بلقيس بنت الهدهاد.. الملكة العربية التي تربت بين قبائل الجن وأحبها النبي سليمان

شخصيتنا اليوم هي ملكة عربية جميلة، لقبت بـ"كيلوباترا" مملكة سبأ، أتخذها اليمنيون حتى وقتنا هذا رمزا للعزة والفخر والكرامة، أحبها النبي سليمان الحكيم بن داوود عليهما السلام، وكانت له قصة معها، كان بطلها طائر الهدهد.

إنها الملكة بلقيس بنت الهدهاد، ملكة مملكة سبأ اليمنية والتي كانت تضم فيها اليمن والحبشة، وقد ورثت الملك عن أبيها الهدهاد بن شرحبيل، وكان ملكان على سبأ أيضا، وتروي كتب الأثر أن أمها كانت من قبائل الجن.

من هي بلقيس

هي بلقيس بنت شراحيل الهدهاد بن شرحبيل، ملكة مملكة سبأ وحكمت اليمن تسع سنين، ثم كانت خليفةً عليها من قبل سليمان بن داود أربع سنوات أخرى.

والدها هو الهدهاد بن شرحبيل رجل شجاع حازم ومؤسس مملكة سبأ اليمنية إحدى ممالك العالم القديم في القرن التاسع قبل الميلاد، وكان اسم سبأ لقبيلة كبيرة تسكن في اليمن، فجمعت معها القبائل واتخذت المملكة اسمها.

قصة ولادتها من أمها الجنية

تروي كتب الأثر أنه لما ولي الهدهاد بن شرحبيل أمر قبيلة سبأ، زحف إليه عمرو ذو الأذعار وتقاتلوا بموضع معروف باليمن فتحاربوا، فخرج الهدهاد على ناقة في زي أعرابي حتى وصل إلى عساكر عمرو ذي الاذعار، فطاف به وسمع ما يتوعدون به فعزم على لقاء عمرو.

فانصرف الهدهاد حتى بلغ إلى تلة فنظر إلى شجاع أسود عظيم هارب معه عبيد، فاقتتلا حتى غلبه، فأخذه معه ودخل على شعب كبير فاختفى فيه، فبينما هو مستتر بشجرة، سمع كلاماً فوجد أنه نفر من الجان، فقالوا له: عمت صباحاً يا هدهاد.

فجلس معهم وقالوا له: أتدري من نحن؟ قال: لا، قالوا: نحن من الجن ولك عندنا يد عظيمة، قال لهم: وما هي؟ قالوا له: هذا الفتى أخونا من أبناء ملوكنا هرب له غلام وهو معك الآن، فنظر في وجهه فوجد آثار خدش.

فقال له: أنت هو، قال: نعم، فقال نفر الجن: ما جزاؤك عندنا يا هدهاد إلا أن نزوجك بأختنا وهي جميلة واسمها رواحة بنت سكن، فزوجوه إياها، وقالوا له: لها عليك شرط لا تسألها عن شيء تفعله مما تستنكر منها، فإن سألتها فهو فراقها، فوافق، قالوا له ارجع إلى قصرك بينون فإنها تأتيك ليلة كذا.

فرجع الهدهاد لبيته، فجلس في الليلة التي أمروه أن يجلس فيها مرتقبا، حتى أتوا بها إليه فأدخلوها عليه وأولدها ولداً ذكراً.

فلما شب وصار ابن سنة، فبينما هو يلاعبه اذ أقبلت كلبة من باب المجلس فأخذت بالطفل وجرته حتى ذهبت به عنه فغابت، فتذكر شرط إخوة زوجته فنظر إليها وسكتا.

ثم ولدت أنثى، فلما صارت في سن عام حدث معه مثلما حدث مع أخيها، وصار هكذا حتى تحدث معها وقال لها: يا رواحة، قالت له: كيف؟ قال لها: أكف ما نال قومك من الأطفال؟ فقالت له: فارقتك يا هدهاد.

ثم اخبرته بأن هناك من يرعاهم ويربيهم أحسن تربية، حتى يبلغوا خمس سنين فيأتوك أنقياء، ثم قات له: أما ابنك الأول فقد مات، وأما الآخر فإنه يأتيك وسوف يموت أيضا، وأما ابنتك فإنها تأتيك وتعيش لك، ثم ذهبت عنه بعدها ووجد في الفراش ابنه وبنته بلقيس، فمات الصبي وعاشت بلقيس.

توليها عرش مملكة بلقيس

عاش الهدهاد في الملك مدة عشرين سنة، فلما حضرته الوفاة أحضر جميع وجوه حمير وبني قحطان وأبناء ملوكهم وأهل المشورة، فقال: يا بني قحطان أما أنكم تعلمون فضل رأي بلقيس علي فإنها لا تخطئ ما تشير به عليكم كيف تجدون بركة رأيها؟ قالوا: نعم قال: وإنها أعقل النساء والرجال، قالوا: نعم قال: فاني استخلفها عليكم، فقالوا: سمعنا وأطعنا أيها الملك، فمات الهدهاد وولي الملك بلقيس.

قصتها مع سليمان النبي

بعد وفاة أبيها تولت بلقيس أمر المملكة، وانقادت لها ملوك حمير، وزحفت بالجيوش إلى بابل وفارس والعراق، وأخضعتها وولت عليها أمراء، ثم عادت إلى اليمن فاتخدتها ممكلة تدير من خلالها شوؤنها في اليمن وخارجها.

وفي يوم من الايام زارهم هدهد كان يطوف بالبلاد ليأتي بالأخبار للنبي سليمان، وكان من عادة النبي سليمان أن أتاه الله الحكمة والنبوة فكان يفهم لغة الطير وتعمل عنده قبائل الجن، فكان كل صباح يأتي إليه الطير والجن يحدثونه عما رأوا، فوجد مقعد الهدهد خاليا فسأل عنه.

فلما جاء الهدهد وقص عليه رؤيته لبلقيس وجنودها وقومها وعرشها العظيم وهم يسجدون للشمس ويعبدونها من دون الله، فكان هذا الخبر هاما للنبي سليمان، فكتب سليمان النبي كتابا وأمر الهدهد أن يأخذه ويلقيه على الملكة، ثم ينظر ماذا تفعل.

فلما ألقى الهدهد الكتاب على بلقيس أخذته وقرأته، فجمعت أهل المشورة حولها وسألتهم ماذا نفعل مع سليمان، فأشاروا أن ترسل له بهدية لترى ماذا سيفعل.

فأرسلت له بلقيس وفودا بهدايا قيمة، لكن النبي سليمان رفضها، وتوعدهم بالحرب، فلما عادوا قصوا عليها ما حدث، فعزمت على الذهاب إليه وهو في ملكه، فلما علم سليمان النبي طلب من الجن أن يأتوا بعرشها وأن يزينوه لها حتى لا تعرفه.

فلما جاءت بلقيس فسألها عن عرشها فقالت كأنه هو، ولما وصلت لملك سليمان النبي ذهلوا من هيبة الملك والصرح العظيم له، وكان قد طلب من الجن أن يبنوا هذا القصر على الماء، حتى إذا جاءت إليه ترفع ثيابها ليعلم هل فعلا من البشر أم من الجن، بعدما قالوا له أن بقدميها ريش في نصفها السفلي كهيئة الجن، وأن نصفها العلوي بشر.

فلما رأى سليمان النبي بلقيس عرفها، ودعاها للإيمان بعبادة التوحيد والإيمان بالله فأسلمت هي وقومها، وأعطاها حكم سبا مدة تسع سنين، وحكمت المملكة حتى توفيت.