عمرو عبد الفتاح يكتب: الراقصون على الدماء
على مرأى ومسمع منا قُتِلَت طالبة المنصورة نيرة أشرف
على يد زميل لها في الجامعة نفسها محمد عادل، الذي لم يأخذ من اسمه سوى الأحرف
فقط، فليس هو بمحمد وليس هو بعادل..
وبعدها تكررت الحادثة بمقتل سلمى بهجت بنفس السيناريو
على يد إسلام محمد وثالثة بمقتل أماني الجزّار..
ونخص نيرة بالذكر؛ لأنهم جعلوها عنوانًا لحلقاتهم اليومية
على اليوتيوب، ولم يتطرقوا للحديث عن غيرها ممن قتلن كذلك على مرأى ومسمع..
ذُبِحَت نيرة المسكينة الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة
إلا بالله العلي العظيم أمام زملائها وزميلاتها والناس في وسط الشارع في مكان
مزدحم، ورغم ذلك كانت وحدها تواجه تلك الطعنات الغادرة التي أتتها من كل صوب بدءًا
من خلفها حتى تسقط أرضًا ثم انهال عليها القاتل بالطعنات تلو الأخرى في كل مكان..
لم يكتف بتلك الطعنات بل قام يلوح بالسكين التي في يده
لكل من حاول الذود عنها وهددهم بالقتل ثم عاد مسرعًا وذبحها في مشهد رأيته مرة
واحدة ولم أستطع تكرار رؤيته ثانية..
خرج الجميع بلا استثناء يطالب بإعدام السفاح ولقبوه
بالداعشي والمجرم وطالبوا بأن يُعدم في ميدان عام حتى يكون عبرة لمن تسول له نفسه
أن يفعل فعلته النكراء..
ولكن الغريب في الأمر ظهور البعض على منصات اليوتيوب
وبدؤوا يلعبون بعقولنا ويشككون في ديننا ومبادئنا وتربيتنا بل يشككون في الفطرة
التي فطرنا الله عليها..
بدؤوا بالدفاع عن القاتل تحت مسمى "البحث عن
الحقيقة".. والأسباب التي دفعت القاتل إلى قتل نيرة، وهل نيرة كانت هي السبب
أم من؟..
لعبوا كل الأدوار وقدموا كل السيناريوهات السينمائية..
بدؤوها بالبحث عن المحرض والطرف الثالث.. شككوا في تحقيقات النيابة والطب الشرعي
بل والقضاء نفسه.. تحت مسمى نريد المحاكمة العادلة..
قالوا عن القاتل "قهر الرجال" وأن عائلة نيرة ضربوه
واعتدوا عليه جنسيا فله الحق في قتلها.. ولكن لم يفلح ما زعموا..
فلجؤوا لمزاعم أخرى وهي أنه كان تحت تأثير السحر.. ولم
يفلح ما زعموا..
قالوا إنه مريض نفسي.. ولم يفلح ما زعموا..
قالوا ليس هو القاتل بل ضربها هو وقتلها غيره.. ولم يفلح
ما زعموا..
والآن يلعبون أرخص وأحط الألعاب وهي تشويه صورة نيرة –
رحمها الله – بالصور المفبركة ومنها الجنسية التي تم تركيبها.. ومن ناحية أخرى تحسين
صورة القاتل بأنه متفوق ومتدين وحنون وكلها أيام وكنا سنرى له أجنحة يطير بها في
السماء من التقوى والإيمان..
يأتي السؤال للراقصين على الدماء: هل تبحثون عن الـ
"التريند" وكثرة المشاهدات؟ أم هل هي خطة منظمة لتشويه صورة القضاء؟ أم
أنتم أناس متلونون منافقون ليس لكم شرف ولا ميثاق ولا عهد ولا ذمّة؟
والآن على منصاتهم يدعون الله بإخلاص أن يُقبل الطعن المُقَدَّم
لإعادة المحاكمة وإلغاء حكم الإعدام..
الغريب أنهم يبدؤون البث المباشر اليومي باسم الله
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم يكملون مسيرة التدليس والنفاق والخوض
في الأعراض دون حرمة للأموات أو خوف من الله..
أي زمن نحن فيه؟! وأي أناس هؤلاء؟!
نعيب زماننا والعيب فينا *** وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب *** ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب *** ويأكل بعضنا بعضًا عيانًا
فدُنيانا التصنعُ والترائي *** ونحن بها نُخادِع مَن
يرانا