الإمام الطيب: نشأت في بيت يقدس الأم .. لم أرفع يوماً صوتي علي أمي ..و«ربنا يعطيك دنيا وآخره» آخر دعواتها
كشف صاحب الفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر عن جانباً من نشأته وعلاقته بوالدته.
وقال "الطيب"، إن والدته لم تكن متعلمة، لكنها كانت على انضباط وثقافة في التربية لا يبالغ حين يقول أنها كانت أكثر وعيًا من المتعلمات.
وأشار إلي أنه نشأ في بيت يؤمن بأن الأب والأم شيء مقدس.
جاء ذلك في حوار له قبل سنوات ضمن البرنامج ذائع الصيت حينها الست دي أمي الذي كان يذاع على التليفزيون المصري.
وأضاف، "أمي بالنسبة لي مصدر تربية دينية، ولم أستمتع قليلاً بالحنان الزائد، بل كانت أحيانا تأمرني بأشياء أنا أعلم أنها ليست على صواب إلا أنني كنت ألوذ بالصمت دون الإعتراض أو أن أظهر لها أنها علي خطأ لكنها كانت تفهم من هذا الصمت أني غير موافق علي هذا الكلام فلم أكن أستطيع أن أرفع صوتي ولا أن أقول لها أنتي مخطئة فهذا لم يحدث ولو لمرة واحدة".
وأضاف فضيلته أن الله عز وجل قد وفقه ليكون تحت قدميها كما في الحديث [إلزم قدميها فثم الجنة]، موضحاً أن آخر ما دعت به والدته له "ربنا يعطيك دنيا وآخرة".
ووجه رسالة إلى الشباب بحسن التعامل مع أمهاتهم التي وضع لها الإسلام مكانة وقيمة كبرى، موضحاً أن عقد الأمومة في الإسلام هو عقد مقدس بين الأمهات والأبناء, وعطاء متبادل بين الطرفين, فعطاء الأم يتمثل في البذل المستمر من وقت حملها والعطاء اللامحدود بالنسبة للأبناء من وقت وغير ذلك.
وأشار "الطيب" إلى أن طبيعة عطاء الأم طبيعة معقدة جدا فهي تجعل من هذا العطاء دينا يصعب بل يستحيل علي الأبناء سداده.
وبين أن عطاء الأم يتميز بثلاثة خصائص: الأول أن الأم مع الأب سبباً في ظهور الإبن إلى الحياة، فالأم هنا تسبب السبب الظاهري أما السبب الحقيقي فهو الله تعالى.
وأوضح أننا نلاحظ أن القرآن الكريم دائما ما يربط بر الوالدين بعبادة الله فقد قال الله < وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا...> فالسر في هذا الربط أنها سببا ظاهريا بجانب السبب الباطني وهو الله.
أشار إلي أن عطاء الأم عبارة عن سلسلة لا تنتهي من الآلام من حمل وولادة إرضاع ورعاية وتربية، ورغم كل هذا الألم إلا أنها تنساه مع أول نظرة رضي من ولدها إليها.
أضاف أن الأم أحيانا تفضل أن تتأيم علي أولادها فيقال فلانة تأيمت علي أولادها أي انكسرت عليهم فهذا قمة في إنكار الذات من أجل أولادها.
وذكر فضيلته أن النبي صلى الله عليه وسلم كرم من تترمل علي أولادها تكريماً كبيرًا بأن جعلها قرينته صلى الله عليه وسلم في الجنة فقال: [أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة.. امرأة آمت من زوجها ذات منصب وجمال حبست نفسها على يتاماها حتى بانوا أو كبروا] فسفعاء الخدين أي في خديها نمش كناية عن أنها تركت الزينة وحبست نفسها لأولادها فقط.
ورد الشيخ علي من تمنع زوجها من الإحسان لأمه بأن كانت تغير منها أو غير ذلك فقال "دعني أكون منصفا قليلاً فبعض الأمهات يكن متسلطات أحيانا وهذا في بلادنا في الصعيد وهذا يجعل الزوجة في مساحة ضيقة لذلك يجب أن تفسح للزوجة فلا تبالغ, لكن بعض الزوجات اللاتي لا يتحملن مجرد زيارة الإبن لأمه فلن أقول كثيراً لكن يوما ما ستفعل بك زوجة ابنك ما تفعليه أنت لأم زوجك".
وأعرب فضيلته أن دعوة الأم كناية عن رضاها عن الابن وهذا نابع عن بره لوالديه, وهذا الدعاء له أبعاد كثيرة جدا فقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه يطيل في العمر ويوسع في الرزق.
والشيخ الطيب الإمام الـ 48 للأزهر الشريف مولود في 6 يناير من العام 1948 في قرية القرنة بحضن الجبل بالصعيد.
أثبت نبوغه مبكرا، وتفوق في كافة مراحل التعليم الأزهري حتى التحق بكلية أصول الدين بالقاهرة، وبعدها واصل تفوقه وحصل على الماجستير والدكتوراه، ثم واصل دراسته في السوربون بفرنسا.
تدرج الشيخ الطيب في جميع المناصب، حتى وصل إلى منصب مفتي الديار المصرية، ثم تركها ليتولى رئاسة جامعة الأزهر، وفي 19 مارس من العام 2010 صدر قرار رئاسي بتعيينه شيخا للأزهر خلفا للإمام الراحل محمد سيد طنطاوي.
ورغم تقلده العديد من المناصب مازال الدكتور أحمد الطيب يقيم في شقته بالقاهرة بمفرده تاركاً الأسرة في مسقط رأسه بالقرية، ويواظب على زيارتها لمدة 3 أيام كل أسبوعين وأحيانا ثلاثة كي لا تنقطع صلته بجذوره وأهل قريته حيث يقيم نجلا الشيخ وهما المهندس محمود والابنة زينب بالأقصر.
ويتابع الشيخ بنفسه وبواسطة أبناء العائلة ساحة الطيب بالأقصر وهي ساحة مملوكة للعائلة، يجتمع فيها شيخ الأزهر بأهل قريته وأهالي القرى المجاورة، وتقدم فيها واجبات الضيافة الكاملة، ويمارس فيها الشيخ دوره كمحكم عرفي لحل الخلافات والنزاعات بين العائلات، كما يستقبل فيها ضيوفه من المصريين والعرب والأجانب، ويزوره فيها أحيانا بعض السياح الأجانب المتوافدين على الأقصر.
تتوافر بها كافة مقومات الإقامة والضيافة للراغبين من أبناء القرية والقرى المجاورة، كما توجد جمعية خيرية تتولى استضافة الفتيات اليتيمات وتربيتهن والتكفل بنفقاتهن حتى الزواج، واستقبال الحالات المرضية وتوفير العلاج لها وسداد ديون الغارمات، وتقديم الخدمات لمن يطلبها، وحل الخلافات والنزاعات.
الطيب قارئ جيدا لكافة مجالات العلم والمعرفة والأدب ويجيد التحدث باللغتين الإنجليزية والفرنسية بطلاقة وهو ماكان أحد مسوغات تعيينه في منصبه حتى يقدم صورة الأزهر والإسلام للعالم بلغاته المختلفة ويكون منفتحا على الآخر.
اعتنق الكثير من الغربيين الإسلام على يد شيخ الأزهر، ومن بينهم أفراد الأسرة التي كان يقيم لديهم خلال دراسته في باريس.
اقرأ أيضًا..