارم أسوة وقياسا على المغتصبين، وذلك للحد من تلك الأفعال المؤثمة. 

وقال "شومان" في بحثه، إن زنىا المحارم هو الأقبح على الإطلاق بين جرائم الزنا، وقد اختلفت كلمة الفقهاء حول عقوبة فاعله، حيث يرى جمهورهم أن الفاعل يعاقب بالعقوبات المقررة لجريمة الزنا، وهي رجم المحصن وجلد غير المحصن، في حين يرى بعض الفقهاء، ومنهم ابن حزم الظاهري، والحنابلة في رواية، أن زنا المحارم يختلف في عقوبته عن الزنا بين غير المحارمـ حيث قالوا إن عقوبة زنا المحارم قتل الطرفين من دون نظر إلى إحصان الفاعل من عدمه، وقتل الفاعل عندئذ يكون كقتل غيره من مرتكبي الجرائم المهدرة للدم وليس بالرجم. 

وطالب وكيل الأزهر السابق بتغليظ عقوبة زنا المحارم، لأنه المعلوم أن الفعل كلما زاد قبحه العقلى ناسبه زيادة العقوبة عن مماثله الأدنى قبحًا، وذلك هو سبب التفريق بين عقوبة المحصن وغير المحصن في الزنا بين غير المحارم، 

وأكد "شومان" أن المشرعين القانونيين أحسنوا حين جعلوا الإعدام عقوبة المغتصب من دون نظر إلى الإحصان، لما في الغصب على الزنا من زيادة قبح، وأوضح: "أرى أنه من المناسب جدًّا تعديل التشريع لتكون عقوبة زنا المحارم كعقوبة المغتصب، وهي إعدام فاعله سواء كان ذلك برضا الطرف الآخر أو غصبًا، أو كان فى ظل عقد أو من دونه، ولا سيما أن تشديد عقوبة الاغتصاب، من وجهة نظرى، كان له تأثيره البالغ فى الردع؛ حيث إن جرائم الاغتصاب أقل كثيرًا، وما ذاك إلا لقوة الجزاء الرادع عن الفعل فى حال الاغتصاب". 

 

القتل لمرتكبي زنا المحارم

ويروي الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، في حلقة سابقة له من برنامج "أحلى حياة" اعلى قناة "إل تي سي" الفضائية، رواية عن حالة نادرة وقعت من الذين أسلموا حديثًا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث وجد الناس علي بن أبي طالب يمتشق سيفه فسألوه إلى أين يذهب فقال: "رجل واقع محرمة فأمرني أن أخط وسطه بالسيف". 


ولفت "كريمة" إلى أن تلك الواقعة صورة استثنائية في حد الزنا، فالجلد يكون للبكر والرجم يكون للمحصن، إلا في حالة زناه بمحرمه، "فهو يقتل لأنه تعدى كافة الحدود، فتعدى حد الله في تحريم الزنى، وتعدى حد المحرم، فأصبح أخس من الحيوان". 

ads