"دير البنات".. قبلة الراهبات بجنوب سيناء وقصة حب لم تكتمل
على بعد 90 كليو مترًا من مدينة ابورديس، في محافظة جنوب سيناء، وبالتحديد قرية وادي فيران، توجد واحة للجمال وتحفة معمارية وأثرية؛ حيث تكسوه الخضرة من كل جانب ومزارع من الزيتون والفاكهة إنه "دير الراهبات اليوناني للروم الأرثوذكس والنبي موسى" أو ما يسمى "دير البنات" وليس كما هو شائع "دير السبع بنات".
التسمية الصحيحة هي دير البنات وليست دير السبع بنات، وهو ما أكده خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، موضحًا أن دير البنات القديم كشفت عنه بعثة أثار المعهد الألماني بالقاهرة برئاسة الدكتور «بيتر جروسمان» موسم حفائر 1990 تحت إشراف منطقة جنوب سيناء للأثار الإسلامية والقبطية، مشيرًا إلى أن دير البنات الأثرى يبعد عن مقر دير البنات الحديث المجاور للمدينة البيزطية 2 كيلومتر ويعود إلى الفترة من القرن الخامس إلى السادس الميلادي، وبحكم أنه يشرف على الطريق، فمن المحتمل استخدام المبنى في وقت من الأوقات كنقطة عسكرية بيزنطية لتحمي المدخل الجنوبي إلى وادي فيران.
قصة حب لم تكتمل
وأضاف أنه طبقًا للحديث المتواتر فإن سبب إطلاق اسم جبل البنات الذى يقع عليه الدير أن فتاتين من أهل المنطقة أحبتا شابين، وحين رفض أهلهما الزواج ربطتا ضفائرهما معًا وقفزتا من أعلى الجبل ليكتب النهاية لقصة الحب التي لم تكتمل.
ويحيط بالدير سلاسل جبلية غاية في الجمال، وظل دير بنات قبلة الراهبات، وممر النساك الأوائل من دول أوروبا وخاصة اليونان ورومانيا، تقدم إليه جميلات أوروبا راهبات متعبدات في تلك البقعة من الأراضي المباركة التي تحيطها الجبال من كل جانب.
"هير نيوز" يصحبكم في رحلة داخل "دير البنات" فتابعونا..
أصل الحكاية
يقول خبير الآثار ريحان، لـ"هير نيوز": إن دير البنات القائم حاليًّا، والذي يقع ملاصقَا لتل محرض الأثري، حكايته بدأت عام 1898م حين حصل دير سانت كاترين على حديقة كبيرة بهذا الموقع، يسقيها خزان كبير وقام راهبان من دير سانت كاترين، ببناء كنيسة بهذه الحديقة تسمى سيدنا موسى، وتم بناء دير حول هذه الكنيسة، يتميز بأشجار السرو الباسقة رمزا للخلود وخصص للراهبات التابعين لدير سانت كاترين، ويسمى دير البنات الحديث".
وأضاف: "طول وادى فيران 5 كيلو، وعرضه ما بين 250 إلى 375 مترًا، وكان يتميز بغزارة المياه من الآبار والعيون التى تغذى حدائق الوادى، وقد نضبت بعض آبار الوادي؛ مما أدى لقلة المياه، وقد أخذ الوادي شهرته من وجوده في سفح جبل سربال العظيم الذي يبلغ ارتفاعه 2070م فوق مستوى سطح البحر، واسم سربال ارتبط بشجر النخيل عند سفح الجبل، وكان الجبل محل تقديس قبل رحلة خروج بني إسرائيل إلى سيناء".
وأوضح أن الوادي يحتضن مدينة مسيحية متكاملة مكتشفة بتل محرض الأثري تحوي آثارًا من القرن الرابع إلى السادس الميلادي شهدت قدوم الحجاج المسيحيين إليها من أوروبا آمنين مطمئنين على أرض الفيروز في رحلتهم إلى الجبل المقدس بمنطقة سانت كاترين، ومنها إلى القدس ومنهم الراهب كوزماس عام 535م والراهب أنطونيوس عام 565م وكان الوادى ملجأً للمتوحدين الأوائل بسيناء الذين لجؤوا إليه في القرن الرابع الميلادي وبنوا قلايا (مكان تعبد الراهب) من أحجار الوادي ما زالت باقية حتى الآن، موضحًا أن تل محرض يواجه جبل الطاحونة الذي يرتفع 886م فوق مستوى سطح البحر، ويضم قلايا مسيحية من القرن الرابع الميلادي، وكنائس من القرن الخامس والسادس الميلادي.
وتابع: "يحتضن وادي فيران، مدينة مسيحية متكاملة مكتشفة بسيناء تحوي آثارا عمرها أكثر من 1500 عام من القرن الرابع إلى السادس الميلادي شهدت قدوم المسيحيين إلها من أوروبا آمنين مطمئنين على أرض الفيروز في رحلتهم إلى القدس عبر سيناء، ومنهم الراهب كوزماس عام 535م، والراهب أنطونيوس عام 565م، وكان الوادي ملجأً للمتوحدين الأوائل بسيناء الذين لجؤوا إليه هربًا من اضطهاد الرومان في القرن الرابع الميلادي وبنوا قلايا "مكان تعبد الراهب"، من أحجار الوادي، ما زالت باقية حتى الآن، كما يضم الوادي الجبل التاريخي الشهير وهو جبل البنات الذي يحتضن دير البنات الذي يعود للقرن الخامس الميلادي".
وأكد ريحان، أن وادي فيران، كنز أثري وسياحي وبيئي غير مستغل حتى الآن، وهو الوادي الذي حظى بزيارات الرحالة الأوروبيين منذ القرن السادس الميلادي، لافتا إلى أنه سجلت مواطن الجمال في هذا الوادي لوحات الفنانة التشكيلية اليونانية إيليني بأولو، التي جمعت في لوحاتها الخالدة بين الأثر والشجر والبشر والطبيعة الخلاّبة.
اقرأ
أيضًا..
صور| كفيفة تُدير جمعية أهلية وتُعلم الأطفال على طريقة برايل
الراهبة جناديا بنايوتي
رفع كفاءة السور الخلفي للدير
بينما قال مبروك الغمريني، رئيس مدينة ابورديس، في تصريح خاص لـ"هير نيوز" إنه حفاظًا على قدسية وأثرية دير البنات من أثار السيول، جرى رفع كفاءة وتطوير السور الخلفي للدير بارتفاعات تتراوح من 5 إلى 7 أمتار وعمل فتحات لتصريف المياه لذك لحماية الدير والآثار المتواجدة به، بتكلفة إجمالية نحو 700 ألف جنيه، مشيرا إلى أنه يجري حاليًّا إنشاء طريق ازدواج طريق فيران / سانت كاترين مرورا بقرية وادي فيران حتى مدينة سانت كاترين بطول 100 كيلو متر، تنفيذ الهيئة الهندسية، ومن خلاله سيجري تصريف مياه السيول بطريقه آمنة وسيجرى رفع كفاءة المنطقة المحيطة بالدير، ومن المقرر الانتهاء من الطريق في نهاية ديسمبر المقبل، ومضيفًا أن مشروع التجلي الأعظم الذي يجرى إنشاؤه حاليًّا بمدينة سانت كاترين سيكون فاتحة خير على المنطقة بأكملها.