الخرنق بنت هفان.. شاعرة اختلطت كلماتها برمل الصحراء ودماء زوجها
عرف عن الشاعرة العربية الخرنق بنت هفان، بأنها واحدة من فصيحات العرب في عصر الجاهلية، وكان العرب حتى بعد مجيء الإسلام يرددون شعرها في الأسواق وفي المعارك وحتى في البيوت.
من هي الخرنق؟
إنها الشاعرة الخرنق بنت بدر بن هفان بن مالك البكرية العدنانية، والتي ولدت في عصر الجاهلية، وذكر بعض المؤرخين أنها ولدت في 509 ميلاديا، وتوفيت سنة 574 م، أي قبل الهجرة بنحو 50 عاما، وكان قومها من سكان أرض كنعان وهي العراق قديما.
وهي من شعراء الجاهلية الفصيحات، كما أنها أخت الشاعر العربي الجامح طرفة بن العبد من أمه، تزوجها بشر بن عمرو بن مرثد، كن سادات قبيلة بني أسد والذي قتل يوم كلاب.
شعرها وفصاحتها
عرف عن الشاعرة العربية الخرنق، أنها من فصيحات العرب في عهدها، فكانت لا تتحدث إلا العربية ولا تنطق إلا بالفصحى، وقد كان شعرها في بدايته من الغزل والمدح والهجاء، وذكروا أنها كانت كثيرة التغزل في زوجها بشر بن عمرو، وبطولاته وانتصاراته، وكذلك مجلسه من قومه وقبيلته بني أسد.
كما كان شعرها في المدح لا مثيل له، فقد قال عنها المؤرخون، بأنها مدحت ذات مرة القلمس وهو من حكماء العرب، بعد أن قال فيها أنها فصيحة بنت فصيح وأخت فصيح، إذا الله جازى منعاً بوفائه، فجازاك عني يا قلمس بالكرم.
تحول شعرها من التغزل إلى الرثاء
ولكن التحول الذي حدث في حياة الخرنق، جعلها تعتزل الغزل والمدح، وتتجه للرثاء، وذلك عندما قتل زوجها بشر بن عمرو، وأخيها طرفة بن العبد، وذلك في يوم أطلق عليه بيوم كلاب، وهو من أيام الجاهلية التي كانت فيها معارك بين القبائل وبعضها.
ويرجع المؤرخين بأن المعارك التي كانت تدور في ذلك الوقت إما على مصادر المياه، أو الزعامة بين القبائل، وقد كان للخرنق دور كبير في مدح فرسان قومها، وبفضلها حققوا انتصارات عديدة، وكان لهم زعامة على عدد من القبائل.
وبعد هذا التحول انقلب شعرها فكانت أغلب دواوينها الشعرية في رثائهما، ورثاء من قتل معه من قومها، فمن أبرز شعرها في الرثاء على زوجها شعرها:
ألا هَلَكَ المُلوكُ وَعَبدُ عَمرٍو
وَخُلَّيَت العِراقُ لِمَن بَغاها
فَكَم مِن وَالدٍ لَكَ يا بنَ بِشرٍ
تَأَزَّرَ بِالمَكارِمِ وَاِرتَداها
بَنى لَكَ مَرثَدٌ وَأَبوكَ بِشرٌ
عَلى الشُمَّ البَواذِخ مِن ذُراها
دور الخرنق في حروب قومها
كانت النساء قديما من عاداتهن أنهن يذهبن خلف قومهن في الحروب والمعارك، فكن يسقين الفرسان بالماء ويداوين الجراح والمرضى، وكانت الخرنق واحدة من نساء قومها فكانت خلف الجيش تداوي الجرحى وتسعف المرضى وتمدهم بالطعام والماء.
غير أنها كانت تركب فرسها وتسل سيفها، وتسير بين الفرسان تمدح في قومها ليحققوا النصر المنشود، فكانت بذلك تبرز دور الشعر والشعراء في تشجيع الفرسان وإمدادهم بالروح المعنوية في أرض المعركة.
وفاتها
ذكر المؤرخون أن الخرنق توفيت في العام الميلادي 570، أي قبل الهجرة النبوية بأكثر من خمسين عاما، وقبل ميلاد النبي بعام واحد، وكانت قد مرضت بالحمى، حيث كان هذا المرض شائعا بسبب البيئة الصحراوية التي كانوا يسكنونها.
اقرأ أيضًا..