سماحة.. «هير نيوز» في ضيافة قرية المطلقات والأرامل المعيلات
مع بزوغ الشمس، تراهم يحمِلّن المُعدات على رؤسهنّ، ويُمسكن بأيديهُنّ القليل من الأكل والشُرب، يخرُجن إلى الغِيطان لمساعدة أزواجهُن في فلاحة الأرض، تبدو من المشاهد وهُنّ يعملن في زراعة الأرض، ويحصدن المحاصيل ويربين الماشية فى حدث يخلو تماما من الرجال، أنهُنَّ عواجيز وشُيّاب، قدمن من بيوتهنّ المُريحة للعمل تحت أشعة الشمس الحارّة والقاتلة، هُنَّ نسوة بني قرية "سماحة" في مركز إدفو بمحافظة أسوان، والتي تحتوي على عدد كبير من السيدات المطلّقات والأرامل.
قرية "سماحة" هي إحدى المشروعات التي شرعت فيها وزارة الزراعة منذ عشرين عاما، للسيدات في زراعة الأراضي والتكفّل بمعيشتهُنّ، فلهٌنَّ فيها حكايات وعِظة، كما لهُنَّ فيها العديد من العواقب والمآسي التي لا تنتهي أبدا.
قبل عشرون عامًا، وتحديدًا في عهد وزير الزراعة يوسف والي سنة 1998، اختيرت 303 من السيدات المطلقات والأرامل ومن يعانى زوجها من العجز الكامل، للإقامة في قرية "سماحة" وتسليم كل سيدة ستة أفدنة ومسكنا، لتوطين القرية وزراعة أراضيها.
كانت لسيدات حكايات كثيرة مع القرية وما يُجرى بها، ومع الزراعة ورعاية المواشي وتحصيل المحاصيل والجمع بين البيت والأرض، وقيام البدريّة وعشيّة الوجع، بالإضافة للمعاناة التي لا تزال تحاصرهنّ من كل جانب.
"سيدة" مُطلقة تعيل بنتين ومديونة ومطالبة بالسداد
تقول "سيدة شعيب" إحدى سيدات قرية السماحة، إنَّ عمرها 42 سنة وعندما انفصلت عن زوجها كان عمرها 19 سنة، وكان لديها ابنتان الآن تدرسان فى الجامعة، وبدأت معاناتها فى الحياة منذ صغرها بداية من عدم اهتمام أهلها بتعليمها وأخرجوها من المدرسة وهي فى المرحلة الإعدادية وزواجها فى سن صغيرة، وبعد فترة انجبت بنتين، ثم انفصلنت.
قدّمت "سيدة" لكى تحصل على سكن وأرض فى قرية "سماحة" وبالفعل حصلت عليهما وكانت أصغر مطلقة فى القرية، ولهذا السبب رفض أهلها استقرارها فى القرية، ولكنّها أسكنت مع بناتها، وعندما استلمت الأفدنة الستة وهي غير مستصلحة، بدأت بزراعة محاصيل بسيطة حسب إمكانيتها، حتى المنازل تحمّلها تكلفة توصيل الكهرباء إليها ولم تتوافر المياه الصالحة للشرب وتشتري المياه العذبة تخزّنها للشرب فقط.
تواجه السيدة الأربعينية أزمات عديدة منها؛ عدم وجود مدرسة بالقرية، أيضًا المواصلات التي تؤرقهم كثيرًا، ونقص في الخدمات الأساسية التي يحتاجها كل بيت مصري، مشيرة إلى انَّها تعيش فى القرية منذ 2001، وشهدت بداية إنشائها، واستصلحت الأرض هي وبناتها بأيديهنّ وكان الجيران يساعدونهن في الزراعة.
كانت تظُنَّ "سيدة" أنَّ الأرض التي منتحتها وزارة الزراعة لها، دون ثمن، لكن طالبوا منها بدفع ثمنها وتراكمت الأقساط والفوائد عليها، وأصبحت الأن مُهددة هي وبناتها بالحبس وأيضا مطالبة إجباريا بالتحويل من الرى التقليدى إلى الرى الحديث وذلك سيتكلف مبالغ كثيرة.
وأتاحوا لها سحب قرض، ولكنّها لا تملك ما تسدد به القرض فكل ما تملكه معاش قدره 323 جنيها، فهل تُطعم أولادها أم تُسدد به القرض؟ وتتمنّى أن يصل صوتها إلى المسؤولين ويحلون هذه المشكلة.
على الجانب الأخر تُعاني "سعدية حسين" 63 سنة، من نفس المُعاناة، حيثُ تعيش فى قرية "السماحة" من 2002، وفَرحت عندما علمت بالمشروع، لكن فوجئت بها صحراء جرداء تحتاج إلى ثروة حتى تصلح للزراعة.
"سعدية" مطلوب منها 25 ألف جنيه سنويا لعدة سنوات
وتقول أنّهم يطالبونها دائما بأقساط وهي لا تمتلك شيئا إلا المعاش البسيط الذي لا يكفى لحياة كريمة، حسب وصفها، مشيرة إلى أنَّها لجأت إلى الاستدانة من الأقارب والجيران لتسديد ثمن السماد والكيماوى للأرض ومازالت الديون متراكمة عليها، ويطالبونها بالتحويل للرى بالتنقيط، ومطلوب أن تُسدد 25 ألف جنيه سنويا لعدة سنوات ولا تدرى ماذا تفعل وكيف التصرف.
اقرأ أيضًا..