الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

هل فتاوى الميراث تتعارض؟! العلماء يختلفون في قضايا التركات

الأحد 19/سبتمبر/2021 - 03:37 م
هير نيوز

ثارت على الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي قضية تباينت فيها آراء علماء الأزهر والمفتين، حول حكم كتابة الأب أملاكه لبناته قبل وفاته.

فتوى الدكتور علي جمعة:

أفتى الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، بأنه يجوز للأب كتابة أملاكه لبناته؛ لضمان حياة مستقرة لهم بعد الوفاة ومساعدتهم في المعيشة وتكاليف الزواج.
وأضاف في برنامجه على قناة "سي بي سي"، أن الأب لو كتب الأملاك كاملة للبنات بنية حرمان الإخوة من الميراث، فإن التصرف صحيح مع الحرمة، وعقابه عند الله عز وجل يوم الحساب، مؤكدا أن التركة لا تكون إلا بعد الوفاة، أما قبل الوفاة فالإنسان حر في ماله وأملاكه يتصرف فيها كيفما يشاء، فحقيقة امتلاك الشيء هو كمال التصرف.
كما أشار د. علي جمعة إلى أن تشريع الميراث في الإسلام لم ينشأ على التمييز بين الذكر والأنثى.

رأي د. مبروك عطية

ذكر الدكتور مبروك عطية، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، في حوار له مع برنامج "يحدث في مصر"، المذاع على "إم بي سي": إن عملية المواريث خطيرة، ويجب السير على الأصل الأصيل، وإن الله شرع الدين فلا يجوز لأحد أن يغير شرع الله؛ لأن التشريع في صالح الآدميين في الدنيا والآخرة.
وأضاف "عطية" أن الآية التي تلي آيات المواريث هي: "تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ" (سورة النساء: 13، 14).
وأكد د. مبروك عطية أن كتابة الأب لبناته الميراث لمنع الورثة الشرعيين من الميراث أمر محرم شرعًا، وسيؤدي به إلى النار، مفسرا أن كل شيء قد كتب في كتاب المواريث، مبينا أن البنت لها نصف التركة لو كانت واحدة، وإن كانتا اثنتين فأكثر فلهن الثلثان، وذكر أن كلمة "هو حر في ماله" ليست صحيحة، بل هو حر وفق الضوابط التي حددها الله في الشريعة الإسلامية، وأن الخالق هو الذي حدد نصيب المخلوقين.

الدكتور مجدي عاشور

أوضح الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية، أنه يجوز كتابة الأب أملاكه لبناته؛ لأنه حر في التصرف في ماله كيف يشاء، منوها أن الأب إذا كان يريد كفاية حاجة بناته وهن في سن التعليم أو الزواج، خاصة مع ضعف العلاقات الأسرية الآن، فالشرع يقول إنه يجوز أن يعطيهن ما شاء في حياته.
وتابع: "يشترط في هذا ألا تكون نية الأب حرمان الورثة من الميراث بعد وفاته؛ لأن هذا لا يجوز شرعا"، ناصحًا الأب أن يمسك بعض المال لينفق منه على نفسه لو كتب أملاكه لبناته في حياته".
وكشف عن مخرج يرضي الجميع، بأنه يمكن للأب أن يكتب للبنات ثلثي التركة أو ما عند الأب، ويبقى الثلث، ويكون حماية للأب لينفق منه في حياته حتى الوفاة، منوها أنه بعد الوفاة، ستحصل البنات على ثلثي الثلث المتروك قبل الوفاة، وبالتالي يكون هناك نصيب لباقي الورثة يحصلون عليه.

الدكتور أحمد كريمة

وأكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية "عزة مصطفى" في برنامج "صالة التحرير"، المذاع على قناة "صدى البلد"، أن كتابة الأب أملاكه للابن أو الابنة في حياته لا علاقة له بالميراث.
وأكمل: "ركن الميراث هو حياة وموت المورث، وقيام الأب بكتابة أملاكه لأبنائه الذكور والإناث في حياته يعتبر عقد بيع وشراء وليس ميراثًا، وهذا أمر جائز لأن الإنسان في حياته حر فيما يملك، ولا مانع من قيام الأب بكتابة أملاكه لأبنائه في حياته؛ لأن هناك خلط لدى البعض بأن ذلك يعتبر ميراثا، وهو أمر خطأ تمامًا".

ولاحظنا مع تغير المجتمع وجود فئة في المجتمع ليست بالقليلة تحرم البنات من الميراث بداعي أن الآخرين والغرباء "أزواج البنات" يأخذون أموالهن، فيمنعون الأخت أو البنت من الإرث مخالفين بذلك الشرع والقانون.

قصص واقعية

روت "أ.ع." أن في محافظة القليوبية كان هناك ثلاث أخوات توفي أبوهم، وكان لهم أخ ليس لديه أولاد بنين ومعه ثلاث بنات، فمنعوا أخاهم من الميراث بشرط أن تتزوج بناته الثلاث أولادهم، وبذلك يضمنون أن ميراثه سيكون لهم.
وتحكي "ز.أ." من سوهاج: "والدي توفي منذ سنتين، وأنا مطلقة ولي ثلاث أخوات متزوجات وأخت عازبة، وكنت آخذ معاش أبي أنا وأختي، وعندما طالبنا أنا وأختي بالميراث قالوا تنازلي عن معاش أبوكِ وخذي أرضك، فتنازلت أنا وأختي ولم نتحصل إلى الآن على الفلوس أو الأرض، ونصيبي في الميراث فدان وأختي كذلك".
وتقول "ر.ج." من المنصورة: "زوجي كان مريضا بالسرطان، وعندي أربعة أولاد، ولما توفي زوجي ذهبت لإخواته أطالبهم بميراث الأولاد، فرفضوا، وقالو نعطيك مبلغا شهريا تصرفيه وتعيشي بيه أنت والعيال إنما الميراث مش من حقكم".

قصص كثيرة حول الميراث، بسببه أرحام قطعت، وصلات مُزقت، وجرائم ارتكبت بين أشقاء حملتهم رحم واحدة! ما بين أب يميز بعض أبنائه، وآخر يحرم أحدهم وثالث يمنع الإناث من الميراث، أو أخ ساقه الطمع وحب الذات للاستحواذ على حق إخوته أو بنات أخيه المتوفى، وإجبارهن على الرضا بـ«موات» الممتلكات أو البيع بأبخس الأثمان.. آلاف القضايا تكتظ بها ساحات المحاكم للنظر في مواريث مغتصبة وتقسيم تركة مضى على وفاة صاحبها سنوات وسنوات.

كل هذا بسبب الجهل والطمع والحياء، جهل بفقه المواريث ومقصدها التشريعي، وطمع بعض الورثة في أنصبة غيرهم، وحياء أصحاب الحقوق -لا سيما الإناث- من المطالبة بحقوقهم قانونا وشرعا، فتمر السنون دون تقسيم التركة، ولا ينتفع بها إلا من وضع يده عليها، ويبقى الآخرون "ورثة مع إيقاف التنفيذ".

ads