إيمان سمير تكتب: متى تسمعني الدروب؟
نعم غاب الصوت وعم الشتات، ونُفِي وجهي خلف صمت الدموع، لا آهٍ تُطلق ولا ترنيمة تُتلى.
أرى كل شيء لا يراني، أرى المقاهي، السيارات، السائقين.
أذكر هذا السائق الذي افترض كلمة لم أنطقها، وهذا البائع الذي أعطاني مطلبي دون أن يتحدث ، وهذه العجوز التي مدت يدها إلي كي تعبر الطريق، وقامت الابتسامات بفعل كل شيء.
حقاً لم يعد العالم بحاجة إلى الكلام.
ولكني أشعر أني قارورة رسائل مغلقة تطفو في بحر مجهول، لا تعلم من سيلتقطها، وكأن صوتي هو المسافة بين ولادتي وموتي.
ولربما هذا انقى لروحي أمام العجز عن صُنع جملة مفيدة يقرؤها من يؤمن بي، كي لا أخذله.
هل أنا الآن امرأة ليس لها مكان في جميع خرائط العالم؟
ويا أيها الفوضوي العبثي المثالي... هل واثق من أنك تريد حقاً أن تُعيرني صوتك؟ تمنحه لي عن طيب خاطر لأتألم ؟ فقد مضى وقت الحديث، الأصوات الآن أصبحت تتململ من ماهية وجودها.
نعم أحتاج صوتك لإطلاق صرخاتي، مللت من زاوية الحائط هذه التي تخبئ وجهي، وهذه الوسادة التي تُيقن أن آهاتي فعل انتحار.
أحتاج
أن تسمعني الدروب، أن تشعر بي الجسور، فأنا كأعمدة الإنارة المضاءة نهاراً،
أنا
كتاب وحيد في مكتبة اشتعلت بها النيران و أخمدها الماء،
كتاب يعلم أن نجاته لن تمحو أمية وطنه،
كتاب يعرف قدر وريقاته ويثق في أنه ليس مخطوطة عربية نادرة.
عُد أيها الغائب فإنني كالتائه في الصحراء، عد وأعدك ألا أرهقك في سفسطة الأغبياء وحوار الأعداء،
عد
فأنا أحتاج الحديث...
أحتاج النحيب...
أحتاج البكاء.