الجمعة 17 مايو 2024 الموافق 09 ذو القعدة 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

مأساة.. عريسها فارق الحياة فتزوجت والده هربًا من الشائعات

الأحد 30/يناير/2022 - 02:02 م
هير نيوز

جلس المهندس الشاب في مكانه المعتاد على الشاطئ المزدحم، لم تستقر عيناه على جرائد الصباح التي يتصفحها جريدة بعد أخرى، نطراته تطوف يمينًا ويسارًا بحثًا عن عصفور الشاطئ، تتلاحق أنفاسه وتنطلق تنهيدة حارقة من صورة وهو يسائل نفسه: 'ترى لماذا تأخر العصفور الرقيق؟ هل انتهت إجازته ومضى من حيث أتى؟ هل كانت أيام وساعات الأسبوع الماضي كلها مجرد فرصة ضائعة مثل الأهداف السهلة التي تضيع من مهاجمي الكرة دون داع أو مبرر؟ وبينما تسترسل تساؤلاته في خاطره، وعلامات الضيق والغضب ترتسم فوق ملامحه، ظهر العصفور فجأة، لم يكن هذا العصفور غير حسناء شابة تقضي فترة الصيف مع شقيقاتها فوق هذا الشاطئ، أطلق عليها حسام لقب العصفور منذ اللحظة الأولى التي التقت فيها عيناه مع عينيها دون أن يعرف اسمها أو عنوانها أوع مرها، فالحب مشروع لا يحتاج إلى بطاقة هوية أو دراسة  جدوى أو واسطة، لا يحتاج لأكثر من فتح ائتمان في قلب الطرفين، ويبدو أن نيرمين كانت مثله تحاول أن تقرأ في عيني حسام رسائل الصمت الصريحة، وترد عليها بصمت أكثر صراحة ووضوحًا، لكن الصمت الطويل لا يصنع بدايات الحب الكبير؛ لهذا قرر حسام في هذا الصباح أن يحدثها، يصطنع المناسبة، يخترع الموقف، ينتهز الفرصة الأخيرة ويسدد الهدف في مرمى العصفور، إلا أن نيرمين أفسدت كل خطته فور وصولها، اتجهت مع شقيقتها الكبرى إلى غرفة خلع الملابس وعادت بعد لحظات وهي ترتدي المايوه.





بداية القصة


لحظات أخرى وطار العصفور ملقيًا بنفسه بين أحضان البحر تركزت نظرات حسام عليها وكأنه يحسد الأمواج كلما عانقت جسد العصفور واحتوته، وحملته للأمام أو عادت به إلى الخلف في موكب مكشوف من مواكب الجمال والسحر، أما قرص الشمس فوق أمواج البحر فلم يبخل بأشعته الذهبية ليزداد الموكب بريقًا ولمعانًا وإثارة فجأة، سقط قلب حسام في قدميه، وقف مذعورًا، سمع صرخات متتالية تؤكد أن ما يراه حقيقة لا خيالًا، العصفور يغرق، الجمال يموت، الدوامة اغتالت بطلة الموكب المكشوف، الأمواج عاجزة وقرص الشمس كأنه يبكي ويحرق وينثر لهيبًا فوق الماء، قفز حسام بلا وعي نحو الأمواج، صرخات تحذره، وصرخات تشجعه، لكنه لم يسمع غير النداء الصاخب المنبعث من أعماقه، غاص في الماء وارتفع حاملًا نيرمين، سبح بها وكأنه عائد بعمره الذي كاد أن يفلت منه.





