الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

حكايات علا عبد المنعم.. عن المنح والعطاء

السبت 03/سبتمبر/2022 - 01:01 م
هير نيوز

الزوجة ليست ملزمة بكذا وليست مجبرة على كذا وأيضًا ليس مفروضًا عليها هكذا أشياء.

 

مقدمة صارت متوافرة على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع المنصرم، جاءت على لسان إحدى الحقوقيات والناشطة في مجال حقوق المرأة وتليها الكثير من الأمور التي تقوم بها المرأة تلقائيا، فضلًا وليس أمرا بغير اتفاق مسبق أو وثيقة مكتوبة تلزمها، فجأة صارت الزوجة غير ملزمة بإرضاع أطفالها وغير مجبرة على تنظيف منزلها وغير مفروض عليها إعداد الطعام لزوجها وأطفالها، كلي يقين أن العبارة اجتثت من سياقها الأصلي والمؤكد أن تلك المقولات جاءت ردًّا على كلام محدد في مناسبة بعينها لكن القيامة بعدها قامت وهاج المصريون وماجوا واتفقوا أخيرًا على السخرية من تلك المقولات واستهجانها رجالًا ونساءً في سابقة قلما تحدث وتُشْكَر عليها الحقوقية.

 

ربما لن أستطيع الإجابة لو سُئلت يومًا عن معنى العطاء، لكني أستطيع أن أُعْطِي دروسًا كثيرة في كيفية العطاء، فالإنسان بطبيعته جُبِلَ عليه مع من يحبه ويجد فيه وسيلة للاقتراب وكذلك للتدليل والتعبير عن الود والمحبة.

 

تعرف كل أم أنها غير مجبرة على إرضاع أطفالها لكنها بغريزتها تفعلها بكل حب وانكار ذات، وتظل خلال سنوات رضاعة  طفلها محرومة من ساعات نوم كافية، مجبرة على ارتداء موديلات معينة من الملابس في المناسبات المختلفة لتناسب ظروف الإرضاع الاضطرارية وإن أجبرت على ترك صغيرها في المنزل برفقة أحد المقربين لأي ظرف من الظروف فإنها تظل منشغلة طوال الوقت وقد ضاع تركيزها وتسرب منها الهدوء بسبب التفكير في حال طفلها وما إذا كان قد أصابه مكروه في ذلك الغياب الثقيل على قلبها.

 

وتظل أسعد لحظات المرأة حين يبدي أطفالها و زوجها رضاهم على ما أعدته من طعام وحين ترتمي منهكة على أحد آرائك البيت تنظر له وقد صار نظيفًا مرتبًا بعد حملة للنظافة شنتها لمجرد أنها لمحت بعض الأتربة على أحد المناضد، هذه هي الأم التي نعرفها والتي بداخل كل امرأة مهما ارتقى تعليمها وتميزت ثقافتها، فمهما غضبنا وتملكت من أرواحنا النقمة والسخط يظل عطاءنا متاحا مثل نهر ينساب وسط صحراء الحياة غير قابل للجفاف ونضوبه غير متاح للتخيل مهما اتسع الخيال وزادت خصوبته.

 

عطاؤنا في حياتنا لا يمكن أن يُحَدَّد أويُقَنَّن باتفاقيات ومعاهدات مكتوبة مسبقا وقد مُهِرَت بتوقيع طرفي الحرب، كما صور لنا البعض فالرجل يكتسب رجولته من عطائه لزوجته وأطفاله وأيضًا أهله فلا مكان بين الرجال لمن امتنع عن أولاده وحرمهم لمجرد أنه أنفصل عن أمهم ولا أمومة ممكن أن تُزَيِن حياة امرأة حُرِمَ منها أطفالها بدون سبب مقنع، هكذا تربينا في بيوت أهلنا وهكذا تعلمنا بعد تجربة حياتية طويلة لن توصف بالمثمرة لو فشلنا يومًا في أن نُعْطِي من نحبهم، من هم بعض منا.

ads