البعد عن شرع الله.. علماء دين يوضحون أسباب العنف الأسري
العنف الأسري أو الزوجي هو أشدّ المخاطر فتكًا في حياة الأسرة؛ فهو سلوك غير أخلاقي حرمته الشريعة الإسلامية، وجرّمه القانون المصري، فلا يحقّ لزوج أنّ يُعنّف زوجته أو يركلها مهما كانت ظروف الحياة، والعكس أيضًا.
وانتشرت خلال الآونة الأخير ظاهرة العُنف
الأثري، في البيوت المصرية، فضلاً عن تأثيره الإيجابي في تفكك الأسر المصرية
وتشرّد الأطفال؛ لذلك وضع علماء الدين روشته طبية ودينية لمكافحة العُنف برمّته.
انتشار العنف الأسري
وترى الدكتورة بسنت الشيمي، أستاذ أصول
الفقه بجامعة الأزهر، أنَّ العُنف الأسري أو الزوجي انتشر خلال الآونه وأصبح
من أكثر المشاهد المؤلمة في عصرنا هذا، فضلاً عن تأثيراته الاجتماعية والنفسية
والصحية على الأسرة التي بها عُنف أسري، بالإضافة إلى أنَّ المودة والرحمة التي انقلبت
لغدر وقتل، تقضي على إمَّا الزوجة وإمّا الأولاد.
البُعد عن شرع الله
وقالت أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: إنَّ
الأسباب قبل أن تكون اجتماعية أو نفسية، فهي تكون البُعد عن شرع الله، وهذا في
المقام الأول؛ حيثُ الكثير من الأزواج بعدوا عن شرع الله عزّ وجل؛ لذلك غابت
نواياهم وطغى الشيطان على قلوبهم، فأصبحوا معميين عن تطبيق شرع الله وسنة نبيه صلى
الله عليه وسلم.
المودة والرحمة
وأشارت إلى أنَّ الله خلق المودة والرحمة
في قلب الإنسان، وعلى الإنسان أن يتدبّر آيات الله عزّ وجل عندما قال في كتابه: (وَمِنْ
آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا
وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
الزوج الصالح
لذلك من أهم النصائح للزوجة، أن تختار
زوجها الصالح، والتي ترى فيه الإيمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم
من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، وعن اختيار
زوجة قال: (تُـنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين
ترِبَتْ يداك)، وقال: (إياكم وخضراء الدمن، قالوا: وما خضراء الدمن؟ يا رسول الله،
قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء)، إذ إن الإعجاب ليس هو محور الاختيار فحسب، ثم
بعد تكوين الأسرة يأمر القرآن الكريم بحسن العشرة فيقول: (وعاشروهن بالمعروف)، ويأمر
الزوجات فيقول: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ
عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، ثم يقول المصطفى "صلى الله
عليه وسلم": (إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل
لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت)، ولنا فى رسول الله "صلى الله عليه وسلم"
أسوة حسنة كيف كان يعامل زوجاته ويلاطفهن ويقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)،
وما زال شرع الله مع حسن العشرة ولكن إذا استحالت وضاقت السبل على حل المشكلات وفض المنازعات، فيقول المولى عز وجل: ( فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ).
اقرأ أيضًا..
جرائم يقشعر لها الأبدان.. الأزهر والكنيسة ينتفضان لمواجهة العنف الأسري
انتشار الطلاق
وأضافت الدكتورة بسنت، أنَّ الطلاق أصبح الأكثر شيوعًا بين الأسر المصرية، وهذا يأتي نتيجة إما عُنف أو عدم تراضِ بين الزوجين، أو خلافات أخرى أسرية، مشيرة إلى أنَّ العُنف ينتهي في آخر المطاف بـ"الطلاق"، لذلك لابد على كلا الطرفين حسن الاختيار قبل الزواج.
ترسيخ لغة الحوار
وعن علاج تلك السلوكيات، أوضحت الدكتورة
بسنت الشيمي، أنَّه لابد من ترسيخ لغة الحوار بين الزوجين وإذابة المشكلات وعدم تراكمها،
وسياسة التسامح والتغافل للصغائر لاستمرار الحياة بدون ضغائن، وتبادل الاحترام والود،
كما يجب على كلا الطرفين من الزوجين وضع الإيجابيات في الأذهان وترسيخها حتى تطفو
على السلبيات، وفي حال الاختلاف على الطرفين الالتزام بكل معاير الاحترام والأخلاق
والاحتكام إلى أهل الصلاح لقوله تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا
حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ
اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}.
مفهوم وواجبات الزواج
وترى الدكتورة إنعام، داعية وواعظة متطوعة
بوزارة الأوقاف، أنَّ التفادي من المشكلات الزوجية، والعُنف الأسري تكمن في الوعي بمفهوم
الزواج وواجباته ومسئولياته ولا يكون هذا الوعي إلا بمعرفة تراكمية يكتسبها الفرد تدريجيا
منذ طفولته فالطفل ليس لديه من النماذج إلا نموذج اسرته.
التأهيل المبكر
وقالت: إنَّه يجب أنّ يحظى هذا الموضوع باهتمام بالغ، فينبغي أن
يكون جزء من المناهج التي تدرس، فتحظى كل مرحلة بوجبة معرفيه مناسبة لمرحلتها العمرية
فلا يكون التأهيل للمقبلين على الزواج فقط، بل يبدأ التأهيل مبكرا وتدريجيا فيكون الشخص
فكره الخاص في الزواج وفي شريك الحياة بناء على وعي وخبرات، والتنشئة على القيم والأخلاق
الحميدة وغرس بعض المفاهيم مثل: أن الغضب من ألد أعداء الإنسان كما علمنا الحبيب المصطفى
أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (يا رسول الله علمني كلمات أعيش بهن ولا تكثر علي فأنسى،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تغضب).
الفضفضة والطاقة السلبية
كما على الإنسان أنّ يحاول فهم نفسه وإمكانياته، فلكل منا عتبة للغضب يجب الا يبلغها، فلا يترك التراكمات تقوده إليها، لكن يجب أن تكون
لديه ثقافة الفضفضة ونبذ الطاقة السلبية، يجب أن تكون لديه الأدوات التي تخرجه من هذه
الدائرة كالرياضة أو الانشغال بالعمل أو الحديث لأهل الثقة، وكذلك مفهوم تعدد الأولويات
فيجب أن يكون للشخص العديد من الاهتمامات والأهداف فإن تعرض للإحباط في أحد الأركان
فما زال هناك أركان مضيئة تنهضه حين يسقط، كذلك الاحتراز من أضرار مواقع التواصل الاجتماعي، فليس كل الورد ذات ريح طيب ولا كل ما يلمع ذهبا.