ليلى العامرية.. «أيقونة العاشقين» التي منحت قيس لقب «المجنون»
جميعنا نعرف قصة قيس بن الملوح ومحبوبته ليلى،
التي هام بها ابن عمها حبا، وطلبها من أبيها ورفض تزويجها له، حتى جن بها وصار
يقبل جدران ديار ليلى.
وكانت حبيبته ليلى هي سبب جنونه وذهاب عقله، رغم أن ليلى
لم تكن إلا راعية للأغنام، ولم تكن جميلة كباقي بنات قبيلتها بنات هوازن والتي كان
يضرب المثل بجمالهن.
شخصية اليوم هي أيقونة العاشقين وضريح المحبين، بطلة
قصص الحب والدلال، صاحبة أكثر قصة حب عرفها التاريخ، إنها ليلى العامرية محبوبة
قيس.
من هي ليلى
لمن لا يعرف، فإن قصة قيس وليلى لم تحدث في الجاهلية،
فأغلب الناس، يظنون أن قصة
حب قيس وليلى حدثت في ديار العرب في الجاهلية، لكن الحقيقة أنها لم تحدث في زمن
الجاهلية.
بل حدثت في عهد الخلافة الراشدة وتحديدا في زمن الخليفة
عثمان بن عفان رضي الله عنه، وامتدت حتى الخلافة الأموية، وحدثت في ديار بنو عامر
والتي كانت مقرها بمنطقة حاليا أسمها الأفلاج بالعاصمة السعودية الرياض.
هي ليلى بنت مهدي بن سعد بن مزاحم بن عدس بن ربيعة بن جعده
بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن
خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، العامري الهوازني، ولدت سنة 28
هجريا في أرض نجد.
تنتمي لقبيلة هوازن إحدى قبائل العرب وهم بنو هوازن بن منصور
بن عكرمه بن خصفه بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان من ذرية قيدار بن إسماعيل
بن إبراهيم، وهم أصل العرب العاربة.
المحبوب قيس
أما عن محبوبها ليلى قيس، فهو قيس بن الملوح بن مزاحم بن عدس
بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، والذي لقب بمجنون ليلى، ولد
في عام 24 هجريا، وهو شاعر غزل عربي، من المتيمين بمحبوباتهم، وهومن أهل نجد نفس
ديار ليلى.
عاش قيس بن الملوح في فترة الخلافة الراشدة في عهد
الخليفة عثمان بن عفان، ثم عاش أيضا في زمن خلافة مروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان
في القرن الأول من الهجرة في بادية العرب.
لم يكن مجنونا كما يطلقون عليه بمجنون ليلى، وإنما لقب بذلك
لهيامه في حب ليلى العامرية التي نشأ معها وعشقها، فرفض أهلها ان يزوجوها به، فهام
على وجهه ينشد الأشعار ويأنس بالوحوش والبراري والصحاري يتغنى بحبه العذري لليلى، فيراه
الناس أحيانا في الشام، وأحيانا في نجد وأحيانا في الحجاز.
وهو أحد القيسين الشاعرين المتيمين، حيث كان هناك قيس
آخر وهو قيس بن ذريح وكانت أيضا محبوبته أسمها ليلى، ولقب أيضا "بمجنون ليلى"،
ولكن الخلاف أن مجنوننا قيس بن الملوح قد مرض بحب ليلى وهام بها ولم يعرف له مكان،
حتى وجدوه ميتا بين أحجار ضخمة كان يجلس بينها من حر الصحراء، في عام 68 هـ.
قصتهما الأبدية
أحب قيس بن الملوح، ابنة عمه ليلى بنت سعد
العامري، حيث نشأ معها وتربيا وكبرا سويا، وكانا يرعيان أغنام أهليهما فأحب كل منهما الآخر وكانا رفيقين في الطفولة والصبا، فمنذ صغرهما وهما معا يرعيان طوال النهار
وبالليل يعودان، فعشقها وهام بها.
