براءة تلتهمها ذئاب بشرية.. أطفال على مذابح «الهوس الجنسي»
أوجاع قاسية وصرخات عالية تخرج دون البوح، براءة تبحث عن الأمان، ورجال يبحثون عن انتهاك البراءة كُلّ يوم. أطفال لا يستطيعون الشكوى، وليس لديهم القُدرة على المُقاومة أو الإفصاح بحقيقة ذلك الأمر.. فقط يرون قصص هتكهم بعد تعرّضهم للاغتصاب، لأنَّهم مهدّدون من الجُناة بعدم الحديث مع ذويهم.. حوادث مؤلمة وحكايات تقشعرّ لها الأبدان، أبطالها هم أطفال في سنّ الـ5 سنوات وما قبلها، يتعرضون للاغتصاب على يدّ ذئاب بشرية يبلغون من العقل ما يكفي للحياة.
وحسب الوقائع والاحصائيات؛ فإنَّ الفتيات في عُمر العشرين، لم يعدن الفريسة الأولى للمغتصبين، بل أصبح الأطفال الصِغار والقاصرات، أولى المستهدفين للاغتصاب على يدّ كبار السنّ البالغين، وأكثرهُنّ ضررًا، مثل ما حدث مع طفلة الدقهلية التي اُغتصبت على يدّ إمام مسجد.
«هير نيوز» تفتح ملف جرائم الأطفال واغتصابهم على يدّ كبار السن، مما يُعرّضهم للإصابة دوما، ويؤثر على حياتهم المستقبلية سواء بدنيًا أو نفسيًا، وترصد الوقائع الدّالة على انتهاك براءتهم.
تعرضت الطفلة "جنة" القاطنة بإحدى مراكز محافظة الدقهلية للاغتصاب على يد إمام مسجد، أثناء تحفيظها القرآن، حيثُ هدد المتهم الطفلة بعد اغتصابها وهتك عرضها عدم إبلاغ والدتها بما تعرضت له على يدّ شيخها، ولكن عند ظهور أعراض الاغتصاب على وجه الطفلة وجسدها، شعرت الأمَّ بحالة غريبة تنتهي بالصدمة المفجعة، وفق رواية سارة والدة الطفلة جنة.
قالت ووالدة الطفلة، إنَّ زوجها متوفي، وأنَّ اعتراف طفلتها جاء بعد فترة من وقوع حادث الاعتداء الجنسي عليها في درس تحفيظ القراَن، مشيرة إلى أنَّ طفلتها لم تُخبرها إلى بعد مرور أسابيع من اغتصابها، خاصة بعد شعورها بحالة من الرعب والفزع والخوف: "كانت رافضة تحكي علشان خايفه واللى شجعها بنت عمها اللى كانت معاها فلقيتها جايه مع بنت عمها وبتقولي الحكاية فقلت لها خلاص متروحيش للدرس مرة تانية".
لم تكنّ الطفلة "جنة" هي الوحيدة التي تعرضت لانتهاك البراءة على يدّ كبار السنّ؛ بل تثبُت الوقائع العديد من الحوادث التي تتعلّق باغتصاب الأطفال بشكل مُستمر.
وقائع سابقة
ففي مايو الماضي، عثرت مباحث شربين بمحافظة الدقهلية، على جثة الطفل "أحمد. ي" 6 سنوات، في بيارة صرف صحي بعد ساعات من اختفائه، من أمام بيته في قرية "كفر الدبوسي" وتبين أنه تعرض لمحاولة اغتصاب من أحد أقاربه وخنقه.
وفي ديسمبر 2018، حكمت محكمة جنايات القاهرة، بالسجن المؤبد، على قضية خطف الطفل "عمر.ش" واغتصابه على يد المتسول إسماعيل، 38 عامًا، لمقابر عرب راشد في حلوان.
