الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

في عيد الحب.. هل تعاني المرأة السودانية من «الجفاف العاطفي»؟

الأحد 13/فبراير/2022 - 03:01 م
هير نيوز

آثار إعلان أحد الأخصائيين النفسيين في السودان، عن افتتاح مدرسة مجانية لتعليم الرومانسية في الخرطوم قبل سنوات، ردود فعل واسعة في الشارع السوداني بين السخرية والاستنكار للفكرة، بل وأصبحت موضوعًا للتندر والسخرية في وسائل التواصل الاجتماعي.


ويعود افتتاح مدرسة تعليم الرومانسية، إلى أن الرجل السوداني ظل متهمًا ببروده العاطفي وتجمد مشاعره تجاه المرأة، وأنه جاف في التعامل معها ولا يكترث لمشاعرها حتى وإن وصل لمرحلة الارتباط العاطفي بها، فإنه يبخل عليها بمشاعره وأحاسيسه، الأمر الذي فتح الباب واسعا أمام تساؤلات عديدة: ما الذي دفع آدم السوداني إلى هذا التبلد والتيبس وعدم الاهتمام بشريكة حياته؛ الأمر الذي أصبحت حواء السودانية تستقبله على أنه أصبح واقعًا لا فكاك منه، وأنها تخلت عن أجمل ما تريده المرأة من الرجل، وهو الاهتمام بها وبمشاعرها ومداعبتها شعوريًّا والتغزل فيها أبديًّا.


أسباب الجفاف العاطفي للرجل السوداني


فما هو الإرث الذي حمله آدم السوداني جيلا تلو جيل من الجفاف العاطفي والشعوري تجاه المرأة السودانية خصوصًا وتجاه المرأة عمومًا، وبمناسبة عيد الحب، تفتح «هير نيوز» هذا الملف وتستطلع بعض الآراء حوله في السطور التالية..




عيد الحب في السودان


بداية تقول السيدة السودانية سامية المبارك (52 سنة) إنه لا مكان للرومانسية والحب في حياتها، ولا تعني لها مناسبة عيد الحب شيئًا، وإنها تزوجت فقط لإكمال دينها وحصن نفسها، وترى أن الرجل السوداني لا يجيد التعبير عن مشاعره ولا يقدر المناسبات العاطفية مثل عيد الحب وعيد الزواج ولا يهتم بها من الأساس.


في المقابل يذهب محمد جمال (21 سنة) إلى أن عيد الحب لا يعني له شيئًا هو الآخر، وأنه غير مقتنع به إلا أنه في نفس الوقت لا يستنكر من يقومون بالاحتفال به؛ لأنه كل شخص واختياراته، وأنه في حال نيته الزواج فإنه يفضل أنه يظفر بذات الدين ولا مكان للحب والطقوس والرومانسية في حياته.





أما منار أحمد (26 سنة)، فجاء رأيها مختلفًا، وإن كان به عتاب على الرجل السوداني، فقالت: "كنت أمني نفسي أن أكون جنسيتي غير سودانية؛ وذلك لأنني أرى الفتيات في الدول العربية يتمتعن بالحب والرومانسية لأبعد حد، أما عندنا في السودان فالمرأة عبارة عن وعاء للإنجاب فقط ولخدمة الزوج وأهله، ولا يطيب خاطرها بالكلام الجميل، ودعك عن الحب والرومانسية".


وأكدت "منار" خلال حديثها أنها لم تختر أن تكون سودانية لكن بالتأكيد أن أمر زواجها بيدها، وأنها ستتزوج من أجنبي وإن لم تجد فلن تتزوج.


اقرأ أيضًا..




صاحب المدرسة الرومانسية


بدوره يقول صاحب مدرسة تعليم الرومانسية استشاري الصحة النفسية الدكتور علي بلدو: إن حالة الجفاف العاطفي الذي يعيشه الرجل السوداني، تطورت وتمددت كثيرًا في الآونة الأخيرة وتجاوزت كل حدود المعقول، وقد لا نبالغ أن نقول: إن العاطفة على وشك الاندثار في السودان؛ بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية المعقدة، والتي ألقت بظلالها على الحالة الشعورية والوجدانية للمواطن والمواطنة السودانية.


