راندا الهادي تكتب: ماذا لو .. كنتَ (بلاستيك)؟!
سؤالٌ مهم ومُغرٍ لمعرفة الإجابة: ماذا لو كنتَ كيسا بلاستيكيا؟! ليس المهم اللون أو الشكل أو الحجم، المهم المادة نفسها (البلاستيك)!!
ببساطة ستضمن الحياة لمدةٍ تتراوح بين ٤٠٠
لـ ألف سنة على سطح الأرض هذا أولًا، وثانيا وهو الأهم ستسافر مع كل نسمة هواء
آلافَ الكيلومترات دون الحاجة لبنزين أو تذكرة طيران وخلافه!! الألطف لو كنتَ كيسا
بلاستيكيا وتحب البحرَ وأجواءَ الغوص والشعاب المرجانية، ستجد هناك العزوة والونس؛ حيث توجد مستعمرات
بالملايين من الأكياس البلاستيكية!!
ما هذا الكلام المجنون؟!! أعلمُ أن هذا ما يدور في خاطرك الآن، لكنْ لم أصِلْ بعدُ لهذه المرحلة - ولله الحمد -، القصة وما فيها أني صُدمت من كارثة استخدامنا للأكياس البلاستيكية، وتهديدها للحياة على كوكب الأرض، وللعلم، كل ما ذكرتُه في حديثي السابق حقيقة علمية مئة بالمئة، أثبتتها العديدُ من الدراسات التي تم إجراؤها في دول كثيرة على مستوى العالم ومنهم بلدنا الجميلة مصر .
هل تعلمون أن الكيس البلاستيك الذي نحمله
ليل نهار في السوبر ماركت أو الصيدلية أو المخبز وخلافه، أطولُ عُمرًا منا؟! حيث
يظل في البيئة ما يزيد على ٤٠٠ عام حتى يتحلل، وقبل هذا يأخد في طريقه حيواتٍ
كثيرة لنباتات وحيوانات برية وبحرية، فضلا عن التلوث البصري لانتشار هذه الأكياس
في الغابات وبين الحشائش وعلى شواطئ البحار .
وفي مصر أعلن الدكتور حسام علام، مدير
برنامج النمو المستدام بمركز البيئة والتنمية للإقليم العربى وأوروبا
"سيدارى" أننا نستهلك ما يزيد على 14 مليار كيس بلاستيك سنويا، بتكلفة
تتراوح من 2 إلى 2,5 مليار جنيه، وهى تكلفة ضخمة نظرا لاستيراد المادة الخام للأكياس البلاستيك من الخارج.
ولعلنا لا ننسى مشكلة القناديل البحرية التى شهدتها الشواطىء المصرية خلال موسم الصيف الماضي، بسبب انخفاض أعداد السلاحف البحرية، لأنها بدلا من تناول القناديل تناولت الأكياس البلاستيك، وطبعا تضررُ الشعاب المرجانية من مخلفات البلاستيك، وتأثيره السلبي على سياحة الغوص.
أين الحل إذن؟! وزارة البيئة المصرية كان لها دور مهم بدعوتها للتقليل من استخدام الأكياس البلاستيكية واستبدالها بحاويات صديقة للبيئة، إلى جانب سن قانون يلزم بتقليل استخدام الأكياس البلاستيكية حتى منعها تماما في عام ٢٠٣٠م، وهنا قد ينفعل أحدهم ويقول: (طيب مِصَدَّعَة دماغنا ليه م الصبح على البلاستيك)؟! أجيبك بهدوء: لأن الأرض بالفعل تختنق من تلك الأكياس، والتحرك لمنع استخدامها بطيء، في مقابل الاستهلاك العالمي لها، ومن أجل ذلك التخوف ركزْ في الأسطر القادمة.
كمواطن:
_ قللْ _لأني أعلم أنه من الصعب الامتناع وفورا _ من استخدام الأكياس البلاستيك في السوبر ماركت والصيدلية والمخبز ، فبدلا من الرحيل بخمسة أو ستة أكياس محمول فيها مشترياتك، يكفيك اثنان أو واحد .
_ استخدم شنطة من القماش لتجميع مشترياتك أو ورق _ مع تحفظي على الورق وستعرفون لماذا؟ ولو من باب ضمان صحيّة المنتجات الغذائية والفواكه للاستخدام الآدمي ، لأن البحوث العلمية أثبتت تفاعل البلاستيك مع أي منتج غذائي يوضع بداخله.
لماذا التحفظ على الأكياس الورقية؟!
لأن إنتاجها يتسبب في تدمير آلاف الكيلومترات من الغابات سنويًّا التي تُستخدم في صناعة الورق، وهذا يمثل كارثة بيئية أكثر ضررًا من خطورة الأكياس البلاستيكية.
أما عن دور الدولة فلابد أن يكون أكثرَ حزما وصرامة، وأكيد الدافع لتحويل شرم الشيخ في شهور قليلة لمدينة صديقة للبيئة تحتفي الآن بcop27، قادر على سَنّ قوانين وفرض ضرائب على كل الأنشطة الملوثة للبيئة، على سبيل المثال: يدفع المستهلك ضريبةً عن كل كيس يأخذه في المحل، وتتحول أموالُ الضريبة إلى صندوق خاص لتمويل نشاطات صديقة للبيئة .
وللعلم هذه التجربة طبقتْها بالفعل العديد من الدول الأوروبية ومنها ايرلندا، فتقلَّص استعمال أكياس البلاستيك فيها بنسبة 90%، فضلا عن 9.6 مليون دولار تجمعت في الصندوق خلال فترة وجيزة.