أمَّا في سبتمبر 2018، تمكن ضباط مباحث مركز شرطة قليوب من القبض على 4 متهمين لقيامهم بالتعدي جنسيا على طفل بالصف الثاني الإعدادي، وتصويره بالهاتف المحمول في أثناء قيامهم بذلك، بعد استدراجه إلى إحدى الأراضي الزراعية والتعدي عليه جنسيًا.
وفي مارس 2018، ضبطت مباحث القاهرة، سائق "توك توك"، بتهمة اختطاف طفل واغتصابه بمنطقة الدويقة، حيث استغل لحظة سيره بالشارع لشراء بعض المستلزمات، وكتم أنفاسه بمشاركة شخص آخر وتوجا به إلى منطقة جبلية وأجبراه على خلع ملابسه واعتدى أحدهما جنسيا عليه تحت تهديد السلاح.
وفي يناير 2018، قررت نيابة الأزبكية حبس مسجل خطر لمدة 4 أيام علي ذمة التحقيقات بتهمة خطف طفل والاعتداء عليه جنسيا بمخازن السكة الحديد في الأزبكية، وتبين من التحريات أن المتهم مطلوب ضبطه وإحضاره في 15 قضية هتك عرض من أطفال الشوارع، وهو معروف باسم "توربيني الأزبكية".
وفي نهاية شهر مارس 2017، اغتصب عامل بمركز بلقاس في الدقهلية، طفلة رضيعة "جنا" والمعروفة إعلاميا بـ"طفلة البامبرز" عمرها سنة و8 أشهر، بعد خطفها من أمام منزلها، وتوجه بها إلى مبنى مهجور، واعتدى عليها جنسيا.
بينما في يناير 2017، تجرد أب، عامل زراعي بالإسماعيلية، من الإنسانية، واستغل خروج زوجته من المنزل، واغتصب ابنته حتى حملت منه سِفاحا واكتشفوا أنها في شهرها الخامس.
وفي الشهر ذاته، اغتصب عامل ابنة شقيقته، 12 عاما، معاقة ذهنيا، داخل شقتها بالمرج، أثناء خروج والدتها من المنزل.
وفي يوليو 2016، قررت نيابة أول أكتوبر برئاسة المستشار أحمد حامد، حبس فرد أمن خاص، 15 يومًا، على ذمة التحقيقات؛ لاتهامه بالتعدي جنسيًا على طفل بكومباوند الخمايل بمدينة 6 أكتوبر.
علم النفس
بدوره قال الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية، إنَّ أسباب التحرش الجنسي بالأطفال واغتصابهم، يرجع لأحد الأمراض النفسية وهو "البيدوفيليا" أو الهوس الجنسي بالأطفال حيث يتمثل في إعجاب وميل الفرد جنسيا نحو طفل يصغره بخمس سنوات أو أكثر وهو شائع أكثر لدى الرجال، فتتميز شخصية هذا الفرد بالسيكوباتية حيث يسلك سلوك ضد المجتمع ويظهر بمظهر المحبوب المتحدث بطريقة جذابة وحديث منمق ومرتب، ولكنه يخبئ طاقة من الحقد تجاه أي أسرة مستقرة فيعزم على الانتقام من أفرادها، أو يحمل داخله طاقات غيره تجاه الطفلة الضحية لأنها حافظة للقرآن أو متفوقة دراسيا.
وأوضح "هندي" لـ«هير نيوز» أن هذا يحدث بسبب اضطرابات نفسية لدى الفرد أو حدوث خلل في الأسرة كالانفصال أو الهجر أو تعرض الشخص لأذى جنسي في الصغر، أو وجود لديه خلل في العلاقة الجنسية وانخفاض ثقته بنفسه ومفهومه لذاته أو يعاني من الكبت الجنسي، أو تعاطيه المخدرات، ومعاناته من متلازمة الانفصال الجزئي أي وجود خلل في عمل منظومة الدماغ، ومن الناحية أخرى يرفض المساعدة أو العلاج لتجنب نظرة المجتمع الغير مرغوب بها له.
