نهى الطالوني تكتب: على حافة الانتحار
ما قبل الكارثة (أنا على حافة الانتحار)
تلك الجملة التي قرأناها كثيراً في الآونة
الأخيرة على صفحات كل من هان عليهم أنفسهم وأعمارهم وشبابهم ودنيتهم ودينهم
تاركينها لأصاحبهم ومعارفهم قبل إنهاء حياتهم.
الانتحار ما هو إلا رد فعل مأساوي لضغوط
الحياة وقسوتها، وذلك حينما يتخلل النفس البشرية اليأس من حل مشاكل مصيرية.
تلك الحياة المجهدة محتاجة لإيمان قوي وإدراك
كافٍ لمواجهتها والسلام من أذاها، وهذا الأمر يتطلب كثيراً من الطاقة التي أصبحت
شبه منعدمه لدى الكثيرين، في ظل الظروف الحياتية العصيبة وتحديدًا لدى الشباب.
أغلب المنتحرين الذين رحلوا عن عالمنا تركوا
لنا رسالة وداع قصيرة وكأنها بمثابة نداء أخير لربما نرجع بهم عن قرارهم، ونقدم
لهم ما نستطيع من دعم ومساندة واحتواء افتقدوه من قبل أو بقصد آخر يحمل مشاعر جلد
وتأنيب لكل من سولت له نفسه في إيذائهم منادياً بـ "سأرحل نحو السلام بلا
عوده نهائيًّا".
الانتحار فكرة بعيدة عن العقل والمنطق
كيف للإنسان أن يصل به الحال إلى أن ينهي
حياته بنفسه لسبب أو لآخر؟!!
المنتحر مغلوب على أمره عندما تغيرت نظرته
للحياة وأصبحت ضباباً حينها سيسعى للهرب بلا داعٍ من اللاشيء، سيهرب إلى أن يجد أن
الهروب ليس بحل، فيصل إلى الحل المنطقي الوحيد هو أن يستسلم للنوم الأبدي بعدما
تيقن ان البؤس لن يفارقه أبدا ويعترف أن الحياة قد غلبته.
نحن نلعب جميعًا دورًا مهمًّا في حياة بعضنا
البعض، فلا يوجد أي سبب مقنع بأن نيأس من الحياة؛ لأنها حياة لها مفهوم محدد،
ومعروف منذ الخليقة فقال الله تعالى: "وخلقنا الإنسان في كبد".
علينا أن نتحلى بالصبر لكي نعبر رحلتنا في
الدنيا بأمان، فإن كان ابتلاؤنا حزنًا فلنكن من الصابرين، وإن كان فراقا فكلنا
راحلون وإلى زوال.
سنُبْتَلَى جميعًا بالتأخير في أشد ما تتمناه
قلوبنا، فهذا هو قانون الكون، فإن صبرنا أعطانا الله ما نريد وأكثر، ولكي نعيش يجب
أن نكون أقوياء، والقوة هنا ليست قوة الجسد فحسب بل هي أيضًا قوة التحمل على أعباء
المعيشة، وقوة التخلي عمن لا يستحقنا، وقوة الاكتفاء بذاتنا وقوة الصبر عن مصائبنا
وقوة الإيمان بالله، فهي أكبر قوة يمتلكها الشخص، فكلما كان إيماننا بالله أقوى استقرت
حياتنا وسلمت.
مرارًا وتكرارًا احذروا كل الحذر من كسر
القلوب، تحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم.
راعوا المشاعر، ونقوا كلماتكم، واجبروا
الخواطر، وعيشوا بقلب أبيض متسامح؛ فالله يعلم وأنتم لا تعلمون.