ويضيف بلدو أن الرجل السوداني لن يصبح رومانسيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها أو يلج الجمل في سم الخياط، وأنه تم إغلاق المدرسة الخاصة بتعليم الرومانسية؛ نتيجة لعدم جدواها حيث لم ينجح أحد فيها، وبالتالي هذا ينذر السيدات والفتيات ألا يأملن في تغيير سلوك الرجل السوداني حاليًّا، وأن هذا الأمر يحتاج إلى عقود طويلة من التأهيل والتدريب وتعديل التربية.


ويشير بلدو إلى أن آدم السوداني هو السبب الأساسي في معاناة المرأة السودانية العاطفية، وفي شعورها بالبتبلد الحسي والشعوري، وأن المرأة السودانية هي من أتعس نساء العالمين، وأن تركيبة الرجل السوداني وضوابط تربيته والإخفاقات العاطفية وانعدام مبدأ الثقافة النفسية والاجتماعية وتشابك الأسر مع بعضها البعض والتربية المتزمتة، واعتبار الرومانسية نوعًا من الاصطدام بالمثل والأخلاق والأعراف والتقاليد هي ما أدى في نهاية المطاف إلى هذا النفور.


وبالتالي الشعور بكثافة في الروح وعدم المقدرة على التعبير بصورة مباشرة؛ حيث يمتد التعبير إلى التعبير اللفظي والحسي وكل هذا معدوم في واقعنا السوداني المعاش؛ نتيجة لهذه الترسبات والتي ترجع إلى مهد الطفولة الأولى وإلى مرحلة الكهولة أو الشيخوخة، بجانب فقدان القدرة على التواصل والمهارات في التعبير عن الشعور الجيد ومعاني الاحتفاء، وهذا يؤدي إلى الانفصال والإخفاق في العلاقات العاطفية ويؤدي أيضًا إلى العنف الزوجي والعنف المعنوي تجاه المرأة، وكذلك الاستهلاك الشعوري والاضطهاد العاطفي اللذين تعاني منهما كثير من نساء السودان.




الطلاق العاطفي 


وأشار بلدو إلى أن أكثر من 80 في المائة من الأزواج في السودان يعيشون حالة من الطلاق العاطفي والانفصال الروحي وهو أشد خطرًا وقسوة على الفرد والمجتمع والناس، وإن كان لا يوثق في المحاكم وليس له أوراق في السجل المدني وليس له تبعات قانونية إلا أنه يمثل نهاية للعلاقات من الناحية الروحية والنفسية.





ويذهب بلدو في حديثه إلى أن الكثير جدًّا من معايير التربية والتنمية البشرية غير موجودة إضافة إلى الاعتقاد السطحي بمعاني الرومانسية من ناحية الشكل أو مناسبات معينة كعيد الحب لا يعبر عن السلوك الرومانسي في الحياة؛ حيث إن الشخص الرومانسي يكون رومانسيًّا في كل شيء في حياته بالمنزل والعمل وحتى على قارعة الطريق، بجانب أن النساء السودانيات قد تم دفعهن من الرجال لمشاهدة الرومانسية الموجودة في الدراما التركية والهندية والمصرية وما شابه ومحاولة الارتواء منها نتيجة لشغف الزوج أو الحبيب بها، وهذا يؤدي إلى أن تقوم المرأة بمحاولة تقليد أعمى لما تشاهده من رومانسية والذي بدوره لا يعجب الزوج فيبدأ بالمقارنة بين ما شاهده وما يملك في الحقيقة لذلك.


واختتم الدكتور على بلدو حديثه بأنه الشخص الوحيد الذي يمارس الرومانسية في السودان، وأن هناك محاولات من الآخرين لتقفي خطاه، ولكنه يرى أن الطريق مازال أمامهم طويلًا وعصي بهم اللحاق به؛ لأن الرومانسية من وجهة نظره تحتاج الكثير من الصبر والمثابرة والتأهيل.


ads