الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

حاتم يتزوج أرملة عمه ووالدها يصرخ أمام المحكمة: الجوازة باطلة

الإثنين 14/فبراير/2022 - 05:02 م
هير نيوز

فجأة، انطلقت صرخة مفزعة من داخل حجرة الحاج حمزة، لتمزق سكون الليل، وانتفض حاتم من بين أغطيته الثقيلة التي يتدثر بها هربا من لسعات البرد، ليرهف سمعه، متمنيا ألا تكون تلك الصرخة منبعثة حقا من حجرة عمه العجوز الذي رباه فكان خير عوض عن والده وأمه. 

لكن سرعان ما تبخرت أمنية الشاب، وهو يسمع صوت اندفاع زوجة عمه الشابة غادة، من حجرتها إلى حجرته، ويبدو أنه لم تسعفها الصدمة حتى تفكر قبل أن تدخل على حاتم حجرته بقميص نومها القصير، الشفاف، الذي يكشف أكثر مما يستر من جسدها، كانت ترتعد، وهي تقول والرعب يملأ ملامحها: عمك، مات يا حاتم، كانت غادة تتكلم بينما أشاح عنها حاتم بوجهه متفاديا ثورة الأنوثة التي اجتاحت حجرته فجأة. 

وهرول حاتم سريره إلى حجرة عمه ليمسك يده باحثا عن عروقه ونبضه، وأي مظهر من مظاهر الحياة، بعد أن تجمدت ملامح العم وصار جسده كلوح من الثلج. 

لحظات عصيبة تمر كأنها دهر يولد من دهر، لكن سرعان ما يكتشف حاتم أن عمه مازال على قيد الحياة، فأمسك سماعة التليفون بيده المرتجفة، واتصل بأستاذه في كلية الطب، ليعتذر له عن الاتصال في هذه الساعة المتأخرة، ويتوسل إليه أن ينقذ عمه الذي يصعب نقله إلى أي مستشفى، واستجاب الأستاذ أمام توسلات وبكاء حاتم خوفا على عمه.



ظلت غادة تبكي منهارة في حجرة حاتم، لا تصدق أن زوجها لم يمت بين أحضانها قبل لحظات، كان يطعمها أحلي كلمات الحب التي يمكن للخريف الذابل أن يجذب بها الربيع المتدفق جمالا وحيوية ونشاطا، وفجأة، لم تجد في عيني الحاج حمزة غير بياض ثابت لا يتحرك، وأطراف باردة/ ولسان يحاول أن ينطق فيتلعثم ثم يتوقف، الآن يناديها حاتم ويطمئنها من داخل حجرتها، لكن قدميها لم تستطيعا أن تحملها، كأنها شجلت أو التصقت بالأرض، ظنت أن حاتم يحاول أن يبعد عنها الفزع والرعب في صدمة وفاة عمه، لحظات، ووصل الأستاذ الكبير، فحص الحاج حمزة وابتسم ثم راح يطمئن حاتم بأن الحالة يمكن السيطرة عليها طالما أنها الأزمة القلبية الأولى، كل المطلوب مسابقة الوقت، بسرعة تم نقل الحاج حمزة إلى سيارة الطبيب الكبير، ونقلاه إلى المستشفى، وبدأت رحلة العلاج من داخل حجرة العمليات التى تم تجهيزها في لحظات خاطفة أخرى.




أسبوعان لم يفارق خلالهما حاتم عمه رغم الشهور الأخيرة الحرجة قبل امتحانات بكالوريوس الطب، ظل يرافقه بالمستشفى ليل نهار، رفض أن تتحمل غادة عنه هذه المسئولية لأنه أولى بالرجل الذي وهب نفسه وشبابه وحياته من أجل تربيته وتحقيق كل أمنياته من ألعاب الطفولة البريئة إلي الالتحاق بكلية الطب، كان حاتم يخدم عمه وهو يطير من الفرحة فقد أهداه القدر فرصة عمره ليرد جزءا ضئيلا من صنائع عمه الرائعة معه، لكن حاتم لم يكن سعيدا بنفسه منذ تلك الليلة التي اقتحمت فيها غادة حجرته مفزوعة تظن أن زوجها قد مات، شيء ما تحرك في قلبه، أو في رغباته، أو في خواطره، شيء ما قد يكون من صنع الصدفة، أو من صنع إبليس، أو من صنع مرض طارئ أصاب أخلاقه، حيرته ظنونه وهو يحاول الإجابة عن حقيقة هذا الشيء الذي صار قوة جبارة في أعماقه تدفعه دفعا إلي رؤية غادة والسؤال عنها وإطالة الحديث معها وتأملها وهي تغدو وتجيء.
 
