علياء نجاح تكتب: تتساقط الأشخاص كأوراق الشجر
كثيرون هم من يدخلون حياتنا، ربما تجمعنا بهم
الطرقات صدفة أو مكان عمل، وربما دراسة أو حتى ظروف وآلام متشابهة.
الحياة بطبعها كموج البحر، لا تعلم متى يغدر
ولا من أين يأت الغدر، كالأشخاص تمامًا لا تعلم من أين تأتي الصفعة التى تترك
أثرها على قلبك الرقيق المتسامح أبدا.
يا صديقي عليك توخي الحذر.. فالحياة مثل قاع
البحر تملؤه جيوش من الأسماك المختلفة في أشكالها وطباعها أيضًا، وكلما توغلت إلى
الأعماق صادفت أشرسهم وأطغاهم.
ربما تجذبك أشكالهم وألوانهم الزاهية.. ولكن
احذر إنه فخ، لا يقع فيه سوى أصحاب القلوب الملائكية مثلك.
سمعت عن زمن الثمانينيات والتسعينيات أن
القلوب فيه كانت مليئة بالحب والوفاء، كان عصرًا شعاره التضحية وكلمة رفيق لا
تضاهيها جميع المعاني، وكأن للعشق والإخلاص محكمة ذات قوانين صارمة تطبق على كل من
يتخلف عن قواعد الصداقة الأبدية.
كان الخل على قلب خليله يتقاسمان الخبز
والآلام أيضًا وكانت الخيانة لا تسلك لهما طريقًا أبدا.
ها نحن هنا في عام 2022 في زمن الحب على
السوشيال ميديا، فالعلاقات تبدأ وتنتهي إلكترونيًا، وربما تظهر العلاقات على
المواقع متسمة بالحب والوفاء والكلمات المزيفة.. والمحادثات الخاصة يملؤها العنف
والجفاف من قلة الحديث.
في زمننا أصبح الخليل يدهس قلب خليله دون
شفقة، وربما يستعين بأعدائه ليتآمرون عليه لكي يأخذ ميدالية أمهر بطلا في الغدر
والخيانة.
أتريد نصيحتي؟.. دعني أعلمك بعض الأشياء
الصغيرة.. لا تجعل نفسك تهُون عليك، لها عليك حق.. لا تجعلها تركض وراء القلوب
المزيفة التي لا تسلك للود طريقًا.
الأشخاص دائمًا يرحلون ويتركوننا وأوجاعنا..
فيتساقط عزيز تلو الآخر ولكن الآلام تبقى للأبد، عندما نعزم على بقائهم وحبهم لنا،
يأتي خريفهم ليأخذهم معه بعيداً، ربما يفرقنا خلاف أو فتنة أو قلة أصل غلبت على
وجوههم المزيفة، ربما يرحلون بدون أسباب أو حتى بأسباب ليس لها تبرير، ربما يأخذهم
الموت وتصعد أرواحهم إلى السماء.
تعددت الأسباب والنتيجة واحدة.. هي أننا
نقتل كل لحظة بآلام "الفقد"..
كيف نشفى من تلك الآلام!!..
الأمر بسيط جداً.. فقط عليك أن تتوقع الغدر
في أي لحظة ومن أي عزيز يختر لك الآن وأنت تقرأ وتقول "مستحيل أن يفعلها هذا
الشخص".. لا أريد إحباطك ولكن هذه هي الدنيا، لا يوجد فيها ضمان لبقاء أحد..
عليك الاكتفاء بذاتك، والفخر بها، واجعلها عزيزة دائمًا، ولا تسمح لأحد أن يهينها،
فهي لك أنت، وأنت لها، فالحياة ليست شخصًا يكملنا، فنحن من نكمل الآخر دون أن
ينقصنا شيء.