الإفتاء عن احتكار السلع والأدوية: حرام شرعًا وللجهات المختصة توقيع العقوبة المناسبة
الجمعة 05/أغسطس/2022 - 07:20 م
حسن الخطيب
مع تزايد الأزمات العالمية ومواجهة أزمة الغذاء بسبب الأحداث العالمية، تسعى بعض الدول لتوفير ما تستطيع من المواد الغذائية والأدوية والمواد اللازمة لمواطنيها، لكن قلة من التجار يقومون باحتكار بعض الأصناف وتخزينها حتى يزداد سعرها فتتربح باحتكارها.
دار الإفتاء المصرية بينت في فتوى لها، ردًّا على سؤال عبر موقعها يطلب من الدار بيان حكم الاحتكار، ومدى الجواز شرعًا للجهات المختصة معاقبة الشخص المُحْتَكِر.
مفهوم الاحتكار
وقد أوضحت الدار بأن الاحتكار: هو حبسُ كلِّ ما يضرُّ العامَّةَ حبسُه؛ وذلك عن طريق شراء السلع وحبسها، فتقِلُّ بين الناس، فيرفع البائع من سعرها استغلالًا لندرتها، ويصيب الناسَ بسبب ذلك الضررُ، وقد نهى عنه الشارع وحرَّمه.
حكم الاحتكار في الإسلام
فقد روي أنَّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئ»، والأصل في الاحتكار حجب السلع عن أيدي الناس إضرارًا بهم حتى يصعب الحصول عليها وترتفع قيمتها؛ فيحصل المحتكرون على الأرباح الباهظة دون منافسة تجارية عادلة، وهو من أشدّ أبواب التضييق والضرر، والسلع التي يجري فيها الاحتكار هي كل ما يقع على الناس الضرر بحبسها.
وبينت أن النصوص الشرعية دلت على أنَّ الاحتكار من أعظم المعاصي، وخاصة إذا أحدث بالناس ضررًا، فقد اشتملت الأخبار على لعن المُحْتَكِر وتوعّده بالعذاب الأخروي الشديد؛ ومن ذلك قول النبي «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئ»، وقوله أيضا: «مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لَيُغْلِيَ عَلَيْهِمْ، كَانَ حَقًّا عَلَى ٱللهِ أَنْ يَقْذِفَهُ فِي مُعْظَمِ جَهَنَّمَ رَأْسُهُ أَسْفَلُهُ»؛ إلى غير ذلك من الأخبار الدالة بعمومها وإطلاقها على حرمة الاحتكار سواء للأفراد أو للشركات المحلية أو الأجنبية أو حتى الحكومات.
اقرأ
أيضًا..
الشريعة والاحتكار
وقد قرَّرت الشريعة الإسلامية أساليب عدة لإزالة آثار الاحتكار في المجتمع إذا كان في سلعة ضرورية للناس عملًا بالقاعدة الفقهية: "الضرر يزال"؛ ومن هذه الأساليب أن يُجبَر المحتكر على بيع ما لديه، وأن يُسعَّر عليه حتى يضيع عليه مقصده من الاحتكار.
وبينت أن عرض ما اختزنه المحتكِر من السلع في السوق وإجباره على بيع ما لديه سيؤدي بالضرورة إلى زيادة العرض، وقد يلغي كل آثار الاحتكار؛ حيث ينخفض السعر بزيادة العرض.
فإن أصرَّ المحتكرون على أن يبيعوا بثمن مرتفع فيجوز لولي الأمر الإلزام ببيع هذه السلعة بسعر محدد من قِبَله، وهو ما يُسمى بالتسعير.
وعلى ذلك: فيجوز تعزير المحتكر بغرامة مالية أو بمصادرة ماله؛ وعلى ذلك نص قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رقم (3) لسنة 2005م مع تعديلاته بالقانون رقم (56) لسنة 2014م.
اقرأ
أيضًا..
محرّم ومنهي عنه
وبناء على ذلك فإنَّ الاحتكار من الأمور المحرمة المنهيّ عنها؛ لما تلحقه بالناس من التضييق والضرر باقتصادهم واختلال أسواقهم.
ويجوز شرعًا لولي الأمر أن يُحَدّد ثمن السلعة التي دخلها الاحتكار؛ لتباع بثمنها الأصلي، فإن أبى البائع المحتكر إلا أن يبيع بما شاء باعها ولي الأمر عليه، وعَزَّرَه بما يراه مناسبًا لجرمه ولردعه سواء بالحبس أو بالتغريم.