الإعجاز العلمي في آيات القرآن (2)
الأربعاء 06/أكتوبر/2021 - 04:00 م
مؤمن رمزي
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ليس لأنّ القرآن ذكر حقائق علميّة سبق بها الكشوفات الحديثة فحسب، وإنّما مجرد خلو القرآن من أي خطأ علمي أو غيره يدل على إعجازه، ولأنّه نزل في زمن يختلف كثيرًا من الناحية الثقافية والعلمية بمختلف جوانب الحياة، حيث كان المجتمع الإنساني في ذلك الوقت متأخرًا كثيرًا علميًّا عمّا عليه الآن، مما يدل أنّ هذا القرآن يستحيل أن يكون من وضع البشر، بل لا بدّ من التفتيش عن سبب لـه خارج عن البشرية ومحتواها الفكري، وخارج عن طاقات المخلوقين، وفي السطور القادمة نستكمل الإعجاز العلمي في آيات القرآن.
وجود الحديد
أنزل الله تعالى الحديد من السّماء بدليل قوله -تعالى: " وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ " ولمّا بدأ العلماء بالبحث عن كيفيّة وجود الحديد توصّلوا إلى أنّ الكون يتكوّن بما نسبته ثمانٍ وتسعين بالمئة من الهيدروجين والهيليومن وهما أخفّ العناصر، أمّا الاثنين بالمئة المتبقّية فتُشكّل مئة وخمسة من العناصر، وهي العناصر الثقيلة، ممّا دفعهم للوصول إلى أنّ العناصر الثّقيلة تتكوّن عن طريق حدوث الاندماج النّووي والذي يُصاحبه طاقة هائلة، فالنّجوم مثلًا تصل حرارتها إلى ثلاثمئة ألف مليون درجة، وهذه الحرارة تُعدّ بيئةً مناسبة لتكَوّن الحديد، فإذا وصل الحديد ما نسبته خمسين بالمئة من كتلة النّجم، وأصبح قلب النّجم كلّه حديد أدّى ذلك إلى انفجار النّجم وتناثُر أشلائه في الكون، فتدخل في مجال جاذبيّة الأجرام السماويّة الأخرى التي تحتاج إلى هذا الحديد.
الجبال الركامية
قال الله تعالى-: " وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ " والمراد بالسّماء في الآية إمّا السّحاب أو الفضاء، فعندما تتكاثف السُّحب تصل بضخامتها لحجم الجبال والتي ينزل منها البَرَد، وقد شُبهت السّحب الرّكامية بالجبال لضخامتها وكبر حجمها، وقد أكّد العلماء أنّ شكل السّحب الرّكامية يُشبه الجبال، حيث إنّ شكلها هرميّ قاعدته إلى الأسفل ورأسه نحو الأعلى، وهذا ما ذُكر في الآية الكريمة بأنّ شكلها كالجبال، وأنّ المطر ينزل منها.
النظام الكوني المتوازن
يدلّ قول الله -تعالى في القرآن الكريم: " إِنَّ اللَّـهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا " إلى أنّ توازن الكون ناتجٌ عمّا جعله الله تعالى من الجاذبيّة التي تمنعه من السّقوط، ويوم القيامة يُزيل الله تعالى هذه الجاذبيّة فتتناثر الكواكب، ويكون الانفطار أي الانشقاق-، والتّكوير لفّ الشمس ورميها فيذهب ضوءها، والانكدار تساقط النجوم وانطفاؤها، وغيرها ممّا عبّر عنه القرآن الكريم من مشاهد يوم القيامة.
ظلمة المحيطات والأمواج الداخلية في بطن مياهه
قول الله تعالى في سياق الحديث عن عاقبة الكافرين في الدّنيا: " أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّـهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ" وقد وافق ذلك ما تمّ اكتشافه من قِبَل العلماء الذين غاصوا في البحر وعلموا مكنوناته، ومع ذلك فإنَّ الغوص الذي يستطيع الإنسان الوصول إليه لا يتجاوز الثلاثين مترًا، فإن زاد فلا يُمكنه أن يعود حيًّا، وهو ما وصفه الله تعالى فقال: " أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ " فكلّما زاد العمق إلى الدّاخل تزداد الظّلمات ظلمةً بعد ظلمة، وتنعدم الرؤية.