وكما
هي العادة في البادية، عندما كبرت ليلى قرر أبوها ألا يرسلها للرعي مرة أخرى، فحجبت
عنه، فكان يخرج لوحده ويمر على المناطق التي رعيا فيها معا، فكان يخاطب نفسه
ويتحدث مع غنمه عليها، وقد اشتد به الوجد يتذكر أيام الصبا البريئة ويتمنى لها أن تعود
كما كانت لينعم بالحياة جوارها.
وهكذا
هام قيس على وجهه ينشد الأشعار والقصائد في حب ابنة عمه، ويتغزل بها، ففكر أن يذهب
ويتقدم لخطبتها، فتقدم قيس لعمه طالبا يد ليلى بعد أن جمع لها مهرًا كبيرًا، وقدم لها
خمسين ناقة حمراء.
رفض
أبيها أن يزوجها إليه، بسبب أشعاره وقصائده التي كان الناس يتردد بها، حيث كانت العادة
عند العرب تأبى تزويج من ذاع صيتهم بالحب وقد تغزل بها في شعره.
لكن
البعض من المؤرخين أرجعوا رفض الزواج، بسبب خلاف وقع بين والد قيس ووالد ليلى حول أموال
وميراث بينهما، وأن والد ليلى ظن خطأ أن عائلة قيس سرقت أمواله منه ولم يبق معه شيء
ليطعم أهله.
وفي
نفس الوقت تقدم لليلى خاطب آخر من ثقيف يدعى ورد بن العقيلي، وقدم لها 10 من الإبل
وراعيها، فاغتنم والد ليلى الفرصة وزوجها لهذا الرجل رغما عنها.
ورحلت
ليلى مع زوجها إلى الطائف، بعيدا عن حبيبها ومجنونها قيس، ويقال إنه حين تقدم لها الخطيبان
قال أهلها: نحن مخيروها بينكما، فمن اختارت تزوجته، ثم دخلوا إليها فقالوا: والله لئن
لم تختار وردا لنقتلنك، فاختارت وردا وتزوجته رغما عنها.
فهام
قيس على وجهه في البراري والصحاري، ينشد الشعر والقصيد ويأنس بالوحوش ويتغنى بحبه العذري،
فيرى أحيانا في الشام وأحيانا في نجد وأحيانا في أطراف الحجاز، إلى أن وجد ملقى بين
أحجار ضخمة وهو ميت.
صور من حب قيس لليلى
من
صور حب قيس، أنه مر يومًا على ناقة له بامرأة من قومه وعليه حلتان من حلل الملوك، وعندها
نسوة يتحدثن، فأعجبهن، فاستنزلنه للمحادثة، فنزل وعقر لهن ناقته وأقام معهن طول اليوم.
وجاءته
ليلى لتمسك معه اللحم، فجعل يقطع في كفيده وهو ينظر اليها حتى جرح كفه وهو لا يشعر،
فضربت السكينة من يده، ثم قال لها: ألا تأكلين الشواء؟ قالت: نعم، فوضع قطعة من اللحم
على النار، وأقبل يحادثها، فقالت له: انظر إلى اللحم، هل استوى أم لا؟ فمد يده إلى
الجمر، وجعل يقلب بها اللحم، فاحترقت ولم يشعر، فقطعت طرحتها ثم شدت يده.
وروي
أن أبا قيس ذهب به إلى الحج لكي يدعو الله أن يشفيه مما ألم به من حب ليلى، وقال له: "تعلق بأستار الكعبة وادع الله أن يشفيك من حبها، فذهب قيس وتعلق بأستار الكعبة وقال:
"اللهم زدني لليلى حبا وبها كلفا ولا تنسني ذكرها أبدا".
وروي
أن قيس قد ذهب إلى ورد زوج ليلى في يوم شديد البرودة، وكان جالسا مع كبار قومه حيث
أوقدوا النار للتدفئة، فأنشده قيس قائلًا:
بربّك
هل ضممت إليك ليلى ... قبيل الصبح أو قبلت فاها
فقال له ورد: أما إذ حلّفتني فنعم، فقبض قيس بيديه على النار ولم يتركها حتى سقط مغشيا عليه.