الإثنين 06 مايو 2024 الموافق 27 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

رسالة مهمة من النيابة العامة للأزهر الشريف والإفتاء في واقعة فتاة الشرقية

الثلاثاء 22/نوفمبر/2022 - 12:23 ص
هير نيوز

رسالة مهمة توجهت بها النيابة العامة في بيان للأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية  في قضية زوج فتاة الشرقية وذوي الزوجين.
 
حيث تهيب النيابة العامة بالكافة، الالتزام بما نادتْ به وأقرته مؤسساتنا الدينية الرسمية؛ الأزهر الشريف ودار الإفتاءِ المصرية، من ضرورة الامتناع عن تزويج القاصرات، لما يسببه هذا الزواج من ضررٍ بدني ونفسي للفتياتِ، علاوة على الضرر المجتمعي، هذا الضرر الذي يخالف مقاصد الشريعة السمحة التي لا ترضى به لأي إنسانٍ كان، والتي لا تمنع إيقاع عقوبة رادعة لكل من شارك في زواج القاصرات.
وكانت إدارة البيان بمكتب النائب العام قد رصدت تداولَ مقاطع مصورة بمواقع التواصل الاجتماعي لفتاة بالشرقية محمولة على الأعناق وسطَ احتفالِ جمعٍ من الناس بها، وهي تُلوّح فرحًا وسط هتافات أحدهم خلالَ مُكبرِ صوتٍ بثبوت شرفِها وعفّتِها، وظهر بالمقطع صورةٌ مِن تقرير طبيٍّ صادرٍ من مستشفى عامٍّ نُصّ فيه على ثبوتِ عذريَّةِ الفتاةِ وسلامةِ غشاءِ بكارتها بعد توقيع الكشف الطبي عليها بطلبٍ مِن والدها، وكان مما قيلَ بمواقع التواصل من تعليقات وأخبار حولَ هذا المقطعِ أنَّ الفتاةَ الطفلةَ كانت قد تزوجتْ ليلةَ الخميس الماضي الموافق ١٧/ ١١/ ٢٠٢٢م وطُلقتْ في اليوم التالي بدعوى عدم عذريتِها، ولكن بطلبٍ مِن والدِها ثبت بالكشف الطبي عليها سلامةُ غشاءِ بكارتها، وبالتزامن مع ذلك تلقت النيابة العامة محضرًا من الشرطة أمس الأحد الموافق ٢٠ / ١١ / ٢٠٢٢م برصد الاحتفال المصور المشار إليه، وسؤالِ الفتاة ووالدها وعمِّها عن سبب وقوعه، فقرروا أنها قد تزوجت الخميس الماضي ثم طردها زوجُها اليوم التالي من مسكن الزوجيَّة بدعوى عدم عذريتها، مما دفع والدها إلى طلب توقيع الكشف عليها بالمستشفى العامِّ فتبين ثبوت عذريتِها، واحتفى الأهالي بها لذلك، وأكد المذكورون في أقوالهم بمحضر الشرطة أنهم قد تراضوا عرفيا مع زوجِ الفتاة، بينما تمسَّك زوج الأخيرة وذووه في المحضر بأنه تأكد موضعيا ليلة الزفاف أن الفتاةَ ليست عذراء، فأبلغ والدها ثم تراضيا عرفيًّا عقب ذلك، وأرفق بالمحضر صورة من التقرير الطبي المتداول بالمقطع المرصود بمواقع التواصل الاجتماعي، وعليه باشرت النيابة العامة التحقيقات.   
حيث استمعت لشهادة الفتاة ووالدها، والتي اختلفت كلية عمّا قرراه بمحضر الشرطة، إذ قررا أن الفتاة عقب عقد قرانها عرفيا بموافقتها وموافقة والدها وتحرير الأخير عقدًا بذلك، انتقلت مع زوجها لمسكنهما، ونشبت هناك خلافاتٌ زوجيَّةٌ عاديَّةٌ بينهما أدَّتْ لانفصالهما وتمزيقِ عقد القران، ثم تدخل الأهالي للتراضي عرفيًّا فيما بينهما وإنهاء الزيجة، وقد أكدت الفتاة ووالدها في التحقيقات أنَّ زوجَ الأخيرةِ لم يدخل بها ولم  يلمسها، وأنها لم تتعرض من ذلك لأي خطر، ونفيا ما قرَّره الزوج بمحضر الشرطة من تبينه موضعيًّا عدم عذريتها، ولم يتهما أحدًا بأي اتهام.
بررت الفتاة ووالدها توقيع الكشف الطبي عليها بدعوى شعورها بآلام في عضوها التناسلي لا علاقة لها بالزيجة، كما بررا أن احتفال الأهالي بها كان قد حدث دون أسباب واضحة يعلمانها، وأن الأمر لا يتعدى لدى الأهالي سوى سوء تفاهم لديهم لاعتقادهم بعدم عذريتها، كما سألت النيابة العامة زوجَ الفتاة وعمها وعم زوجها فأكدوا ذات الأقوال، كما أكد الزوج أنه يده لم تَطل الفتاة، ولم يكشف حتى عن جسدها، منكرا ما قرره في محضر الشرطة.

