بثلاثة اتجاهات متكاملة.. كيف قضت الدولة على ظاهرة «الغارمات»؟
يوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي من خلال لقاءاته المتعددة والمُختلفة، مواجهة ظاهرة الغارمات، وإسقاطها من دفاتر الخطر، وذلك بالحلول السياسية والعادلة التي تكافئ بين إنهاء الأزمة سياسيًا، وبين إنهائها دون عواقب قاسية.
وكانت آخر توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، لمواجهة أزمة الغارمات، في كلمته خلال حفل تكريم المرأة المصرية والأم المثالية 2021، والتي ألزم فيها وزارة المالية بدراسة واتخاذ ما يلزم من إجراءات للقضاء على ظاهرة الغارمات، وإطلاق ما يلزم من مبادرات في هذا الشأن بالتنسيق مع الجهات المعنية.
وكشف الرئيس عبد الفتاح السيسي، أولى مخاطر "ظاهرة الغارمات" إنَّها سببًا رئيسيًا في زيادة معدلات الفقر، خاصة بين النساء المطلقات، والنساء الأرامل والمعيلات، إذ تُعتبر ظاهرة ذات أبعاد اجتماعية خطيرة، بالإضافة إلى أنَّها تؤدي عواقب الظاهرة إلى تفاقم معدلات التفكك الأسري وتشرد الأطفال.
جهود الدولة في الحد من الظاهرة
سعت الدولة منذُ عام 2010 للحد من تلك الظاهرة، وأفرجت عن عدد كبير من الغارمات، وأفرجت وزارة الداخلية عن العديد من النساء منذ عام 2010 وحتى عام 2013 بواقع 568 سجينة عام 2010 و 358 عام 2011 و297 سجينة فقر في عام 2012. أما في عام 2013 فبلغ عدد الغارمات المفرج عنهن حوالي 99.
وعندما تولّى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتحديدًا في عام 2015، كثّفت الدولة جهودها في الحد من الظاهرة، ووضعت عدة محاور رئيسية وبديلة لمعالجة جذرية لمشكلة الغارمات، فعملت الدولة على ثلاثة اتجاهات متكاملة:
أولها: هو استمرار العفو عن الغارمات وخروجهن في المناسبات الرسمية، وذلك لتقليص الظاهرة والحد من تزايد أعداد الغارمين، وفي هذا الاتجاه تمت العديد من المبادرات الرئاسية، كان أولها "مبادرة مصر بلا غارمين" عام 2015، وكانت تلك المبادرة بمثابة الضوء لبعض المؤسسات الأخرى في الالتفات إلى الظاهرة.
وفي عام 2018، انطلقت "مبادرة سجون بلا غارمين وغارمات"، بتوجيه من الرئيس عبدالفتاح السيسي، وقد أولى صندوق "تحيا مصر" اهتمامًا خاصًا لهذا الملف، حيث عمل على تنفيذ عدة محاور رئيسية منها: الدعم الاجتماعي، والرعاية الصحية، والتمكين الاقتصادي، ودعم التعليم والتدريب، لتلك الفئات الأكثر احتياجًا، وقد تم رصد ما يقرب من 30 مليون جنيه لتنفيذ تلك المبادرة، بالإضافة إلى الإفراج عن 6400 حالة من مختلف السجون حتى عام 2019.
كما كان للصندوق تجربة سابقة؛ حيث تم رصد مبلغ 12 مليون جنيه في عام 2016 لفك كرب ما يقرب من 1400 غارم وغارمة، ويعمل الصندوق كذلك على دعم المشروعات الصغيرة، وإطلاق العديد من المبادرات التي تمكّن الأسرة من إيجاد دخل مناسب لها، ويحميها من الوقوع في الدين، مثل "مبادرة دكان الفرحة" لتجهيز الفتيات الأولى بالرعاية، ورفع العبء عن كاهل أمهاتهن، لا سيما أن العديد من قضايا الغارمات تكون نتيجة استدانة الأم لتجهيز ابنتها، وقد كلف الرئيس الصندوق بتجهيز 2000 فتاة ضمن تلك المبادرة.
