كيف نتعلم من هجرة النبي التخطيط وحسن اختيار الكفاءات؟ ننشر نص خطبة الجمعة
الجمعة 13/أغسطس/2021 - 02:18 م
تناولت خطبة الجمعة اليوم كما قررتها وزارة الأوقاف الحلقة الثانية من الدروس المستفادة من الهجرة النبوية تحت عنوان:"حسن التخطيط واعتماد الكفاءات".
هيرنيوز تنشر نص الخطبة:
إن التخطيط الجيد سبب رئيس في نجاح أي عمل فما أحوجنا إلى التخطيط في كل مجالات حياتنا اقتداء برسولنا صلى الله عليه وسلم.
فتعالوا بنا لنرى كيف خطط حبيبنا صلى الله عليه وسلم لهجرته، وكيف كان ذلك التخطيط بفضل الله تعالى سببا في نجاة النبي صلى الله عليه وسلم ووصوله إلى المدينة المنورة سالماً آمنا.
إن المشركين اجتمعوا في دارِ النَّدوةِ لوضعِ خُطَّة لإنهاءِ أمرِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ، كما وصفَهم اللهُ تعالى بقولِه: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)[الأنفال:٣٠]، فَاتَّفَقَ رَأْيُهُمْ عَلَى رَأْيٍ رَآهُ شِرِّيرُهُمْ، أَبُو جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَهُوَ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ مِنْ قَبَائِلِ قُرَيْشٍ فَتًى، وَيُعْطُوهُ سَيْفًا صَارِمًا، وَيَقْتُلُهُ الْجَمِيعُ قَتْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لِيَتَفَرَّقَ دَمُهُ فِي الْقَبَائِلِ.
خطة محكمة
لقد أعلم الله جل وعلا وهو الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء فهو يعلم دبيب أرجل النملة السمراء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء.. أعلم حبيبه صلى الله عليه وسلم بما دبرته قريش وأمره جل وعلا بالهجرة .. فماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الهجرة ولكن هل سيهاجر بدون تخطيط ودراسة وبعشوائية لا والله.
بل وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم خطة محكمة مدروسة تستفيد منها البشرية جمعاء تحرسه عناية الله تعالى وجميل تدبيره.
هذه الخطة تمثلت في الآتي :-
أولا :- (السرية التامة).
فلَم يَعرفْ بأمرِ خُطَّةِ الهجرةِ إلاَّ أبو بكر وعليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنهما قَبلَ تنفيذِها بقَليلٍ،فقد ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي بكر في وقت الظهيرة ،كما في قول السيدة عائشة رضي الله عنها فَبَيْنَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِى بَيْتِنَا فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ) ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يخطط لتحركاته ، فيخفي أمره عن أعدائه ، فيذهب إلى أبي بكر رفيقه في الرحلة في وقت قَلَّ من يراه فيه ، ليتخفى عنهم ، لأن الناس في وقت الظهيرة وشدة الحر يلزمون بيوتهم
ويغطي صلى الله عليه وجهه كما في قول السيدة عائشة رضي الله عنها (مُقْبِلاً مُتَقَنِّعًا ، في سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا) هو أيضا زيادة في التخفي عن أعين الأعداء ،وأمر صلى الله عليه وسلم أبا بكر بإخراج من في بيته من غير أهله ، كما في قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الحديث (فَقَالَ حِينَ دَخَلَ لأَبِى بَكْرٍ ( أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ) ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يريد ألا يسمع كلامه أحد ، حتى لا ينقل إلى قريش ، فطلب من أبي بكر أن يخرج من بيته من لا يثق فيه ، ويفشي سره ،وهذا تحقيق لقوله صلى الله عليه وسلم كما جاء في السلسلة الصحيحة للألباني (استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان).
ثانيا :- (التمويه على المشركين) وذلك من خلال تكليف علي بن أبي طالب بالنوم في فراشه صلى الله عليه وسلم ، تمويها على المشركين وتخذيلا لهم.
عبد الله بن أريقط
ثالثا :- (استئجار دليل يصحبهم في هذه الرحلة) ؛ لأن الطريق غير معروف، والضياع في الصحراء أمر خطير، ولا بُدَّ أن يكون هذا الدليل ماهرًا في حرفته، أمينًا على السرِّ، وفي الوقت ذاته لا يشكُّ المشركون في أمره، وقد اتفق الرسول صلى الله عليه وسلم مع الصديق رضي الله عنه على أن يكون هذا الرجل هو عبد الله بن أريقط، وهو من المشركين، وهذا في منتهى الذكاء؛ فالمشركون لن يشكوا مطلقًا في أمره إذا رأوه سائرًا خارج مكة، وهو في الوقت ذاته رجل أمين يكتم السرَّ، وهو رجل في النهاية صاحب مصلحة، فقد اسْتُؤجر بالمال، ولا شكَّ أن أجرته كانت مجزية.
