هاني جميعي يكتب: نيرة وسلمى.. اغتيال براءة
حادثتان أفجعتا قلوب المصريين خلال فترة زمنية قصيرة، ما
كدنا نستفيق من حادثة مقتل الطالبة نيرة أشرف في جامعة المنصورة على يد زميلها،
حتى انفطرت قلوبنا مجددا على واقعة مماثلة لفتاة من الشرقية تدعى سلمى بهجت طالبة
في كلية الإعلام على يد زميل لها أيضا.
الحب كان الرابط المشترك بين الواقعتين، حتى بعد كل هذا
الزخم الكبير والجدل الذي أحدثته الواقعة الأولى لدرجة حكم المحكمة بإعدام القاتل،
إلا أن القاتل في الواقعة الثانية لم يتعظ وسار خلف شيطانه حتى ارتكب جريمته في
وضح النهار وأمام أعين المارة.
وكأن قاتل سلمى لم يعبأ بمصير من سبقه الذي قتل نيرة، أو
أنه أراد مثلا أن ينال لقب "القاتل الذي يدافع عنه فريد الديب"، أو أن
تنتشر صوره في وسائل الإعلام ويصبح اسمه الأعلى "تريند" وحديث الرأي
العام، ولكن ما فائدة كل ذلك وقد ارتكبت جريمة قتل ونلت عقابك إما بالإعدام أو
السجن المؤبد؟
استسهال القتل يبدو أنه أصبح ظاهرة نفسية مريضة لكثرته
خلال الفترات السابقة، على اختلاف أسبابه التافهة منها والموضوعية؛ لأنه ليس هناك
أي دافع للقتل مهما كانت الأسباب سواء دينيا أو اجتماعيا.
قاتلا نيرة أشرف وسلمى بهجت فيما يبدو ظنا أنهما
بإقامتهما علاقة عاطفية مع الضحيتين أنهما أصبحتا ملكهما، أو إن تكفلا ببعض
المصروفات عليهما أثناء الدراسة فهذا يدعو للتدخل في حياة الضحيتين ومن ثم قتلهما
بدم بارد، أو باتفاقهما مع البنتين على الزواج بعد انتهاء الدراسة فهذا أيضا داعٍ
لتحديد مصيرهما، وفي النهاية قتلهما لمجرد أنهما قد أفاقتا من حلم نسجتا خيوطه ثم
اكتشفتا أنه وهم كبير فتراجعت الفتاتان عن إكماله.
من هنا ببرز ويتأصل دور التربية بالأبناء والاهتمام بكل
تفاصيل حياتهم، وعدم تركهم لأفكار أو مستحدثات قد تطيح بهم مثلما أطاحت بمحمد عادل
قاتل نيرة أشرف، وبإسلام عادل قاتل سلمى بهجت.. اللذان هانت عليهما حياتهما قبل أن
تهون عليهما حياة زهرتين بريئتين انفطرت قلوب ذويهما.. وأصبحت واقعتا مقتلهما
قضيتي رأي عام.
ولكل من محمد عادل وإسلام عادل جديد يفكر في الإقدام على
هذه الخطوة انظر إلى كم اللوم والمعاتبة والاتهامات والانحطاط الذي سيوجه إليك بعد
هذه الفعلة، انظر إلى حال أهلك وأصدقائك بعد انتهاء مصيرك إلى حكم الإعدام، انظر
إلى نظرة المجتمع لك ومدى قسوتها وإن كانت تلك القسوة في محلها في مثل هذه
المواقف.. انظر إلى كتاب الله عز وجل حين قال في سورة الإسراء (وَلَا تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ
ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِۦ سُلْطَٰنًا فَلَا يُسْرِف فِّى ٱلْقَتْلِ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ مَنصُورًا).. وقال أيضا في سورة
الأنعام ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ
ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا
وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا
تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.