ظعينة الإسلام.. «ليلى بنت أبي حثمة» أول صحابية تدخل المدينة وتصلي القبلتين
السيدة ليلى بنت أبي حثمة، هي صحابية جليلة وراوية حديث
عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أول صحابية في الإسلام تدخل المدينة المنورة مع
زوجها.
وهي واحدة من النسوة الأربع اللاتي هاجرن إلى أرض الحبشة
في الهجرة الأولى، فقد فرت وهاجرت بدينها وأبنائها وزوجها من الفتنة والاضطهاد
والتعذيب، ثم هاجرت إلى المدينة مرة أخرى، فكان لقبها صاحبة الهجرتين..
من هي ليلى بنت أبي حثمة؟
هي الصحابية الجليلة ليلى بنت أبي حثمة بن حذيفة بن غانم بن عبد الله بن عبيد بن عويج بن كعب، وأمها أم ولد من تنوخ من سبايا العرب اللتي كن يسبينها في الحروب، ولكن تزوجت من أبي حثمة.
وزوجها هو عامر بن ربيعة العدوي الذي كان حليفا للخطاب بن
نفيل العدوي الذي تبناه، ثم أسلم وهاجر مع امرأته ليلى بنت أبي حثمة إلى الحبشة، ثم
إلى المدينة، وشهد مع النبي عليه الصلاة والسلام غزواته كلها، وتوفي بعد وفاة عثمان
بن عفان بأيام.
وهو أحد الرجال الذين نزل فيهم مع زيد بن حارثة قول الله
تعالى "ادْعُوهُمْ
لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ
فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ"، فكانوا يقولون عامر بن الخطاب،وبعد نزول
الآيات صار اسمه عامر بن ربيعة.
مناقبها وشجاعتها
تعتبر ليلى بنت أبي حثمة هي أول ظعينة قدمت المدينة، والظعينة هي التي ترتحل على هودج فوق الناقة، والهودج عبارة عن خيمة مخصوصة توضع فوق الإبل، وكان العرب يصنعونها قديما للنساء للسفر والتنقل فيها والتستر بها، وكانوا يسمونها الظعن.
دخلت
الإسلام هي وزوجها قبل أن يبدأ النبي عليه الصلاة والسلام دعوته من دار الأرقم،
وقد من الله عليها بأن أنجبت ولدا اسمته عبد الله بن عامر.
وكانت
بارعة وذات فراسة كعادة العرب وقد ثبت ذلك في إسلام عمر بن الخطاب، فعندما أرادوا الهجرة
إلى أرض الحبشة، خرج عامر في قضاء بعض الحاجات، إذا جاءهم عمر بن الخطاب قبل
الإسلام، وكان أشد الناس عداوة للإسلام حيث لقيا منه الكثير من الأذى والعذاب، فقال
هل ستنطلقون يا أم عبدالله؟
فقالت
له بشجاعة: نعم نخرج إلى أرض من أرض الله لا نؤذى في عبادته إذ آذيتمونا وقهرتمونا
حتى يجعل الله لنا مخرجا، ونظرت إليه فرأت الحزن في وجهه والرأفة في عينيه؛ فلقد أحزنه
خروجهم ولم يعترضهم بشيء.
وعندما
رجع زوجها عامر أخبرته بما دار بينها وبين عمر بن الخطاب، فقالت لو رأيت يا أبا عبدالله
وجه عمر وهو خارج من دارنا، فقال لها: أطمعت في إسلامه؟
فقالت:" نعم، فقال لها: والله لا يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب؛ قال ذلك وهو يائس من
إسلامه، وما هي إلا أيام قليلة حتى ذهب عمر لرسول الله وأعلن إسلامه.
فكانت
الصحابية ليلى ضمن أول الوفود المهاجرة للحبشة وكان عددهم اثنتي عشرة رجلا وأربعة
نسوة بقيادة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان ذلك في شهر رجب في السنة الخامسة من
البعثة، وكانت أول هجرة للمسلمين إلى أرض الحبشة.
أول من صلت للقبلتين
لعب كفار مكة لعبة خبث ومكر، فأشاعوا بين مسلمي الحبشة أن مكة كلها أسلمت فعادوا المسلمين من الحبشة لمكة، فوجدوا أن الأخبار غير صادقة، فبقيت هي وزوجها في الخفاء.
ولما
اشتد عليها الأذى هي وزوجها، أمرهم الرسول بالهجرة إلى المدينة، فكانت من أوائل المهاجرين
وهي ذات الهجرتين، وهي أول ظعينة دخلت الإسلام ووصلت إلى المدينة.
وعندما وصلت السيدة ليلى المدينة كان أول يوم لها أن صلت على قبلة المسلمين إلى بيت المقدس، حيث كانت القبلة الأولى للمسلمين وعليها يصلون.
ولما
جاء الأمر الإلهي للنبي الأكرم بأن يولي القبلة للكعبة المشرفة، ونزل قول الله تعالى: "فلنولينك قبلة ترضاها
فول وجهك شطر المسجد الحرام"، فامتثلت وصلت للقبلة الجديدة التي ولاها الله
نبيه والمسلمين من بعده، فكانت أول من صلت القبلتين.
وقد
أكرمها الله، وعاصرت النبي صلى الله عليه وسلم، وتحدثت إليه وتعلمت منه، فعندما سمعها
تنادي على ابنها قائلة: هاكَ، تعالَ أعطيك، فسألها صلى الله عليه وسلم عما أرادت أن
تعطيه، فقالت: أعطيه تمراً، فقال لها: «أما إنك لو لم تعطه شيئا كُتبت عليك كذبة».