إيفا بيرون.. ممثلة تحولت إلى ملهمة للمرأة الأرجنتينية
ماريا إيفا دوارتي دي بيرون، واسم الشهرة «إيفا أو إيفيتا»، ممثلة وسياسية أرجنتينية، تزوجت من الرئيس خوان بيرون عام 1945، ثم تولت رئاسة الأرجنتين من بعده، وكانت السيدة الأولى ورئيسة الحزب البيروني النسائي ورئيسة مؤسسة "إيفا بيرون" والزعيمة الروحية للأمة.
ولدت في 7 مايو 1919، في محافظة خونين على أطراف العاصمة الأرجنتينية
بوينيس آيريس، لأب ثري من ملاك مزارع المواشي، خوان دوارتي، وأم فقيرة، خوانا
إيبارغورين، التي لم تكن زوجته الرسمية، إلا أن العلاقة لم تستمر طويلاً.
هجر الأب عشيقته وأطفاله غير الشرعيين، وعاد إلى زوجته عندما كانت إيفا
لاتزال في عمر السنة، دون أن يترك لها سبيلاً للإنفاق على أطفالها، أجبرت خوانا
على الانتقال إلى منطقة فقيرة هي وأطفالها، وأن تجمع قوت يومها عبر الخياطة.
والدة إيفا كانت تسعى لأن تحظى بناتها بزواج مناسب، إلا أن إيفا كانت لها مخططات أخرى في عالم الفن والتمثيل، فكان بريق العاصمة يناديها، فقررت الهرب وهي لاتزال في الـ15 من العمر، عام 1934.
مع تنقل إيفا من علاقة حميمة إلى أخرى، تنقلت في الوقت ذاته من عمل إلى
آخر، حيث عملت كممثلة أفلام للراديو، والمسرح، وأخيراً ممثلة أفلام، وهي الفترة
التي قررت فيها تغيير لون شعرها الأسود إلى الأشقر.
صدفة العمل في مجال الفن
كان وقوع زلزال قوي في يناير 1944 في بلدة سان خوان، ووفاة 10 آلاف شخص،
سببا في أن يقيم وزير العمل آنذاك، العميد خوان بيرون، حفلاً لجمع التبرعات، الأمر
الذي كان لابد أن يجمع عددا من الفنانين والمشاهير لتحقيق الهدف، وهنا كان اللقاء
بين بيرون صاحب الـ48 عاماً، والشقراء الشابة إيفيتا صاحبة الـ 24 عاما، اللذين لم
يتركا بعضهما بعضاً منذ تلك اللحظة، التي انتهت بخروجهما من الحفل نحو الساعة
الثانية صباحاً معاً، وتزوجا بعد ذلك اللقاء بعام.
اقرأ أيضًا..
نانسي فيزر.. من الوعود بالأمن إلى انتقاد تنظيم قطر كأس العالم
كان وجود إيفا بيرون إلى جانب زوجها، وتركيزهما على كسب محبة الشعب من
الفقراء والعمال الذين كانوا يشكلون الغالبية في زمن ساد فيه الفقر والبطالة، أحد
أهم أسباب فوز بيرون برئاسة الأرجنتين عام 1946 بفوز ساحق، والتي ترشح لها بعد
خروجه من السجن؛ حيث حرصت على أن تكون إلى جانبه، وأحد أهم عناصر حملته الانتخابية.
أسست الحزب
البيرونى النسائي 1949 وتولت رئاسته حتى وفاتها، وساهمت بأنشطة اجتماعية مختلفة من
خلال مؤسسة «صندوق إيفا للأعمال الخيرية»، وأنشأت مؤسسة إيفا بيرون مستشفيات
وملاجئ ومدارس، وشجعت على السياحة الاجتماعية عن طريق إنشاء معسكرات لقضاء العُطلات
الصيفية، وحثت الأطفال على الرياضة عن طريق عمل بطولات ومسابقات رياضية التي احتوت
جميع سكان البلدة.
وفرت مِنَحًا للطلبة ومساعدات للسكن ودعمت المرأة في مجالات عدة، وكان لها دور فعال في
النضال من أجل الحُقوق الاجتماعية والعُمالية، وكانت الوصلة بين زوجها بيرون
والنقابات.
في عام 1951
وفي أول انتخابات رئاسية بتصويت عالمى؛ اقترحت الحركة العُمالية على إيفيتا – كما
كانوا يسمونها في بلدتها – الترشح لمنصب نائب الرئيس على الرغم من أنها عدلت عن
ترشحها في 31 أغسطس – المعروف بيوم التنازل – مضغوطةً بالصراعات الداخلية بين
البيرونية والمُجتمع أمام احتمالية وصول امرأة مُدَعَّمة من النِقابيين إلى منصب
نائب الرئيس.
جولة أوروبية
تحولت الجولة التي قامت بها إيفا بيرون وزوجها الرئيس حول أوروبا، إلى
واحدة من أشهر الجولات، كما كانت سبباً في أن تظهر السيدة الأولى للأرجنتين للمرة
الأولى على غلاف مجلة «تايمز»، كما أنها تحولت إلى واحدة من أكثر سيدات العالم
السياسي لفتاً للنظر.
كانت قادرة على إحداث التأثير الإيجابي من خلال أعمال خيرية عديدة، وقدوة
في تحويل المرأة الأرجنتينية من مجرد تابع إلى صوت حقيقي له حق الانتخاب.
استطاعت إيفا بيرون أن تتحول إلى ملهمة الشعب الأرجنتيني لعقود طويلة،
ولاتزال الشقراء الملقبة بـ«إيفيتا» رمزاً لقوة المرأة الأرجنتينية وشجاعتها حتى
يومنا هذا، حاملة لقب «القائدة الروحية للأمة»، وإحدى الشخصيات التي كان لها تأثير
لن يتكرر على عموم شعبها.
مرض غير متوقع
كان مرض إيفا غير المتوقع، واكتشاف إصابتها بالسرطان، وتدهور صحتها السريع،
صدمة للشعب الأرجنتيني، وعلى الرغم من أنها كانت قد رشّحت نفسها لمنصب نائبة
الرئيس، إلا أن انتكاس حالتها الشديد كان سبباً في إعلان انسحابها من الترشح.
كان إعلان وفاة السيدة الأولى للأرجنتين عن 32 عاما، خبراً صادماً على الشعب؛
حيث بدأت الجموع بالتجمهر أمام مقر الرئاسة، في زحام شديد زاد على أكثر من 20
كيلومتراً مربعاً، في تدافع شديد تُوفي وأصيب بسببه العشرات.