الإفتاء تحسم الخلاف.. هل يجوز للمرأة إمامة الرجال في الصلاة وخطبة الجمعة؟
ليس من
المستبعد أن يخرج علينا أحد التنويريين ليقول لنا إن المرأة يجوز لها أن تصلي
إمامًا بالرجال، ويسوقون رؤيتهم هذه بأنه لا يوجد دليل واحد شرعي يقول بعدم جواز
إمامة المرأة بالرجال.
وقد حدث فعلا
منذ سنوات؛ حيث خرجت علينا آني زونفيلد، الناشطة الأمريكية في حقوق المرأة، تنادي
بأن يتم إقامة الصلاة مختلطة بين الرجال والنساء، مع إمامة المرأة للرجال.
وقد أيد
دعوتها الشيخ المغربي عبد الباري الزمزمي، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث؛
حيث نفى وجود نص شرعي في القرآن والسُنّة يحيل إلى منع المرأة من إمامة الرجال في الصلوات،
واعتبرها مجرد اجتهادات فقهية، وقد وقعت بالفعل في فرنسا بأن أمت سيدة وخطبت في
المصلين.
رأي غريب
ورد في سنن أبي داوود، أن النبي عليه الصلاة والسلام
أجاز لصحابية أن تصلي باهل بيتها والرجال من الشيوخ كبار السن، حيث روي عن أم ورقة
بنت عبد الله بن الحارث قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها في بيتها،
وجعل لها مؤذناً يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها) قال عبد الرحمن: فأنا رأيت مؤذنها
شيخاً كبيراً.
ويفهم من الحديث والذي استدل به البعض، على أن هذا
الحديث يعطي تصريحا وجوازا لأن تؤم المرأة الرجال في الصلاة، شريطة أن يكونوا
كبارا في السن.
اقرأ أيضًا..
مفتي الجمهورية: لا يجوز للزوج أخذ المال من زوجته دون رضاها
فتوى تحسم الخلاف
الشيخ عطية صقر، رحمه الله، كان له فتوى شهيرة في هذه
المسألة، حيث أكد خلالها، على أنه إذا كان الإسلام يفضل أن تصلى المرأة فى بيتها بدلاً من أن تصلى فى المسجد، فإنه يمكنها أن تقيم صلاة الجماعة فى بيتها،
أو فى المدرسة التى تتعلم أو تعلم فيها، أو العمل الذى تمارسه مع الزميلات.
وتابع صقر في الفتوى: "إذا كان فى البيت زوجها أو ولدها أو
أبوها أو أخوها مثلا كان هو الإمام والمرأة مأمومة، وكذلك فى المدرسة أو العمل يجوز
أن يصلى بالنساء أحد المدرسين أو أحد الزملاء، سواء أكانت الصلاة فى مسجد أو مكان مُعَدّ
لذلك".
وبين: "إذا لم يوجد رجل أمكن للمرأة أن تكون إماما لبناتها
أو نساء أخريات فى المنزل أو للزميلات فى المدرسة والعمل، وذلك على رأى جمهور الأئمة".
ولفت إلى أن الإمام مالك هو الذى يمنع أن تكون المرأة إماما
مطلقا، لا للرجال ولا للنساء، فلا يجوز أن يقتدى بها الرجل حتى لو كان ابنها أو أباها
أو أخاها، فإمامتها على رأى الجمهور جائزة للنساء فقط.
ونبه إلى أن ما ورد في حديث النبى مع أم ورقة، هو أنه أباح
لها أن تؤم أهل بيتها، أى النساء فقط، وذلك لحديث جابر أنه سمع النبى صلى الله عليه
سلم يقول على المنبر "لا تؤمَّن امرأة رجلا، لا فاجرا ولا مؤمنا".
واستشهد صقر، بأن السيدة عائشة كانت تؤم النساء وتقف معهن
فى الصف، وكذلك كانت أم سلمة تفعل، غير أن بعض الأئمة يرون أن المرأة إذا كانت إماما
للنساء تقف معهن فى الصف ولا تتقدم عليهن، ولو تقدمت فصلاتها وصلاة المأمومات صحيحة.
رأي دار الإفتاء
كان لدار الإفتاء فتوى صريحة فيما يخص هذه المسألة،
بينها أمين الفتوى الشيخ علي فخر، قائلا: إنه لا يجوز أن تؤم المرأة الرجل في صلاة
الجماعة سواء كانت فرضًا أو نفلًا.
وشدد أمين الفتوى، بأن صلاة الرجل خلف المرأة لا تصح، وهذا
باتفاق جميع العلماء، وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تصلى بزوجها حتى وإن كان كبيرا فى
السن أو كانت أحفظ لكتاب الله، فالإمامة تكون للرجل.
وأشار فخر، إلى أن الإمام النووي قال في المجموع: "وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ لا تَجُوزُ صَلاةُ رَجُلٍ بَالِغٍ وَلا صَبِيٍّ خَلْفَ امْرَأَةٍ، وَسَوَاءٌ فِي مَنْعِ إمَامَةِ الْمَرْأَةِ لِلرِّجَالِ صَلاةُ الْفَرْضِ وَالتَّرَاوِيحِ، وَسَائِرُ النَّوَافِلِ، هَذَا مَذْهَبُنَا، وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ".