مطلقات خرجن من زنزانة الزواج إلى مجتمع السجانين
الإثنين 27/سبتمبر/2021 - 05:40 م
عبدالله أبو الخير
وكأنه من المقدر للنساء المطلقات بالمجتمع الشرقي أن يتجرعن الألم في حياتهن بلا هوادة؛ فبعد أن تترك المطلقة من الحياة الزوجية ربما تجد فيها المهانة، ولعلها فكرت قبل أخذ قرار الطلاق -إن كان بطلب منها- عشرات المرات فيما ستلقاه بعد طلاقها.
وهناك نوع آخر من الطلاق، نرى فيه الزوج تخلى عن المرأة التي ساندته ودعمته حتى علا شأنه فاحتقرها ورأى عدم كفاءتها ومناسبتها لمكانته الجديدة، وهناك من يطلق من ادعى حبها وربما دامت عشرتهما سنوات طوال فقط لمرضها.
ثم ما أن تطَّلق المرأة يا ليتها تجد حريتها وتتمكن من بداية حياة جديدة، وإنما هي كمن خرجت من زنزانة الزواج لسجن مجتمع كل فرد فيه ينصب نفسه سجانا؛ فلا تسلم من لسان هذا ولا نظرة ذاك ولا اتهامات تلك، فدائما تدور الشكوك حولها وحول سمعتها فلا تجد مأوى آمن في ذلك المجتمع الذي ينبذها دون تفكير.
نظرة المجتمع للمرأة المطلقة
فالنظرة السلبية من المجتمع للمرأة المطلقة هي نظرة وحيدة تتآخى معها العديد من النظرات لجميع النساء في مجتمعنا؛ فهي السبب في كل الأعباء؛ وأي حالة طلاق هي المخطئة فيها؛ هكذا يتعامل مجتمعنا معها، وفقا لرأي الدكتورة سامية خضر، أستاذة الاجتماع بجامعة عين شمس.
وأوضحت أستاذة الاجتماع، أن مجتمعنا يعتبر المرأة هي من يمكنها تحويل البيت إما لجنة وإما لنار؛ فإذا رسب الولد فهي السبب، وإذا تزوج زوجها من غيرها فهي السبب، وإذا ضربها فهي السبب، وإذا طلقها فهي السبب.
وبينت "خضر"، أن تغير تلك النظرة المجتمعية للمرأة يتطلب توعية المجتمع ككل، وذلك يظهر جليا من خلال حالات الطلاق التي انتشرت بشكل كبير؛ وهو ما يتطلب منا أن نقوم بتدريب الشباب والفتيات على مسؤوليات الزواج قبل الإقبال عليه.
علم النفس
بينما ترى الدكتورة رحاب العوضي، استشاري علم نفس والاجتماع، أن مجمعاتنا العربية مجتمعات عقيمة تهتم بالمظاهر أكثر من اهتمامها بالجوهر؛ فيوميا نسمع عن حوادث زوجات خائنات، وفتيات أجهضن أنفسهن، وأبناء شوارع مشردين تحت الكباري أو حول أكوام من القمامة؛ وغيرها من الصور التي صدرت لنا على مدار سنوات من خلال الإعلام والأعمال الفنية؛ أن الزوجة غير المتزوجة تسعى للزواج بأي طريقة؛ ويمكنها أن تخرب بيت أي أحد لأجل الزواج.
وتابعت "العوضي": "تجاهلوا تماما أن لها حياتها وأولادها؛ وذلك يكون في الأرياف أكثر من الحضر؛ فحتى في مزاح الناس وضحكهم يطلقون النكات والألفاظ التي تقل من شأن المطلقة؛ فيقولون: "دا قاعد زي المطلقة".
اقرأ أيضًا..
وأكدت أن كل هذا يؤثر على المطلقة، ولكن في حالة اهتمامها بهذا الكلام، وآراء الناس فيها؛ فالمطلقة غالبا ما تكون ضحية، ضحية زوج مفتر أو مدمن أو غيره، وإذا اهتمت بكلام الناس وآرائهم ستصبح شخصا انطوائيا خائفا لا يمكنه إحراز أي تقدم في حياته، وتبدأ في فقدان ثقتها بنفسها وبأولادها".
ونصحت في النهاية: "على هذا فلا بد للمطلقة ألا تعير كلام الناس ولا اتهاماتهم اهتماما طالما لا تفعل شيء ضد الشرع أو القانون".