هند تاج السر تكشف لـ«هير نيوز» أبرز قضايا الإعلام العلمي في السودان والوطن العربي
إيمانا منها بدور الإعلام العلمي وأهميته في نشر الثقافة العلمية وتبسيط العلوم، ومن ثم تقدم الأمم ونهضتها؛ نتيجة اهتمامها بالعلوم ونشرها على نطاق واسع، وإدخال مفهوم "العلم كثقافة"، من خلال إعلام علمي متميز يؤدي للتواصل المستمر بين الحركة العلمية والجمهور غير المتخصص، ومنذ عام 2005 وحتى الآن أصبحت قضية الإعلام العلمي شغلها الشاغل فأبحرت وغاصت فيه، وكلل الله سبحانه وتعالى جهودها بحصولها على درجة الدكتوراه في الإعلام البيئي من جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا عام 2013، فامتزجت خبرتها العملية بالخبرة الأكاديمية بشكل غير مسبوق، حتى أصبحت وعن جدارة من رائدات الإعلام العلمي العربي والسوداني على حد السواء، إنها الدكتورة هند تاج السر عثمان البلال، أول إعلامية سودانية حاصلة على درجة الدكتوراه في الإعلام العلمي؛ لذا كان لزاما علينا أن نضمها لقائمة "صاحبة المعالي" في "هير نيوز"؛ لأنها تستحق وعن جدارة.
ولإلقاء المزيد من الضوء حول "صاحبة المعالي" الدكتورة "هند تاج السر عثمان البلال"، كان لـ"هير نيوز" هذا اللقاء:
بداية.. نود أن نطلع متابعي “هير نيوز” باختصار على السيرة الذاتية للدكتورة هند؟
-اسمي هند تاج السر عثمان البلال، صحفية مهتمة بقضايا العلوم والبحث العلمي في السودان، وباحثة في مجال الإعلام والعلوم والبحث العلمي، ومدربة في الإعلام والإعلام المتخصص.
اختصاصي تعليم وتدريب الكتروني، شاركت في عدد من المؤتمرات الدولية والمحلية في مجال الصحافة المتخصصة والعلمية، وإعداد وتقديم دورات وورش عمل في مجال الإعلام والإعلام المتخصص، وحاصلة على درجة الماجستير في الإعلام العلمي أكاديمية السودان للعلوم بعنوان "الإعلام العلمي ودوره في نقل وتوطين التقانة - بالتطبيق على مجلة "الحياة العلمية" في العام 2008م، كما حصلت على الدكتوراة في الإعلام البيئي / جامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا / بعنوان ”تناول الصحافة السودانية لقضايا البيئة بالتطبيق على صحيفتي الرأي العام والسوداني” عام 2013م . ومؤلفة لعدد من الكتب في الإعلام المتخصص والإعلام العلمي.
ما الدافع وراء اهتمامك بقضية الإعلام العلمي ؟
يعد السودان من ضمن الدول العربية والأفريقية التي تواجه العديد من المشكلات الاقتصادية والسياسية المرتبطة بقضايا التنمية، ونسبة لارتباط حركة البحث العلمي والنشر بتلك العوامل، فقد واجه الإعلام العلمي الكثير من الصعوبات التي حدت من دوره وانطلاقته نحو تحقيق الانتشار للإنتاج الفكري وتنظيمه.. ونجد أن مشكلات الإعلام العلمي في السودان تكمن في النظرة القاصرة والتجاهل الواضح والمتعمد من قبل وسائل الإعلام للقضايا الأساسية والحساسة الخاصة بالمواطنين، منصرفاً إلى التسطيح والتهميش والتسلية، متغافلا عن دوره فى التنوير والتحديث، وإثارة الاهتمام بما هو أهم، لذا نمت لديّ دوافع علمية منها السعي وراء الحقيقة العلمية للإعلام العلمي بالإضافة للسعي للتعرف على مشكلات البحث العلمي في السودان .
متى بدأ مشوارك في تبني قضية الإعلام العلمي وكيف؟
-بفضل من الله وتوفيقه أنا أول سودانية تناولت قضية الاعلام العلمي وقمت بإثارتها وغصت في أعماقها منذ العام 2005م وحتى الآن، وذلك عبر رسالتي الماجستير والدكتوراة وعدد من المؤلفات والمؤتمرات والدورات التدريبية، وورش العمل والكتابة الصحفية اليومية، واللقاءات العلمية بالتلفزيون والإذاعة، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن لم تبارح قضية الإعلام العلمي في السودان موقعها ظناً من القائمين على أمر الإعلام في السودان أن العلوم مادة جافة وليس لديها "سوق" .