وتابع "هندي" حديثه بأن الجاني يكون مجرم اجتماعي يفتقد لأحاسيس الشفقة والرحمة فلا يكتفي فقط بجريمته البشعة المرتكبة في حق الطفولة، لكنه في حالة إحساسه أن الطفل سيسبب له أذى أو مشاكل يمكن أن يصل الموضوع لحد قتل الطفل.
واستكمل أن الخيانة تأتي من المقربين كأولاد الخالة أو العمة أو من سائقي المدرسة أو حارس العمارة أو ممن لديهم سلطة على الطفل حيث يستغل ثقة الآباء فيهم، ويكون لديهم معلومات عن الأطفال وفهمهم لطبيعة الطفل وكيفية استدراجهم وتهديدهم.
القانون
قال أسامة توفيق، المحامي بالنقض والدستورية العليا، إنَّ الدستور المصري غلّظ عقوبة الاعتداء الجسدي، والاغتصاب خاصة، وذلك بعدما شهدت مصر ارتفاعًا في حالات التحرّش والاعتداء الجنسي، خلال الآونه الأخيرة، مما دفع القانون المصري، لتغليظ العقوبة وفق الأحكام والتشريعات الدستورية، وقد تصل العقوبة إلى الإعدام، بدلاً من المؤبد وذلك بموجب نص المادة 267 من قانون العقوبات المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011.
وأضاف توفيق، أنَّ القانون نصّ على من يعتدي على فتاة دون رضاها، يُعاقب بالإعدام أو المؤبد وفق ما تراه النيابة في حقّ ارتكاب الجاني فعلته، وطبقًا للقانون، وفي حالة اغتصاب طفلة قصرًا، لم تبلغ 18 عامًا، أو تعدد المتهمين فعلتهم الإجرامية، يعاقب المتهم بالإعدام.
وأوضح المحامي بالنقض والدستورية العليا، أنَّ النيابة العامة هي من تصف الحالة الجنائية وعقوبتها، وفقًا للقانون المصري والأدلّة المُثبتة، مشيرًا إلى أنَّ جرائم الإعتداء الجنسي ليست من الضروري وصفها بـ"الإغتصاب" وهذا يرجع لنوع القضية ومدى استيفاء الشروط والأدلّة.
ويتفق المحامي بالنقض، مع ارتفاع عدد جرائم الاعتداء الجنسي، خاصة اغتصاب الأطفال وانتهاء برائتهم، مؤكدًا أنَّها جريمة ويُعاقب الجاني فيها بما تقرره النيابة العامة وفق القانون المصري، والتي قد تصل للإعدام.
رأى الدين
قال الدكتور إبراهيم سامي، أستاذ الفقة المُقارن بجامعة الأزهر، إنَّ اغتصاب الأطفال جريمة عظيمة داخلة في الإفساد في الأرض، بل هي من أعظم الإفساد، ومحاربة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-".
وأضاف سامي، أنَّ الله عزّ وجلّ حرّم الاغتصاب بجميع حالاته، وأنَّ أن المغتصب محارب لله ورسوله، واستدلّ بقول الله عزّ وجلّ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
وأوضح أستاذ الفقة المُقارن بجامعة الأزهر، أنَّ اغتصاب الأطفال داخل في الإفساد في الأرض، مشيرًا إلى أنَّه من أعظم الكبائر، ويُعدّ زنا صريح، وعقّب على ذلك بقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }
وأشار سامي إلى أنَّ الاعتداء على الأطفال مُجرّم برمّته، وأنَّ المجني عليهم يواجهون حياة قاسية ويعتقدون بعد ذلك أنَّهم حياتهم أصبحت عبئًا على أنفسهم ومجتمعهم، فضلاً عن الأمراض النفسية التي تؤثر سلبا عليهم في جميع أطوار حياتهم.
اقرأ أيضًا..