أم معبد.. صاحبة الخيمة التي استضافت النبي ورفاقه في رحلة الهجرة للمدينة
استضافت النبي عليه الصلاة والسلام في خيمتها التي كانت
تتوسط صحراء مكة، ولم تكن لديها سوى شاة عجوز أنهكها العجز والمرض، فلما مسحها
النبي بيده الشريفة عادت كأنها شاة لبون.
عندما سألت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وطلب منها أن
تصفه، فقالت عنه إنه نور يمشي على الأرض، وبسبب إكرامها للنبي حلت البركة بدارها
وزادت غنمها.
ولما علمت أن من مر عليها كان النبي، أخذت من خير غنمها
وأهدته للنبي وأعلنت إسلامها هي وزوجها وابنها بين يديه، فكساها عليه الصلاة
والسلام من حلي الأقمشة،
إنها الصحابية أم معبد.
من هي أم معبد؟
هي عاتكة بنت خالد
بن منقذ بن ربيعة بن أصرم الخزاعية، لقبت بأم معبد لما كان لها ولد من زوجها اسمه
معبد، وهي صحابية كان لها دور كبير في هجرة النبي، فقد استضافت النبي عليه الصلاة
والسلام في خيمتها وقدمت له شاتها ليحلبها.
وزوجها هو حبيش
الخزاعي، وقيل هو أحمد بن إسماعيل من قبيلة بنو خزاعة إحدى قبائل مكة، وكان يعيش
في الصحراء يرعى أغنامه، لما سمع حديث مرور النبي ولم تكن أم معبد تعرفهما، فقال
لها إنه صاحب قريش.
قصتها مع النبي
كان النبي صلى الله عليه وسلم، قد خرج مهاجرا في رحلته الشهيرة يوم الهجرة النبوية للمدينة المنورة، وكان معه أبو بكر الصديق، وعامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن الأريقط.
وكان في وسط الصحراء في ظهيرة الشمس الحارقة، قد وجدا خيمة وحيدة ليس بجانبها شيء أخر، وكانت فيها امرأة عجوز تقوم بتقديم الماء للمسافرين على طريق مكة والمدينة.
فاقترب منها النبي صلى الله عليه وسلم، وسألها لحما وتمراً ليشتروه منها، فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك سوى شربة ماء لا تكفيهم، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخيمة داخلًا وخارجًا، فوجد فيها شاة في كسر الخيمة.
فقال لها: ما هذه
الشاة يا أمة الله، فقالت: خلفها الجهد عن الغنم، فقال لها: فهل بها من لبن، قالت:
هي أجهد من ذلك، فقال لها: أتأذنين أن أحلبها، قالت: بلى، إن رأيت بها حلبا فاحلبها.
فاقترب منها
النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا في يديه ثم مسح بيده ضرعها وسمى الله عز وجل، ودعا
لها في شاتها فتفاحت عليه ودرت واجترت، فدعا بإناء يحلب فيه، فجاءته بإناء فحلب حتى
علاه الحليب.
ثم سقاها حتى رويت،
ثم سقى أصحابه حتى رووا، وشرب آخرهم صلى الله عليه وسلم، ثم حلب فيها ثانيا حتى ملأ
الإناء وتركه لها وارتحلوا عنها.
اقرأ
أيضًا..
جربيها مع أولادك.. التهادي بالحلوى في المولد النبوي «سنة حسنة»
وصفها للنبي
وفي المساء،
عندما عاد أبو معبد بالغنم من الرعي، وكانت هزيلة لقلة وجود المرعى في الصحراء، فلما
رأى أبو معبد اللبن ووجد الشاة قد رد شبابها، عجب وقال: من أين لك هذا اللبن يا أم
معبد والشاة عازب حيال ولا حلوبة في البيت؟
فقالت: لا، والله إنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، قال: صفيه لي يا أم معبد قالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن الخلق لم تعبه ثحلة ولم تزر به صعلة وسيم في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف وفي صوته صهل وفي عنقه سطع وفي لحيته كثاثة.
وهو رجل أزج أقرن، إن صمت فعليه الوقار وإن تكلم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد وأحلاه وأحسنه من قريب، حلو المنطق فصل لا هذر ولا نزر.
كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن ربع لا يأس من طول ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره محفود محشود لا عابس ولا مفند.
فقال لها أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا أمره ما ذكر بمكة ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً، فأصبح صوت بمكة علياً يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه وهو يقول:
جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقي قالا خيمتي أم معبد
هما نزلاهما بالهدى واهتدت به فقد فاز من أمسى رفيق محمد
إسلام أم معبد وزوجها
لما علم أبو معبد بحديث زوجته عاتكة، وقال لها ما قال، عزما معًا على الهجرة للمدينة والنزول بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فهاجرا إلى المدينة لما علموا بحفاوة ترحاب أهلها بالنبي ومؤاخاة المهاجرين والأنصار.
وكان قد بارك الله لهما في غنمهما، فأخذا أفضل ما فيها وجاءوا للنبي في مجلسه مع الصحابة، وقدموها له، فقبلها وأعلنا إسلامهما، وكسا النبي عليه الصلاة والسلام أم معبد.
وفاتها
كانت أم معبد من رواة الحديث للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان تلازمه في المسجد وتسمع منه، وقد ولدت معبدا وكان من صحابة النبي عليه الصلاة والسلام، وقيل أنها توفيت في خلافة عمر بن الخطاب.