زيني بيتك بالقمامة.. طريقة موفرة لتحويل المخلفات لأعمال فنية
يعتقد الكثيرون أن استخدام النفايات أو الأشياء القديمة
والمستعملة سلوك لا يقوم به سوى الفقراء ومن يحبون توفير المال، إلا أن هناك
أشخاصاً يرون أن إعادة تدوير تلك النفايات واستخدامها مجدداً ضرورة لخلق حياة
مستدامة، بالإضافة إلى الوفرة المادية، كما يؤكدون على أن إعادة التدوير ستكون
ضرورةً وإجباراً في المستقبل، في ظل ارتفاع نسب تلوث البيئة جراء النفايات، خاصةً
البلاستيكية منها.
ومن المتوقع أنه بحلول عام 2050 ستصبح النفايات
البلاستيكية في محيطات العالم أكثر من الأسماك، وفق ما ذكره تقرير صادر عن الصندوق
العالمي للطبيعة (WWF) مارس الماضي، وتأتي مصر بين أكثر الدول المساهمة في تلك
الأزمة ضمن جميع دول البحر الأبيض المتوسط بنسبة بلغت 42.5%.
كما أن مصر تحتل المركز العاشر عالمياً في إنتاج النفايات البلاستيكية بنحو 5.46 مليون طن سنوياً، وتتصدر المركز الأول عربياً وفقاً للعديد من الدراسات.
ويعرف مصطلح إعادة التدوير (Recycling)
بأنّه عبارة عن جمع المواد المُستخدَمة، وتحويلها إلى
مواد خام، ثمّ إعادة إنتاجها مجدداً لتصبح مواد قابلة للاستخدام، ويُمكن أن يشمل
مفهوم إعادة التدوير أي شيء قديم يُمكن استخدامه من جديد، وبمعنى آخر هو عملية يتم
من خلالها الاستفادة من المواد غير الصالحة والتي تُعدّ مخلفات وإدخالها في عمليات
الإنتاج والتصنيع الجديدة.
وقد يبدو هذا المفهوم كأحد المفاهيم الحديثة التي ارتبطت
بالمبادرات التي تدعو للمحافظة على البيئة في سبعينيات القرن العشرين، إلا أنه وفي
الحقيقة قد تمّ استخدامه قديماً بطريقة ما منذ آلاف السنين، وقد برز مفهوم إعادة
التدوير في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين؛ بسبب الكساد الاقتصادي
الذي حدث في ذلك الوقت، فقد كانت تتم إعادة تدوير بعض المواد؛ كالنايلون، والمطاط،
والمعادن.
ولادة "بازار هدير"
قمامة شخص هي كنز لشخص آخر، فوسط النفايات والمواد
القديمة المهملة، وجدت هدير الشاذلي (31عاماً) شغفها بتحويلها لتلك المهملات إلى
منتجات قابلة للاستخدام مجدداً، ووجدت في ذلك أسلوب حياة يحافظ علي البيئة ويوفر
أموالها، بالإضافة إلى إنتاج أعمال فنية يدوية لها أشكال عصرية تجذب العملاء وتجني
منها أرباحاً.
الشاذلي، والتي تعمل منظمة حفلات لدى إحدى الشركات المصرية، تقول في حديثها إن شغفها بإعادة التدوير بدأ بعد الزواج؛ حيث أصبحت مسؤولة عن ترتيب وتنظيم منزلها، ولاحظت كمّ النفايات التي يجب عليها التخلص منها؛ ليبقى المنزل نظيفاً منظماً. وهذا ما دفعها إلى البحث عن طرق وأساليب لإعادة تدوير تلك النفايات؛ لذلك قررت إنشاء حساب على موقع إنستجرام تقدم عبره نصائح توعوية بأهمية تقليل النفايات، كما تشارك فيه تجارب إعادة التدوير لتشجيع غيرها.
اقرأ
أيضًا..
التعليم العالي: بحوث الإلكترونيات ومركز "سيداري" يوقعان عقدًا بشأن إعادة تدوير النفايات
رحلة ممتعة ومستدامة
تتابع في سرد عملية تنفيذ المنتجات، قائلة: "أحرص
على استغلال كل شيء واستخدامه مرة أخرى بدلا من رميه، فأقوم بشراء مستلزمات لإعادة
التدوير، وأحرص أن تكون محلية الصنع، ومصنوعة من مواد صديقة للبيئة، وأبتعد تمامًا
عن المنتجات البلاستيكية. وغالبًا ما تكون هذه المستلزمات متمثلة في الخيوط
والأقمشة الملونة والخرز الخشبي والأوراق.. إلخ، فباستخدام هذه الأشياء البسيطة
يمكنني تحويل إناء مكسور إلى زهرية، أو علبة لبن فارغة إلى إناء للزرع أو حافظة
للأقلام.
وتؤكد الشاذلي أن منتجاتها تتميز بالتصميم الجذاب وتنوع
الأشكال، بالإضافة إلى أن أسعارها في متناول الجميع، كما أنها تسعى دومًا لتصحيح
اعتقاد الناس الخاطئ بأن المنتج المعاد تدويره منتج هش أو ضعيف، من خلال حرصها أن
تكون المنتجات ذات جودة عالية.
وتشارك صاحبة المبادرة بمنتجاتها المعاد تدويرها
والصديقة للبيئة في المهرجانات التسويقية، وهي خطوة أقدمت عليها بعد تردد كبير؛
حيث كانت قلقة من عدم تقبل الناس لشراء منتج معاد تدويره. تقول: "قلقت كثيرًا
جراء موقف الناس تجاه منتجاتي، خاصة أن معظم الناس ينظرون للمنتج المعاد تدويره
بدونية، معتقدين أنه منتج هش وسيتلف سريعًا، إلا أن ما حدث كان مخالفًا لتوقعاتي،
فالناس عندما أدركوا جودة المنتجات واستوعبوا فكرتها أحبوها واشتروا، بل وتلقيت
طلبات من بعض الزبائن بإعادة تدوير أشياء يقتنوها لكي يستطيعوا استخدامها مجددا".
اقرأ
أيضًا..
مع اقتراب الشتاء.. وفري واتعلمي إعادة تدوير الملابس القديمة
أكثر استدامة وتوفيراً
وبعد خمس سنوات من اتباع مبدأ إعادة التدوير، ترى هدير
تأثير ذلك على حياتها، فهي تشعر بأن منزلها مميز وفريد بديكوراته التي صنعتها
بنفسها، كما أن نفاياتها أقل، ولا تحتاج لشراء الكثير من المنتجات الجديدة؛ مما
يجعلها تشعر بالوفرة المادية التي تمكنها من الاستمتاع في حياتها.
وتقول الشاذلي إنها بصدد عمل ورش لتعليم السيدات والأطفال
كيفية الحفاظ على البيئة، وتقليل النفايات إلى أدنى حد ممكن عن طريق إعادة تدويرها
وتوظيفها في أعمال يدوية؛ لتستفيد منها ربات البيوت، وتضفي حسًّا وجمالًا إلى
المنزل. كما تطمح لتدشين حملات توعوية بأضرار النفايات البلاستيكية بالتعاون مع
عدد من المدارس والنوادي والشركات المختلفة، واختتمت حديثها برغبتها في تعميم
اتخاذ مبدأ إعادة التدوير لتقليل النفايات، ومن ثم المساهمة في الحفاظ على البيئة.