ما صدى دراستك الأكاديمية؟
هذا فيما يتعلق برسالة الماجستير وماذا عن صدى رسالة الدكتوراة؟
-جاءت رسالة الدكتوراة تحت عنوان : تناول وسائل الإعلام السودانية لقضايا البيئة بالتطبيق على صحيفتي الرأي العام والسوداني " باعتبار أن البيئة أحد فروع العلوم المهمة جداً والتي أصبحت الآن القضية الأخطر على الإطلاق، لذا كان لابد من تناولها، والمدهش في الأمر أن الدراسة أثبتت أن غالبية مشاكل السودان الكبرى إنطلقت شراراتها من مواضيع تخص البيئة بالدرجة الأولى، خاصة قضية دارفور التي تطورت وأصبحت قضية شائكة؛ أدت إلى تدخلات دولية وإقليمية في الشأن السوداني مازال الوطن يعاني آثارها حتى الآن .
ماذا عن واقع الإعلام العلمي في السودان ومستقبله؟
ماذا عن مؤلفاتك في مجال الإعلام العلمي؟
-بعد عام من مناقشة رسالة الماجستير؛ أي في العام 2009م، صدر كتابي الأول “الإعلام العلمي في السودان.. الفريضة الغائبة”؛ هذا الكتاب الذي أعتبره خطوة أولية وصرخة ميلاد إعلام علمي سوداني، فهو همسة في أذُن المسؤلين في الحقل الإعلامي السوداني؛ سواء على مستوى المجلس القومي للتخطيط الإستراتيجي (الخطة الإعلامية الخمسية) أو وسائل الإعلام المختلفة أن انتبهوا ايها السادة، فالإعلام العلمي أصبح له شأناً كبيراً عالمياً واقليمياً، فلابد من اللحاق بالركب بوضع خطط وتصورات تتناسب هذه القضية المهمة جداً.
“رياح العلوم تهب على الإعلام”
تثاقلت خطى الإعلام في السودان وأبت نفسها إلا ان تضع حائط صد منيع يحول بينها وبين العلم والعلماء، فما زالت العلوم تنحى جانباً وتقبع بين جدران المعامل وصدور العلماء.. يتعلقها غبار الأرشفة وتضربها فيروسات أجهزة الحاسوب لمرور سنوات عديدة عليها ... فما أن تُكتشف تقانة جديدة أو يتم التوصل لابتكار علمي أو اختراع جديد إلا ويسير نحو إخوانه الذين سبقوه فمكانه محجوز بينهم، فالعلاقة بين العلم والإعلام في السودان تكاد تكون معدومة إلا من قليل علوم عبارة عن اجتهادات فردية أو موسمية تفرضها مشاكل معينة ويتم تناولها بصور خبرية لذا شهد العام 2014م ميلاد مؤلفي الثاني "رياح العلوم تهب على الإعلام" .
وماذا عن مقالاتك الصحفية؟
كتبت مجموعة من المقالات الصحفية - بصحيفة اليوم التالي – عبارة عن اجتهادات تدق ناقوس الخطر في هذا المجال الهام والحساس وهو علاقة العلوم بالإعلام، رأيت أن تندرج تلك المقالات العلمية "بعمود راتب" أطلقت عليه " قبل الغروب" قاصدة من ذلك الاسم الإنتباه والإهتمام بالقضية قبل أن تغرب شمسنا ويعمنا ظلام الجهل الدامس؛ لابد لنا أن نتطلع إلى حياة أفضل، أساسها العلم والمعرفة، خالية من الفقر والجهل والمرض.. نعيد فيها عصر الفارابي وابن رشد وابن سينا وابن النفيس وغيرهم من علمائنا الأوائل الذين وضعوا بصمتهم وتنبأوا بما نعيشه الآن من اكتشافات واختراعات.
لما كان الهدف الرئيسي من تكوين وحدة تنفيذ السدود هو إنشاء منظومة متكاملة لتخزين وتشغيل الموارد المائية المتاحة بكافة أشكالها لتأمين وتوفير متطلبات الخطط التشغيلية للاحتياجات المختلفة من كهرباء وري ومياه شرب بالطرق العلمية الحديثة.. جاء كتابي “العلم وبناء السدود”.. نموذج شراكة بين وحدة تنفيذ السدود والمؤسسات العلمية.. ليحكي قصة قيام السدود وكيف عملت الوحدة على متابعة ومراقبة هذه السدود منذ أن كانت فكرة حتى أصبحت انجازاً عظيماً لاينكره إلا مكابر.
