السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

من قصاقيص الحب عند العرب.. هذا ما حدث بين جميل وبثينة

الخميس 27/أكتوبر/2022 - 07:42 م
جميل بثينة
جميل بثينة

كان العرب قديما من أكثر الجنسيات على الأرض تعرف معنى الحب، فقد تعددت قصص الحب بين شباب وبنات العرب سواء في الجاهلية أو في عصر صدر الإسلام، حتى أن الأدباء اشتقوا نوعا من الغزل وأطلقوا عليه الغزل العذري أو البدوي.

وسبب التسمية هي أنه منتسب لقبيلة عذرة، التي اشتهرت بين العرب برقة الإحساس وكثره العشاق الصادقين في حبهم حتى أن بعضهم كان يموت حبًا، فأصبح الغزل العذري اسمًا على كل شعر يصف عاطفة الحب الصادق.


ثم انتشر وشاع الحب العذري هذا عند القبائل، ومنهم بنو عامر الذي نشأ في كنفهم قيس بن الملوح، لكن ترجع بدايات هذا الغزل إلى العصر الجاهلي الذي انتشر في نهاياته.

ولنا في قصص الحب عند هذه القبيلة وقفة، حيث سنخصص هذا الركن للحديث عن قصص الحب العذري لمشاهير العرب من زمن الجاهلية وحتى العصر الحديث، وستكون معنا اليوم قصة الحب الشهيرة بين جميل وبثينة.


من هما جميل وبثينة؟

هو جميل بن عبد الله بن معمر العذري القضاعي، ويلقب بأبو عمرو، ينتسب إلى قبيلة عذرة، ويلقب بجميل بثينة، ولد في العام 659م، وهو شاعر من شعراء العرب المعروفين، ومن عشاق العرب المشهورين.

كان فصيحًا مقدمًا جامعًا للشعر والرواية، وكان في أول أمره راويا لشعر هدبة بن خشرم، كما كان كثير العزة والكرم، وسبب لقبه بجميل بثينة لحبه الشديد لبثينة بنت حيان.

وينتسب جميل بن معمر إلى قبيلة عذرة وهي بطن من قضاعة من شعراء العصر الأموي، وكان جميلا حسن الخلقة، كريم النفس، باسلاً، جوادًا، شاعرًا، مطبوعًا، مرهف الحس رقيق المشاعر.

أما حبيبته وصاحبته هي الشاعرة العربية بثينة بنت حيان بن ثعلبة بن الهوذ بن الأحب بن ربيعة بن حرام العذرية، وكانت تُكنى أم عبد الملك والتي انطلق يقول فيها جميل الشعر حتى وفاته.

ورغم قصة الحب والشعر الملتهب بينهما، إلا أنها لم تتزوج جميل بن معمر، وإنما تزوجت نبيه بن الأسود العذري، والد سعيد بن الأسود، وكان صديقا لوالدها تعرف عليه في أحد الأسفار فطلب منه بثينة فوافق وتزوجها.

وكان جميل شاعر مفتون بحب بثينة بنت حيان لدرجة أن أغلب قصائده كانت تتمحور حولها من شدة محبته لها وحزنه على عدم الزواج منها، حيث رفضه أبيها وتزوجها نبيه بن الأسود، فازداد جميل هياما بها.


قصة حبهما

كانت بداية قصة الحب بينهما غريبة، فقد نشأت بينهما قصة الحب بعد مشاجرة دبت بينهما بسبب أبل لجميل كانت ترعى في الشعاب بوادي بغيض بالقرب من المدينة المنورة، في العصر الأموي.

وقد كان جميل قد سرح الإبل لترعى في الشعاب، بينما اضطجع هو واتته سنة من النوم فغفل عنها، فرأتها بثينة وقد اقتربت من إبل لها كانت ترعاها في نفس الوادي مع ابنة جيران لها.