رابعا:- ذهابه صلى الله عليه وسلم إلى غار ثور واختياره له دون غيره ، واختفاؤه فيه ثلاثة أيام ، فالرسول صلى الله عليه وسلم اتجه جنوبا حيث غار ثور ، لأنه يعلم أن القوم سوف يتجهون للبحث عنه جهة المدينة جهة الشمال ، فهو يختبئ في عكس اتجاههم ، ويمكث فيه ثلاثة أيام حتى ييأس القوم من العثور عليه ، ويتأكدوا من إفلاته من بين أيديهم ،فلا يبحثون عنه.
خامسا :- قيام عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما بدور المخابرات في هذه العملية الخطيرة فكان يذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والصديق رضي الله عنه كل يوم بأخبار مكة، وتحرُّكات القرشيين، وردود الأفعال لخروج الرسول صلى الله عليه وسلم، ويأتي في أول الليل، ويبقى مع الرسول صلى الله عليه وسلم والصديق رضي الله عنه طوال الليل ثُمَّ يعود إلى مكة قبل الفجر، ويبيت هناك، ثُمَّ يُظْهِر نفسه للناس، فلا يشكُّ أحدٌ في أنه كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه.
سادسا: التغطية لهذه العملية وذلك من خلال قيام عامر بن فهيرة رضي الله عنه مولى الصديق رضي الله عنه برعي الأغنام فوق آثار أقدام الرسول صلى الله عليه وسلم والصديق رضي الله عنه، ثمَّ فوق آثار أقدام عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما بعد ذلك، حتى يضيع على المشركين فرصة تتبع آثار الأقدام.
سابعا: تهيئة التربة الصالحة في المدينة المنورة لاستقبال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فكان لابد من اختيار عنصر يجمع بين الكفاءة العلمية، والشجاعة النفسية، والجرأة الدعوية، بحيث يستطيع أن يدخل الإسلام إلى كل بيت من بيوت المدينة، على أن تتم هذه العملية في غضون سنة.
فاختار النبي صلى الله عليه وسلم لهذه المهمة الجريئة مصعب بن عمير رضي الله عنه..
( عناية الله)
هكذا خطط رسول الله صلى الله عليه وسلم لهجرته وعمل بكل الأسباب التي تحقق نجاحه، ومع ذلك فهو يعلم أن الأسباب وحدها لا تنفع ما لم يكن معها التوفيق والسداد من الله مسبب الأسباب لذلك رغم كل هذا التخطيط ، وهذه الاحتياطات ، إلا أن الكفار وصلوا بالفعل إلى الغار ولو نظر أحدهم تحت قدميه لرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه كما في صحيح مسلم عن أَنَس بْن مَالِكٍ (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حَدَّثَهُ قَالَ نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رؤوسنا وَنَحْنُ في الْغَارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَقَالَ « يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا »).
ولذا كانت عناية الله عز وجل تصاحبه صلى الله عليه وسلم وصاحبه، في كثير من مواطن الهجرة منها :
ما وقع له عند خروجه من بيته إذ خرج صلى الله عليه وسلم من بيته بحفظ الله تعالى له ، وفي رعايته وعنايته وهو يخترق صفوف المشركين، وفي يده الشريفة حفنة من التراب، فجعل يذره على رؤوسهم، وهو يتلو قول الله تعالى (وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ) [يس:٩] ، فقد أعمى الله أبصار قريش عنه فلا يرونه، ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابًا.
وفي خبر سراقة بن مالك وهو يلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، خير دليل على عناية الله ورعايته لنبيه صلى الله عليه وسلم وصاحبه؛ فحينما اقترب منهما، وهو على فرس له، ورآه أبو بكر وقع في نفسه الخوف والحزن، فالتفت أبو بكر، فقال: يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تحزن إن الله معنا). وفي ذلك، يقول أبو بكر رضي الله عنه كما في صحيح مسلم ” فَارْتَحَلْنَا بَعْدَمَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ وَنَحْنُ فِي جَلَدٍ مِنْ الْأَرْضِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُتِينَا فَقَالَ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَارْتَطَمَتْ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا فَقَالَ إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ فَادْعُوَا لِي فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ فَدَعَا اللَّهَ فَنَجَا فَرَجَعَ لَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا قَالَ قَدْ كَفَيْتُكُمْ مَا هَاهُنَا فَلَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا رَدَّهُ”.