موسوعة “سِفرْ الحاذقين ..عبقريات علمية سودانية”
لم تكتف الدول المتقدمة بالاستفادة من العلوم في إعداد القوة فحسب، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك فاستهدفت مواطنيها وزادتهم علماً ومعرفة حتى البسطاء منهم؛ وذلك بالاهتمام بالعلماء والتخطيط السليم ووضع الميزانيات الضخمة، لهم ليتفرغوا لابحاثهم وتقاناتهم،حيث قامت بالتوثيق لهم وتحفيزهم مادياً ومعنوياً. آليت على نفسي الاهتمام بهذه الشريحة المهمة جداً " والمهملة" والتوثيق لها ..فبالسودان عقول تذهلك حد الدهشة وزخم من الانجازات والاختراعات والاكتشافات العلمية التي لابد أن يتعرف عليها العالم أجمع ؛ لذا جاء مشروع " سِفرْ الحاذقين.. عبقريات علمية سودانية" توثيقاً وتتويجاً لمجهوداتهم العظيمة.
ماذا عن موسوعة سِفْر الحاذقين.. عبقريات علمية سودانية ؟
هي جزء من مشروع وثائقي كبير، يشتمل على أفلام وثائقية.. برامج إذاعية وتلفزيونية وقاعدة بيانات على الشبكة العنكبوتية؛ بدأت في تجميع المادة منذ خمس سنوات تقريباً وقمت بتسجيله في المصنفات الأدبية والفنية والمكتبة الوطنية تمهيداً لطباعة الموسوعة، والبدء في صناعة الأفلام ولكني وكالعادة إصطدمت "بحائط " الدعم والرعاية؛ فكل الأبواب مؤصدة، وكل الطرق لاتؤدي إلى إنتاج مثل هذه المشاريع التي توثق لعقول (نيرة ونادرة)، المشروع الآن جاهز ومن هذا المنبر أدعو كافة الجهات المهتمة والخيرية المساهمة في إنتاجه.
العقول المهاجرة .
كما ذكرت سابقاً بالسودان عقول تذهلك حد الدهشة؛ فمنهم من أنتقل تاركاً ورائه إرثاً علمياً ضخماً، ومنهم من فضّل الهجرة، فكانت هجرة العقول السودانية وبالاً على السودان وبرداً وسلاماً على دول المهجر، التي أستضافتهم وأكرمت وفادتهم وقامت بتهيئة البيئة اللازمة للإستفادة من علمهم وخبراتهم، وسيحدثكم المشروع الوثائقي عن عقول من ذهب شَهِد لها العالم أجمع.
من العقول المهاجرة من وجهة نظرك؟
-البروفيسور وداد المحبوب التي أثبتت كفاءتها أكاديمياً وتفوقها تكنولوجياً. وصنعت إنجازات رائدة، الأمر الذي وضعها في الصفوف الأولى من المجتمع العلمي وغيرها من العلماء السودانيين بوكالة ناسا الفضائية
-البروفيسور النذير دفع الله "رحمه الله" اول أفريقي وأسيوي والخامس والعشرون في العالم ينال درجة زمالة في الجراحة البيطرية.
-البروفيسور محجوب عبيد طه " رحمه الله " الذي قدم طريقة رياضية جديدة سميت طريقة "طه " لتحليل التكاملات على متغيرات الاندفاع في التفاعلات الكهرومغنطيسية والتفاعلات الضعيفة
-البروفسور مصطفى عبد الله محمد صالح الذي تم تضمينه ضمن أعظم العباقرة الخمسمائة للقرن الحادي والعشرين ( 2007م )
-البروفيسور أسامة عوض الكريم اختارته الخارجية الأمريكية ضمن خمسة علماء يتم اختيارهم من بين (100) جامعة من الجامعات الاميركية ليصبحوا مستشارين لوزارة الخارجية الأمريكية
-البروفيسور عمر محمد بليل " رحمه الله " اول زارع كلية سوداني وعربي وأفريقي.
وغيرهم من العلماء المميزين الذي لا تسع هذه المساحة لذكرهم .
من أحب شيئا صار شغله الشاغل.. ما مدى حبك لمجال الإعلام العلمي؟
على الرغم من صعوبة المشوار في هذا المجال وكل المشاكل والمتاعب التي واجهتني سابقاً ومازالت، وأرجو أن تذلل في المستقبل القريب؛ إلا أني أجد نفسي أحمل هذه القضية "بحب عظيم " وأعمل بجد واجتهاد ليلحق السودان بركب الدول التي تتسابق في التسلح بالعلم والاستزادة بالمعرفة التي أصبحت القوة الحقيقية للتطور والتقدم والازدهار وسيادة العالم والتربع على عرشه، فتصبح بذلك الآمر الناهي والمتحكم في مصير الدول الأخرى.
نسأل الله أن يكلل جهودك بالنجاح والتوفيق، وأن يسدد خطاك ومسعاك من أجل رفعة شأن السودان الشقيق ووطننا العربي.