فلما رأتها قامت تضرب الإبل مع رفيقتها، فتنبه لها جميل فسبها وسبته وتبادلا الشتائم، ولكن سبابها للأسف أستعذبه جميل، ووقع في نفسه، حتى أنه ذكر هذا السباب في قصائده.

ولما وصل خبر المشاجرة التي دارت بينهما إلى الأهل، هب كل من الأسر على الذهاب لموقع المشاجرة لنجدة المتشاجرين، وهنا كانت المفاجأة، حيث عرف جميل وبثينة أنهما أقارب وأبناء عمومة، وبسبب خصومة بين الأسرتين كانوا لا يعرفون بعضهما.

من هنا تعلق جميل ببثينة، وأصبحا يلتقيان في الوديان وهما يرعيان الإبل، ونشأت بينهما قصة حب ملتهبة، وراح جميل يذكرها في أشعاره ويتحدث عنها وعن انتظاره الليل بطوله حتى يلتقيها في الصباح.


رفض الحبيب

لما علم والد بثينة بما يدور بينها وبين جميل، عزم على ألا تخرج لرعي الإبل مرة أخرى، وكان جميل قد وقع في حب بثينة وأولع قلبه بها، فلما علم بما حدث لها، عزم على أن يتقدم لها فيخطبها.

ونظرا لما كان بين والدها ووالده، فرفض تزويجهما، كما أنه خاف أن يزوجها لها فتتحدث القبائل العربية عن هذا الزواج ويقولون بأن والدها زوجها لمن شعر بها، ليستر عارًا أتت به.

وكان قد تعرف والدها على بن الأسود وكان رجلا ثريا وذو شأن في قبيلته، فزوجها له، وظل جميل بعدما تم تزويجها يلاحقها بشعره، ويتربص الفرص لغياب زوجها، فيجلس أمام خيمتها ليراها.

 وذات يوم رأته بثينة فبكت وجرت نحوه تحتضنه، وطلبت منه أن يلتقيها في أماكن اعتادا على التلاقي بها، وكانت تراسله وتواعده وتطلب من جاريتها أن تعينها على لقائه، فعلم زوجها نبيه بن الأسود فشكاه للخليفة وحبسه، كما دفع ذلك أهلها للتربص لقتل جميل في كثير من الأحيان، إلا أن جميل بن معمر كان يواجه أهلها ويقاتلهم وأعلن عدم خوفه من أحد منهم، وقيل بأن الخليفة مروان بن الحكم هدد جميل بقطع لسانه.


 لقاء الوداع

للأسف ورغم كل المحاولات التي قام بها زوج بثينة وعائلتها والخليفة الأموي مروان بن الحكم ولم تفلح، وظل جميل وبثينة على حالهما، وقد أصاب أهل بثينة اليأس، ولم يجدوا بدًا من الإساءة لسمعته بما أصدروه من إشاعات مغرضة تقول إنّه يلاحق أمَة لهم وأن ابنتهم بثينة لا صلة لها به بعد زواجها، محاولين بذلك تبرئة بثينة.

فأثار ذلك الحزن في نفس بثينة وعزمت على مفارقته رغم ما تكنه في قرارة نفسها من حب له، وكان جميل قد واعد بثينة يوما في مكان يقال له برقاء ذي ضال، فأخذهما الحديث والسمر طوال الليل حتى جاء وقت السحر طلب منها أن ترقد فتوسدت يده ونامت.

وتسلل جميل بخفة عند الصبح بينما بثينة لا تزال نائمة عند مناخ راحلته فرآها القوم وأدركت بثينة ما أراده جميل بها فهجرته ولم ترجع إليه، ولما يئس جميل من لقاء بثينة سافر إلى مصر، وهناك مرض جميل وتوفي.

ولما بلغ خبر وفاته بثينة خرجت مع نساء من قومها وكانت أطولهن قامة وأخذت تتخبط في عباءتها وتتعثر حتى وقعت على وجهها فأخذت تندبه هي وبنات الحي اللاتي اجتمعن معها حتى وقعت مغشيًا عليها، وكان ذلك في عام 701م، 82هـ.

ads