بقلم الشيخة حصة الحمود السالم: حفل التتويج الملكي لكل الأديان
الأربعاء 10/مايو/2023 - 09:30 م
منذ بضعة أيام، تم تتويج صاحب الجلالة الملك تشالز الثالث ملكا للمملكة المتحدة لبريطانيا وأيرلندا الشمالية وقرينته الملكة كاميلا باركر في حفل ضخم تم بمراسم عديدة هي الأقدم والأعرق بين حفلات التتويج الملكية على وجه الأرض، حيث تمثل هذه المراسم العديدة تجسيدا للأعراف والتقاليد الملكية البريطانية المتبعة منذ قرون مضت وبالتحديد منذ عام 1066م منذ تتويج الملك ويليام الفاتح كأول ملك يتوج في كنيسة ويستمنستر آبي في العاصمة (لندن)، وهو التقليد المتبع حتى اليوم وفي شهر مايو تحديدا.
وقد تم الاستعداد لهذا الحفل مباشرة عقب وفاة الملكة إليزابيث الثانية، حيث جرت العادة على تنصيب الملك الجديد يعقبه بضعة أشهر حدادا على الملك السابق ثم حفل التتويج.
وقد أقام الملك تشالز الثالث حفلا كبيرا يوم الجمعة قبل يوم التتويج، وذلك لاستقبال ملوك وقادة دول العالم المدعوين للحضور، حيث تواجد في هذا الحفل سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، ممثلا لصاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظهما الله ورعاهما، وقد حظي بقدر كبير من الاهتمام، كما حضر الحفل ملك البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، حفظهما الله، وقد عبر جلالة الملك عن متانة العلاقات التاريخية بين البلدين الصديقين والتي يعود تاريخها إلى 200 عام.
وفي الواقع، فإن المملكة المتحدة دائما نموذج في فن القيادة والإدارة والحفاظ على التراث والأعراف والتقاليد، وقد تخرج في أكاديمياتها العسكرية وجامعاتها العريقة الكثير من قادة دول العالم ومفكريه ورموزه في شتى المجالات، والعلاقات البريطانية- الخليجية تتميز بقوتها وتميزها، خاصة مع الكويت وذلك ما صرحت به السفيرة البريطانية في الكويت بيليندا لويس على هامش احتفال السفارة البريطانية بالذكرى الثلاثين لليوم العالمي لحرية الصحافة منذ بضعة أيام، بحضور ممثلي الصحف الكويتية المحلية، حيث أشادت بالعلاقات البريطانية - الكويتية وبمناخ حرية الرأي والتعبير في الكويت، وبالدستور الكويتي الذي يحمي الحريات، وأن جلالة الملك تشالز الثالث يحمل للكويت في قلبه محبة وتقديرا لأعمالها الإنسانية.
وقد تميز حفل التتويج الملكي بتنوع الحضور من مختلف الأديان، وقد شارك للمرة الأولى منذ ألف عام أربعة ممثلين من مجلس اللوردات (مسلم ويهودي وهندوسي وسيخي) في مراسم التتويج، وذلك بعد اعتراضات من الكنيسة الإنجليكانية على خرق بروتوكول التتويج الكنسي المتبع منذ ألف عام، ولكن إصرار الملك تشالز الثالث على هذا الأمر نابع من إيمانه بحرية العقيدة وحتمية التعايش بين الأديان والمذاهب المختلفة.
وفي التتويج أقسم الملك تشالز الثالث بصفته حاكم كنيسة إنجلترا بالدفاع عن الإيمان المسيحي والعقيدة البروتستانتية، وقد أدخل إليه رئيس أساقفة كانتربري نصا كتب خصيصا لهذه المناسبة التاريخية ولأول مرة في القسم الملكي بأن يتعهد الملك بتهيئة البيئة المناسبة لحرية العقيدة والتعايش بين مختلف الأديان، والشيء بالشيء يذكر فإن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان قد أهدى الملك تشالز الثالث قطعتين صغيرتين من خشب الصليب الذي يعتقد في الكنائس الكاثوليكية أن السيد المسيح قد صلب عليه، وعلى الرغم من تحفظ الكنيسة البروتستانتية على مصداقية هذا الأمر، إلا أن الملك تشالز الثالث قبل الهدية وتم تثبيت القطعتين في صليب ويلز الذي يتقدم مراسم تتويج الملك، وقد اعتبرها البعض خطوة جيدة للتقريب بين المذاهب المسيحية وإضفاء جو من التسامح يعزز من السلام والتعايش وقبول الآخر.
وحقيقة الأمر، فإنني أعتبر هذه الأمور انتصارا كبيرا لكل المدافعين عن حرية العقيدة والتعايش السلمي بين الأديان، وذلك بأن يتم خرق بعض التقاليد الملكية العريقة التي تتم منذ قرون عديدة في مناسبات التتويج وهو ليس بالأمر الهين، ولكن احتياج عالمنا للسلام والأمان فرض هذا التغيير، والذي أعتبره انتصارا لكل المناضلين والمفكرين المدافعين عن حرية العقيدة وحتمية التعايش السلمي والحضاري بين جميع البشر.
وفي الأخير، نهنئ المملكة المتحدة بتتويج جلالة الملك تشالز الثالث ونتمنى له التوفيق والسداد هو وكل قادة دول العالم في ترسيخ قواعد السلام والوئام بين شعوب الأرض، وأن تتوقف دائرة الحروب والصراعات وتغليب صوت الحكمة والعقل، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
نقلا عن الأنباء
ونقدم لكم من خلال موقع هير نيوز، أخبار وتقارير، صاحبة المعالى، منوعات، فن وثقافة، كلام ستات، بنات، هير فاشون، حوادث، رياضة، صحتك، مال وأعمال، توك شو، مقالات، دنيا ودين.