الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

«نجاسة وألم» «الإفتاء»: الوشم والتاتو حرام لهذه الأسباب

الجمعة 03/فبراير/2023 - 11:02 ص
هير نيوز

تلقت دار الإفتاء المصرية، سؤالا يتعلق بسبب تحريم الإسلام لعمل الوشم الدائم، ويجيب عن ذلك السؤال، فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية..
 


الوشم الثابت والتاتو 

وقال فضيلة المفتي: الوشم القديم (التاتو الثابت): هو الذي يتم عن طريق إحداثِ ثُقْب في الجلد باستخدام إبرة معينة، فيخرج الدم ليصنع فجوة، ثم تُملَأ هذه الفجوة بمادة صِبغية، فتُحدِث أشكالًا ورسوماتٍ على الجلد. 

وقد اتفق الفقهاء على نجاسته ومن ثَم حكموا بحرمته؛ لما رواه الشيخانِ في "صحيحيهما" عَنْ علقمةَ، عن عبد اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَال: «لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ». ففي هذا الحديث دليل على حرمة الوشم بالصورة السابقة؛ لأنَّ اللعن الوارد في الحديث لا يكون إلا على فعل يستوجب فاعلُه الذَّمَّ شرعًا؛ قال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 70، ط. مكتبة القاهرة) بعد ذكر حديث النهي: [فهذه الخصال محرمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعن فاعلها، ولا يجوز لعن فاعل المباح] اهـ. 

 

أسباب تحريم الوشم والتاتو 

وقد بيَّن الفقهاء علَّة تحريم الوشم القديم، وهي ترجع إلى أمور: 

أولًا: ما يترتَّب على بقاء الوشم من التدليس والتغييرِ لخلق الله سبحانه وتعالى، كما جاء في نصِّ الحديث السَّابق ذِكْره: «الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ». 

وما جاء في قول الله تعالى -على لسان الشيطان-: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا﴾ [النساء: 119]. 



قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (5/ 393، ط. دار الكتب المصرية): [وهذه الأمورُ كلُّها قد شهدت الأحاديثُ بلَعْنِ فاعلِها وأنها من الكبائرِ، واختُلِف في المعنى الذي نهي لأجلها، فقيل: لأنّها من باب التدليس، وقيل: من باب تغيير خلق الله تعالى، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه، وهو أصحُّ، وهو يتضمَّنُ المعنى الأول] اهـ. 

ألم الجسم 

ثانيًا: ما فيه من إيلام للجسد بغرز الإبرة. وغرزُ الإبرةِ ضررٌ بالإنسان من غير ضرورة؛ ومن المعلوم شرعًا حُرمة الإضرار بالنفس أو بالغير؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، وقوله عز وجل: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: 29]، فقد نصت الآيتان على النهي عن الإضرار بالنفس، والإلقاء بها في المهالك، والأمر بالمحافظة عليها من المخاطر والأضرار؛ فمن مقاصد الشريعة الإسلامية المحافظة على النفس، ولهذا حرم الله تعالى كلَّ ما يؤدي إلى إتلاف الإنسان أو جزءٍ منه. 

الفساق والجهال 

ثالثًا: أنَّ الوشم فيه مشابهة لما يفعله الفُسَّاق والجُهَّال؛ قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (5/ 1895، ط. دار الفكر): [وإنما نهي عنه؛ لأنه مِن فِعل الفُسَّاق والجُهَّال، ولأنه تغيير خلق الله؛ وفي "الروضة": لو شق موضعًا من بدنه وجعل فيه وعاءً أو وشمَ يدَه أو غيَّرها، فإنه ينجس عند الغرز] اهـ. 

الدم المختلط 

رابعًا: ما يُحدِثه من نجاسةٍ للموضع الموشوم بسبب الدم المختلط بالصبغ؛ قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (14/ 106، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال أصحابنا: هذا الموضع الذي وُشِم يصير نجسًا] اهـ. 

وجاء في "اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح" (14/ 508، ط. دار النوادر): [قال الفقهاء: ما وُشِمَ يصير نجسًا، فإن أمكنَ إزالتُه وجبَتْ، وإن أَورَثَ ذلك شَينًا أو تَلفَ شيءٍ فلا] اهـ. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال. 
والله سبحانه وتعالى أعلم. 
 

ads