(اختيار الكفاءات)
ومن هنا نوجه رسالة لكل مؤمن في كل زمان ومكان أقول له لا تغتر بقوتك وتخطيطك ، ولا تتوكل على أسبابك ، ولكن عليك أن تعمل بالأسباب ، وتتوكل بقلبك على الله فهو مسبب الأسباب وهذا هو مضمون قوله صلى الله عليه وسلم « يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا » لذلك ، عاتب الله المؤمنين ، يوم أن اغتروا بقوتهم في غزوة حنين وقالوا لن نغلب اليوم من قلة ،قال تعالى (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ)[التوبة :٢٥-٢٦]
والمتأمل يجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أعد خطة محكمة معتمداً فيها على الله تعالى كذلك اختار من ضمن خطته الكفاءات في هذا العمل وذلك من خلال اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب وحسن توظيف الطاقات. فالرفيق أبوبكر الصديق رضي الله عنه وكلف علي بن أبي طالب بالنوم في فراشه صلى الله عليه وسلم، تمويها على المشركين وتخذيلا لهم، كذلك كلف الراعي عامر بن فهيرة أن يسلك بقطيعه طريق الغار، ليزيل آثار الأقدام المؤدية إليه، ثم يسقي النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه من لبن غنمه. كذلك اختار عبد الله بن أريقط دليلا عارفا بالطريق ولو كان مشركا، مادام مؤتمنا، متقنا لعمله، كذلك اختار مصعب ابن عمير رسولا ليهيئ له تربة صالحة في المدينة..
ما أحوجنا إلى التخطيط في كل مجالات حياتنا ، اقتداء برسولنا صلى الله عليه وسلم ، ولعل من أهم أسباب ضعف المسلمين اليوم وتأخرهم ، هو عدم التخطيط في كل شئون حياتهم ، في الوقت الذي سبقنا فيه أعداؤنا بتخطيطهم المتقن والبارع في كل مجالاتهم ، فلنأخذ من سيرة رسولنا وهجرته دروسا وعبرا
وكما نخطط لدنيانا علينا كذلك أن نخطط لآخرتنا إذا أردنا الفوز والنجاة..
ولنستمعْ إلى من وَضعَ الأهدافَ العِملاقةَ، وسعى لتحقيقِها بنفسٍ توَّاقةٍ، يقولُ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ رضي الله عنه لرجاءَ بنِ حيوةَ: “يا رجاءُ، إنّ لي نَفساً توَّاقةً، وما حَقَّقتْ شيئًا إلا تَاقتْ لما هو أَعلى منه؛ تَاقتْ نفسي إلى الزواجِ من ابنةِ عَمي فاطمةَ بنتِ الخليفةِ عبدِ الملكِ فتزوجتُها، ثم تَاقتْ نفسي إلى إمارةِ المدينةِ فولِّيتُها، وتَاقتْ نفسي إلى الخِلافةِ فنلتُها، والآنَ يا رجاءُ .. تَاقتْ نفسي إلى الجَنَّةِ، فأرجو أن أكونَ من أهلِها”.
للأسف الشديد أنَّ كثيراً مِنَّا يعيشُ حياةً فوضويَّةً يتحكمُ فيها الوقتُ الحاضرُ، ونقضي ساعاتِنا وأيامَنا دونَ هَدفٍ واضحٍ وإنجازٍ ظاهرٍ، نذهبُ إلى أعمالِنا ومدارسِنا، ثُمَّ نعودُ ونرتاحُ قَليلاً، وبعدَ الرَّاحةِ نبدأُ نُفكِّرُ، ماذا نفعلُ في يومنِا هذا؟، وكيفَ نقضي أوقاتِنا؟، وأينَ نذهبُ؟، ونُجري الاتصالاتِ، ونُرسلُ المُحادثاتِ، ونستقبلُ الزِّياراتِ، حتى يأتيَ وقتُ النَّومِ فننامُ، وهكذا تمرُّ السُّنونَ، بعيداً عن أهدافٍ مُحدَّدةٍ وأوقاتٍ مُسدَّدةٍ، ولهذا يشتكي كثيرٌ من الكِبارِ والصِّغارِ المَللَ، لأنَّهم لا يسعونَ في تحقيقِ ما يُريدونَ من أملٍ، لا يخططون له..
اقرأ أيضا:
العجيبُ أنَّ دينَنا دينُ نِظامٍ وأهدافٍ وإنجازاتٍ، ودينُ طُموحٍ وتخطيطٍ والتزاماتٍ، ولذلكَ جعلَ اللهُ تعالى لنا عباداتٍ واجبةً ومُستحبَّةً، يوميةً وأسبوعيةً وسنويةً، تدريباً لنا على الانضباطِ والمتابعةِ، تبدأُ في أوقاتٍ مُحدَّدةٍ وتنتهي في أوقاتٍ مُحدَّدةٍ، تحتاجُ إلى رِباطٍ وحِرصٍ وتهيئةٍ واستعدادٍ، لتحقيقِها في أوقاتِها والفوزِ يومَ المَعادِ، قالَ تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)[المؤمنون:١١٥].