الاتجاه الثاني: هو دراسة الظاهرة ومعالجتها، والوقوف على أسبابها، خاصة وأن لها أبعادًا ثقافية واجتماعية واقتصادية. وبهذا الصدد تم تشكيل اللجنة بناء على تكليف السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ وذلك لما تشغله هذه القضية من اهتمام رئاسي على التشديد على حوكمة سداد الديون للغارمين واتخاذ الإجراءات الوقائية لحماية المواطنين غير القادرين من الاستدانة.
اجتماع الوزارات لمواجهة الظاهرة
وقد تم عقد أول اجتماعات اللجنة في يوليو 2020، بممثلين من الوزارات والجهات المعنية بقضايا الغارمات، وتهدف اللجنة لرعاية الغارمين والغارمات، بالإضافة إلى تحديد التعريف الخاص بالغارمين والغارمات ووضع الاستراتيجية والخطط القومية للسياسات الخاصة بهم وإجراء التعديلات اللازمة على التشريعات الخاصة بتلك الفئة، كما ستقوم اللجنة بإنشاء قاعدة بيانات موحدة للحصر الدقيق للمستحقين؛ لضمان عدم ازدواجية سداد المديونية من أكثر من جهة، وربطها بالجهات ذات الصلة.
كما تهدف اللجنة لتوحيد جهود الجمعيات والمؤسسات الأهلية والدينية العاملة على سداد ديون الغارمين والغارمات، وإعداد حملات توعوية لتعزيز ثقافة الاستهلاك الرشيد، والتوعية من أضرار اللجوء إلى السلف والاقتراض غير الآمن خاصة بالقرى الأكثر فقرًا.
الاتجاه الثالث: ويتمثل في دعم الغارمات بعد خروجهن ومواجهة الحياة حتى لا يرجعن للسجن مرة أخرى، بجانب دعم المعيلات للأسر من النساء حتى لا تضطرهن لخوض تلك التجربة.
دراسة تؤكد جهود الدولة في مواجهة ظاهرة الغارمات
أعد المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية دراسة حديثة حول أوضاع الغارمات في مصر، وأكد خلال الدراسة أن بذلت الدولة المصرية العديد من الجهود بشأن المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث أعطى القانون رقم 152 لسنة 2020 بشأن تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر حوافز وإعفاءات وامتيازات ضريبية استفادت منها النساء بشكل كبير.
مشروعات متوسطة للنساء
على الجانب الاقتصادي بذلت الدولة المصرية العديد من الجهود بشأن المشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ حيث أعطى القانون رقم 152 لسنة 2020 بشأن تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر حوافز وإعفاءات وامتيازات ضريبية استفادت منها النساء بشكل كبير.
وبناء عليه وبحسب الهيئة العامة للرقابة المالية، فقد استحوذت المرأة على النصيب الأكبر من التمويل متناهي الصغر؛ حيث بلغ عدد المستفيدات من النساء في نهاية الربع الثاني من عام 2020 نحو 1.97 مليون مستفيدة بنسبة 63.74%، وبأرصدة تمويل قدرها 8.19 مليارات جنيه، ساهمت تلك الأرقام -إلى حدٍّ كبير- في تعزيز النمو الاقتصادي للمرأة، والحد من وطأة الفقر، الذي يعرض فئة عريضة منهن إلى الاستدانة ومن ثم دخول السجن.
كما تم إطلاق برنامج "مستورة" من خلال بنك ناصر الاجتماعي؛ حيث تم تقديم برامج تمويلية للمرأة بهدف تحويل المرأة من متلقية للدعم إلى عنصر فعال وطاقة منتجة، وقد تم صرف 320 مليون جنيه، لأكثر من 19 ألف مستفيدة، بالإضافة إلى تخصيص 3000 قرض من قروض مستورة للسيدات من ذوي الاحتياجات الخاصة لدمجهن في الحياة الاقتصادية.
حماية اجتماعية للغارمات
وعلى صعيد الرعاية الاجتماعية تستفيد النساء من 89% من برامج الحماية الاجتماعية، وقد غطى التأمين الاجتماعي حوالي 426 ألفًا بمبلغ 164 مليون جنيه مصري حتى مارس 2020.
وللنساء الأكثر احتياجًا، فقد بلغ عدد الأسر المسجلة على قواعد بيانات "تكافل وكرامة" والضمان الاجتماعي حوالي 6.5 ملايين أسرة، بالإضافة إلى صرف 65 مليون جنيه مصري كنفقة لـ 389 ألف امرأة مصرية.
اقرأ أيضًا..