شيء خطير فتح عينيه على دنيا غير الدنيا، وأفسد عليه هدوءه وراحة باله والأمان النفسي الذي كان يملأ أعماقه، شيء ما جعله يعقد محاكمات طويلة لعمه الذي يدين له بالفضل الكبير عليه، كان إبليس يصور له أن عمه قد أخطأ حينما فكر في الارتباط بهذه الحسناء مبهرة الجمال وهو العجوز الذي أفلت منه الشباب وولي بغير رجعة، كان إبليس يصور لحاتم أن عمه بعد أن ماتت زوجته بعد ارتباط دام نصف قرن كان أحرى به أن يعتزل النساء ويستعد للقاء ربه دون أن يعتقل بأمواله وثرائه غير المحدود هذه الأنثى مرعبة الفتنة، لا لشيء غير أن أباها الفقير أراد أن يسدد بها ديونه إلي الحاج حمزة!، مشاهد إبليسية كثيرة كادت أن تخرج حاتم عن تدينه والتزامه الأخلاقي ليكفر بعمه ويتهمه بالظلم واعتقال أنثي دون وجه حق، لكن سرعان ما كان حاتم يرتد إلي صوابه ويستعيذ بالله من الشيطان ويدرك أن عمه لم يجبر غادة أو أهلها علي مصاهرته، بل هم الذين سعوا إليه، ومن يرفض مثل هذا الجمال المحتشد في امرأة، لا يكون إلا سفيها.



عاد العم إلى شقته أكثر عافية وصحة، استجاب لنصائح الطبيب الكبير الذي نظم له حياته كعريس في شهور الزفاف الأولى، لكن حاتم افتعل المبررات والأسباب وأصر على الانتقال إلى شقة صغيرة في إحدى المدن الجديدة البعيدة، وكان مفهوما لحاتم أن يتمسك به عمه ولا يفرط فيه بسهولة، لكن حاتم انبهر بموقف غادة التي كانت في قمة انفعالها وهي ترجوه ألا يرحل، حزم حاتم حقائبه، انتقل إلي مقره الجديد، وأخفت غادة دموعها وهي تودعه، سألته عن عنوانه الجديد ورقم تليفونه وفهمت من ردوده أنه هو الذي سيتصل ويحضر للزيارة بين حين وآخر فصمتت وهي تلعن جبروته.

تخرٌّج حاتم، وهو بذل جهدا خارقا ليطرد طيف غادة من خياله وهو بعيد عنها،  وبذل جهدا أكبر كلما قابلته بلهفة الأنثي الجريحة وهو يزور عمه متعمدا تجاهله، وحصل على عقد عمل بإحدى الدول العربية وهرب من مصر كلها، لكن حاتم بكى وهو في الطائرة حينما أدرك أنه يهرب من امرأة لم يعد يرى في الدنيا أنثى سواها. 

عام واحد وجاءته المكالمة الحزينة، والد غادة اتصل به ليبلغه بوفاة عمه، حجز على أول طائرة، عاد إلى مصر وقد تورمت عيناه على فراق عمه إلى الأبد، شيٌّع جنازته وعاد يعزي غادة، لكنها سألته بوضوح هذه المرة هل ستسافر مرة أخرى؟ فصمت حاتم لحظة ثم أجابها مرتبكا: المؤكد أني سوف أعود، لو أني سافرت لإنهاء أعمالي هناك.

وسافر حاتم، لكنه هذه المرة كان أكثر جرأة مع نفسه، لقد صارت غادة بلا قيود، خلعت قيودها التي كانت تقيده هو الآخر، لكن القرار الصعب كان يحتاج إلي وقت آخر، إلا أن غادة لم تترك عواطفها للصدفة من جديد، سافرت هي إليه بعد انقضاء عدتها، صارحته بحبها الذي اكتوت به في صمت، وصارحها بالنار الذي ارتضى أن تحرقه وتعذبه ليظل ضميره يقظا نحو الرجل الذي ربٌاه، واندفع الاثنان بعاطفة جامحة للعودة إلي مصر، واتجها مباشرة من المطار إلى المأذون، تزوجا وأقاما معا، لكن والد غادة سارع إلي المحكمة يطلب التفريق بين ابنته وزوجها الثاني باعتبار أن زواجهما باطل شرعا باعتبار تحريم زواج الأبناء ممن نكح آباؤهم، والعم في مرتبة الأب.


اقرأ أيضًا..

الكلمات المفتاحية
ads