وبناءً على هذا فإن النيابة العامة تؤكد أن الواقعة على هذا النحو، ووفق الثابت في التحقيقات حتى تاريخه، لا تشكل في حكم القانون جريمة معاقبا عليها يمكن إسنادها لزوج الفتاة أو والدي الزوجيْن؛ إذ لم يثبت بها مواقعةُ الزوجِ الفتاة، أو حتى هتكه عِرضَها باستطالته جسدها باعتبارها طفلة، كما لم تثبتْ في حق والدِها جريمةُ الاتّجارِ بالبشَرِ واستغلال الأطفال جنسيًّا، وأنَّ ما قرَّره الزوجُ استدلالًا بمحضرِ الشرطَةِ من تأكّدِه موضعيًّا بيديْهِ من عدم عذريةِ الفتاة لم يلقَ دليلا أو حتى قرينة تؤكده في التحقيقات، إذ نفى الزوج تلك الأقوال، ونفتها كذلك الفتاة ووالدها. 

وبمناسبة تلك الواقعة فإن النيابة العامة وإن كانت تحقيقاتُها لم تُسندْ حتى تاريخِهِ أيَّ اتهام لأحدٍ فيها، إلا أنها تقفُ بجانب المجتمع لتناشدَ المشرِّعَ بالتعجيلِ بالنظر في إقرار تشريعِ حظْرِ زواج الأطفال، وتجريم زواج القاصرات، وتغليظ عقوبة المتسبب فيه؛ إيمانًا منها بخطورة هذه الوقائع، وخطورة تداعياتها على المرأة خاصَّةً، والمجتمع عامةً. 

كما تهيب النيابة العامة إلى الالتزام كذلك بما أكدته تلك المؤسساتُ وأقرّتْهُ من ضرورة التمسك بما ثبت في التراث الفقهي الإسلامي بشأن «معيار الإطاقة» في الزواج الذي يتحدد بحسب العرف والزمان والمكان، هذا المعيار الذي لا يُكتفى بموجبه في الزواج بالبلوغ أو الحيض، فهو ليس مبررًا أو مبيحًا لتزويج الفتيات القاصرات حتى لو وافق أولياؤهن، بل لا بدَّ من إطاقة مادية وجسدية ومعنوية ونفسية وثقافية لها حتى تَصلح لأن تفتحَ بيتًا، وتعين زوجًا، وتربيَ أولادًا نافعين للمجتمع، فهذا المعيار يُبطل كل دعاوى الزواج لمجرد البلوغ، ومن غيره تُظلم الفتيات حتى لو رضِينَ أو رضِيَ أولياؤهن، مما يوجب التجريم كما وجب التحريم.

رسالة مهمة من النيابة العامة للأزهر الشريف والإفتاء في واقعة فتاة الشرقية

رسالة مهمة من النيابة العامة للأزهر الشريف والإفتاء في واقعة فتاة الشرقية
ads