نساء في القرآن| آسيا امرأة فرعون شهيدة الحق

  

تحدث الله سبحانه وتعالى، عن زوجة فرعون عدة مرات بصفتها دون أن يذكر اسمها صراحة، فعندما ذكر قصة سيدنا موسى النبي عليه السلام، وكيف ألقته امه في اليم لتحميه من الذبح ومن بطش آل فرعون به، فالتقطه آل فرعون، وتعلقت به زوجته، وهي آسيا بنت مزاحم، وقررت أن تربيه وتتخذه ولدا: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} سورة القصص. 

وكانت آسيا المؤمنة، قد سمع فرعون بجمالها فأراد أن يأخذها أمَةً أي عبدة وجارية بالإكراه، ولكنه قرر الزواج منها رغم عدم إيمانها، فقد ضحت بنفسها من أجل أهلها، وعاشت مع فرعون كارهة له محافظة على إيمانها بالله عز وجل.  

كانت آسيا تتمنى الإنجاب، فلما وجدت تابوت موسى في اليم، طلبت من فرعون أن يبقيه ولا يقتله، فقد كان يريد قتله: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}، ورد عليها فرعون وقال: (قرة عين لكِ أنتِ)، ووافق لأجلها وهم لا يشعرون بتدبير الله عز وجل.  

  

وتربى سيدنا موسى عليه السلام بين بيتين، وهما بيت أمه كمرضعة له، ومع رعاية آسيا زوجة فرعون، وكان فرعون ينتظر أي فرصة ليتخلص منه، ثم جاءته الفرصة: عندما كبر سيدنا موسى عليه السلام وشاهد في المدينة صراعاً بين رجلين واحد من بني إسرائيل، والآخر من المصريين، فوكز المصري فقتله دون قصد، ثم استغفر وتاب الله عليه، ولكن ما حدث وصل إلى فرعون، فاجتمع كبار القوم وقرروا قتل النبي موسى، ووصل الخبر إلى موسى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ}.  

وعندما حان وقت الهجرة والخروج من، جهّزت السيدة آسيا نفسها للخروج، إلا أن فرعون رفض وعذّبها، ثم قتلها بحجر لتموت شهيدة في سبيل الله، رضي الله عنها.  

ويريد الله سبحانه وتعالى تخليدها في القرآن الكريم: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}، حيث كانت مثلاً ونموذجاً وقدوة لجميع المؤمنين، فلم تغتر بمكانة فرعون وسلطته وأمواله وقصوره، كما اختارت الإيمان بالله عز وجل على الدنيا وما فيها، وتبرأت من زوجها: وذلك أكبر دليل على أن للمرأة عقلها ورأيها وليست تابعة لزوجها أو غيره، فالعلاقات يحكمها رضا الله سبحانه وتعالى، فلا ولاء للعصاة والطغاة والظالمين.