ارتفعت زغاريد النساء وتقدم طبيب ومسعف وأصحاب خبرات لإجراء الإسعافات حتى فتحت نيرمين عينيها غير مصدقة أنها عادت للحياة على يدي هذا الشاب الذي كانت تموت فيه عشقا وتظنه لا يدري، التقيا مرات ومرات، عادا إلى القاهرة، وتكررت اللقاءات، حكت له عن مرارة اليتم الذي عاشته بعد رحيل أبويها، وحكى عن صداقته الوطيدة بالإنسان الذي خرج به من الدنيا، أبوه، وكم يطول الحوار ويتشعب ويسرقه الوقت بين المحبين، وعدته نيرمين أن تكون أمه التي رحلت عن الدنيا يوم ولدته، ووعدها أن يكون أبوها وأمها وكل الناس، اتفقا على الزواج، وبكى الأب وهو يرى ابنه حسام يتأهب لليلة الزفاف، وسارعت نيرمين تمسح عن الأب دموعه وتؤكد له أنه لن يكون وحيدًا أبدًا، لم يرد الأب وهوى بجسده إلى أقرب مقعد.


 


اقرأ أيضًا..


خطأ من المحامي ضيّع الخلع على الزوجة.. تعرفي على التفاصيل


وفاة العريس


تحمست نيرمين واختلت بحسام ترجوه ان يوافقها على أن يغلقا شقة الزفاف ويتزوجا في شقة أبيه، أعجبت الفكرة حسام وراح يبشر أباه بها، عانقهما الأب واختلطت دموع الثلاثة في لحظة واحدة، أيام وتم عقد قران نيرمين وحسام، قبل الزفاف بيومين وقعت المفاجأة التي قلبت كل الأوراق رأسًا على عقب، نزل حسام من سيارته لتغيير إطار السيارة الذي انفجر فجأة، سيارة طائشة صدمته بقوة، طار في الهواء عشرة أمتار ثم سقط جثة هامدة، الواقع كان أكبر من كل محاولات العزاء التي قدمها الناس للأب والعروس الشابة، الأب لا يصدق أن حجرة حسام سوف تخلو منه إلى الأبد، مائدة الطعام لم يجلس عليها ثانية، ملابسه تنتظره في مكانها، تليفونه مات مثله، لكن طيفه ما زال يسكن بين جدران الشقة، ساءت صحة الأب، طالت لحيته ونحل جسده وانكسرت عيناه وضاع منها البريق، ولزم الفراش يرجو الموت ألا يتأخر عليه كثيرا ويحرمه من لقاء ابنه في حياة أبدية، أما نيرمين فقد انعزلت عن الدنيا، ما زال حسام يداعب أذنيها ويفجر كل براكين الحزن في قلبها: 'عارفه أنا ليه سميتك عصفور، علشان رقتك، وزقزقة صوتك حينما كنت تتكلمين او تضحكين، تمشين فوق الأرض وكأنك تطيرين' أشياء كثيرة كانت تعذب نيرمين، هدايا حسام، رسائله، ذات يوم خرجت نيرمين وقد اتخذت قرارا لا رجعه فيه، ذهبت الي والد حسام ، تجرأت وعانقته، حلقت له لحيته الطويلة بيدها، طهت له طعام الغداء، تحملت ودخلت حجرة حسام تنظفها، اعدت للأب اكواب الشاي والقهوة وراحت ترجوه أن يسمح لها بالحياة في بيته لأنه من رائحة حسام، ولم يتردد الأب في الموافقة لأنها­ أيضا ­ من رائحة حسام.





تزوجت حماها


شهور قليلة وشنت ألسنة الناس هجوما على العجوز والحسناء، حاصرتهما الشائعات، ولم ترحم الأقاويل دموع الأب وعروس ابنه التي ترملت، طلبت نيرمين أن تتزوج الأب ووجد الأب في الزواج فرصة للرد علي كلام الناس، وتم الزواج، لكن شقيق الأب رفع دعوى يطالب بالتفريق بين العجوز والحسناء، ورد الأب بوضوح وحسم وهو يبكي أمام القاضي قال إن ابنه لم يدخل بعروسه، وإنه لم يتزوج على سبيل المتعة، وإنما تزوج على سبيل العزاء، وقالت له العروس إن علاقتها بوالد حسام وعلاقته بها هي مرحلة ما بعد الحب.

 

ads
ads