مشاكل زوجية في عصر النبي.. 3 صحابيات اشتكين سوء معاملتهن فكيف تصرّف سيدنا محمد؟
كانت حياة الصحابيات لا تختلف كثيرًا عن حياتنا اليومية الآن، الخلافات الزوجية هي ذاتها، لكن الاختلاف في زمانهن، أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كان بينهن، فيلجأن إليه إذا حدث شجار مع أزواجهن.
ونعرض في تقريرنا هذا، صورًا من الخلافات الزوجية التي دارت بين الصحابيات وأزواجهن من الصحابة، وكيف عالج النبي عليه الصىلاة والسلام هذه الخلافات، وأعاد للبيت نوره وسروره.
خولة بنت ثعلبة "المجادلة"
لعل أول ما نبدأ به من صور الخلافات الزوجية في حياة الصحابيات،
تلك الصحابية الجليلة التي أنزل الله تعالى فيها قرآنا، ليعيدها إلى بيتها وزوجها
ويحافظ على أسرتها، فهي خول بنت ثعلبة المجادلة للنبي.
كانت ليلتها السابقة، قد دب بينها وزوجها أوس بن شداد خلاف كبير، وصل حد الظهار، فقال لها أنتي علي كظهر أمي، فلما أصبح الصباح، قصدت النبي عليه الصلاة والسلام، وشكت إليه سوء خلق زوجها وما صدر منه، وكيف له أن يراجعها.
وهنا كانت المفاجأة التي هزت أركان البيت من النبي، حيث أجابها
بأنها محرمة عليه حرمة أبدية، فحزنت خولة لعلمها أن أبنائها صغار وسوف يجوعون إذا
ما انفصلت عن زوجها.
فخرجت من عند النبي متجهة نحو الكعبة، تدعو الله وتشتكي إليه، فأراد الله تعالى أن ينزل الوحي على النبي، وأنزل معه سورة المجادلة، فنادى النبي على خولة وبشرها بنزول حكم الله فيما صدر من زوجها، وقرأ عليها الآيات التي نزلت في حكم الظهار.
فكان تعامل النبي مع قضية خولة في هذا الوقت، تعاملاً حكيماً، حيث أشار عليها أن تبتعد عنه حتى يحكم الله فيما صدر من زوجها، ولما دعت الله
تعالى، أنزل الله تعالى قرآنا ليكون دستورا للأمة الإسلامية حتى آخر الزمان في
قضية الظهار، وأعاد للبيت سروره وحافظ عليه.
زوجة بن المعطل "الطائعة"
الصورة الثانية، كانت لزوجة صفوان بن المعطل الصحابي
الذي كان له دور في غزوات النبي، حيث تحينت فرصة تواجد زوجها مع النبي، فجاءته
وهما يجلسان فاستئذنت الدخول عليهما فأذن النبي لها.
فقالت له وهي تشتكي زوجها: يا رسول الله إن زوجي صفوان يضربني
إذا صليت، ويفطرني إذا صمت ولا يصلي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، فنظر حوله فوجد
صفوان عنده.
فسأله النبي عما قالت زوجته، فقال له: يا رسول الله أما قولها
يضربني إذا صليت فإنها تقرأ بسورتين وقد نهيتها عن ذلك، وأما قولها يفطرني
فإنها تنطلق فتصوم وأنا رجل شاب فلا أصبر، وأما قولها إني لا أصلي حتى تطلع الشمس،
فقد نظرنا فلا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس.
فجمع بينهما النبي، وسعى لأن يكونا معا ليحل خلافاتهما،
ويدلهما على الحل، فوجه حديثه لزوجة صفوان وقال لها ولمن حوله من الصحابة، لو كانت
سورة واحدة لكفت، واعلمن بأنه لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها، وإذا ما استيقظتم
وأدركتكم الصلاة فصلوا.
تميمة بنت وهب "البينونة"
أما صورتنا الثالثة فهي للصحابية تميمة بنت وهب النضرية،
والتي حدث بينها وبين زوجها رفاعة القرظى خلاف شديد، فطلقها ثلاثا فبانت منه بينونة
كبرى أى لا تحل له أن يراجعها إلا إذا تزوجت غيره.
وبعد انقضاء عدتها، خطبها الصحابى عبد الرحمن بن الزبير ولم
تجد عنده ما كانت تجده من زوجها رفاعة، من حيث العلاقة الزوجية وحسن التبعل، فكان
يعاملها بقسوة، فذهبت لأم المؤمنين عائشة تشتكي زوجها بن الزبير.
وكانت تختمر بخمار أخضر، فكشفت عن جسدها وأرتها أثر ضربه
لها، وقالت تشتكي للسيدة عائشة: "زوجي يعاملنى معاملة سيئة، وأنا خدعت فيه وأريد الطلاق
منه".
فنقلت السيدة عائشة رضي الله عنها للنبي ما كان من طلب
تميمة، وقالت له: "يا رسول الله ما رأيت مثل ما يلقى المؤمنات من شدة الإيذاء من
أزواجهن، ووصفت له ما شاهدته من أثرالضرب".
فبعث النبي لعبد الرحمن بن الزبير، وكانت تميمة لا تزال
عند عائشة، فجاءه وقد علم بما فعلت زوجته، ومعه إبنان له من زوجته الأولى، فقالت تميمة
للنبي: "أنا كنت عند رفاعة فبت طلاقى فتزوجت بن الزبير وأنا معه مثل هدبة الثوب واتهمت
زوجها بالعنة (العجز الجنسى)".
فقال زوجها: "كذبت والله يا رسول الله، إنى لأنفضها نفض الأديم،
أي قوي معها في الفراش، ولكنها ناشز عني، تريد رفاعة زوجها السابق".
وهنا أراد النبي أن يعلم أمته الأحكام الشرعية في
العلاقات الزوجية، وكيف يكون التعامل عندما يكره أحد الزوجين للآخر، فبين لها بأنه
إن كان الأمر كما يقول زوجها فإنها لا تحل لزوجها السابق دون معاشرة زوجها لها،
ليغلق باب استسهال المحلل، وحتى يراجع الزوج نفسه ألف مرة قبل أن ينطق بلفظ
الطلاق.