نادية زخاري.. تولت الوزارة مرتين وتحمل على عاتقها هموم البحث العلمي
الأربعاء 28/يوليه/2021 - 01:56 م
أحمد زكي
في مدرسة «إنجلش مين كولدج»، التي تحولت فيما بعد إلى «كلية السلام»، كانت تنتظر
بشوق حصة العلوم، وفي حصص الألعاب والتربية الموسيقية كانت تتسلل إلى معمل العلوم،
تسأل عن الخامات والأجهزة الموجودة في المعمل وتستفسر عن خصائص كل مادة، وهو الأمر
الذي لفت انتباه معلميها، لا سيما ناظرة المدرسة مسيز ليندا، والتي تخرج على يديها
العديد من الشخصيات البارزة من بينهم: الوزراء هالة السعيد وهشام عرفات وخالد عبد الغفار، وغيرهم.
طموح مبكر
تنبأت ميسز ليندا، وكل معلمي المدرسة بأن التلميذة الشقية نادية زخاري، ستصبح
يومًا باحثة ذات شأن، فبدءوا في رعايتها علميًّا، ولمّا كانت المدرسة –وهي واحدة من
أهم 3 مدارس مصرية في ذلك الوقت – كانت تضم مراحل من الحضانة إلى الثانوي، فقد
كانت الفرصة سانحة أمام الدكتورة نادية إسكندر زخاري شنودة، للاطلاع على كل ما يخص
البحث العلمي من خلال حصص الكيمياء ومعمل العلوم؛ لذلك عندما ورد إليها اتصال
هاتفي من إحدى الجهات السياسدية في عام 2006 للاستفسار عن بعض بياناتها، فقد كانت
على يقين أن هناك منصبًا مهمًّا بانتظارها، لكنّ شيئًا لم يحدث؛ حيث تصادف الاتصال
الهاتفي مع قرب تعديل وزاري، لكن لم يتم إبلاغها بتولي أي منصب.
بين «الرسم» والـ«بينج بونج»
على عكس كل الطلاب المتفوقين، لم تكن تهتم بالأنشطة المدرسية، فقد كانت تقضي معظم
وقتها في معمل العلوم، بينما تستغرق في الرسم إذا سنحت لها الفرصة، كما ان أيام
العطلات كانت فرصتها الوحيدة في الخروج من الاستغراق في خصائص المادة والتفاعلات
الكيميائية إلى رياضتها الوحيدة «تنس الطاولة»، حتى انتقلت من المدرسة الثانوية إلى
كلية العلوم لتختار الالتحاق بقسم الكيمياء الحيوية، وانهمكت في إعداد الدراسات والأبحاث
حتى تم تكريمها نظير جهودها في إعداد أبحاث حول الملوثات البيئية التي تسبب أوراما
سرطانية بجائزة تشجيعية في الجامعة، وهو الأمر الذي شجعها كثيرًا على الاستمرار
ومواصلة البحث العلمي، وبعد تخرجها في الكلية انخرطت في الماجستير ثم الدكتوراه بعدها
بدات رحلتها الوظيفية وبقيت تحقق إنجازًا جديدًا في كل يوم حتى تم ترقيتها إلى
منصب رئيس قسم البيولوجيا بالمعهد القومي للأورام.
حكومة الجنزوري
في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، وأثناء تشكيل حكومة الدكتور كمال الجنزوري، تم
استدعاؤها للقاء رئيس الوزراء المكلف في مقر وزارة الاستثمار، وهناك عُرض عليها
حقيبة البحث العلمي، وبعد تفكير واستطلاع رأي أسرتها وجدت تشجيعا من زوجها وبناتها
وكل المقربين، فقبلت المنصب، لتفاجأ بعدها بصدمة قاسية، حيث لم تكن العالمة
المجتهدة والباحثة التي تقضي معظم وقتها بين المعامل والأجهزة تعرف أن هناك روتينًا قاسيًا
يتحكم في كل شيء، لتصطدم بالواقع المرير، أن الوزير مطلوب منه كل شيء في كل شيء،
وعليه أن يفكر دائمًا خارج الصندوق، فاجتهدت حتى تؤدي المطلوب منها حتى انقضت فترة
الوزارة.
«كلاكيت.. تاني مرة»
بعد الانتخابات الرئاسية في 2012م، وصعود جماعة الإخوان إلى حكم مصر، تم ترشيح
الدكتورة نادية زخاري لمنصب وزيرة البحث العلمي للمرة الثانية، في حكومة هشام
قنديل، فربطت قبولها العرض بعدة طلبات أبرزها: الاعتراف بأسباب اختيارها لمكانتها
العملية وليس لانتمائها العقائدي كسيدة مسيحية، والثاني عدم تدخل غير المعنيين
بالبحث العلمي في شؤون وزارتها، وعندما قوبلت شروطها بالموافقة انطلقت على الفور
لخدمة البحث العلمي في مصر، وكانت سعيدة بالمنصب كون وزارتها بعيدة عن متاعب
السياسة لا سيما وأنها كانت تدرك –مثل الملايين- أن عهد الإخوان في طريقه إلى
زوال، وأنه لن يمضي أكثر من عام واحد حتى تنقشع الغمة وتعود مصر إلى أصحابها الأصليين
المتسامحين الذين لا تحكمهم أيدولوجيا معينة.
إنجازات مشهودة
خلال الفترتين الوزاريتين للدكتورة نادية
زخاري، حققت عددًا من الإنجازات المشهودة التي لا تزال أبعادها قائمة حتى اليوم،
ومن أهمها العمل على رفع بدل الباحثين من 30 جنيهًا إلى 3500 جنيه، وذلك بتضافر
جهودها مع جهود الدكتور حسين خالد
وزير التعليم العالي في حكومة الجنزوري، وهو الأمر الذي يرفع من مستواهم المادي ويساهم
بشكل غير مباشر في مضاعفة ميزانية البحث العلمي، كما أولت ملف تحسين البنية التحتية
للمعامل، أهمية خاصة، وعملت على إنشاء مراكز تميز في القاهرة والأقاليم، وأبرمت اتفاقيات
دولية عديدة ووضعت مشاريع قوانين تخدم البحث العلمي.
جوائز وتكريمات
اختارتها مجلة
«فوربس» عام 2013، المرأة رقم واحد في مصر و16 في المنطقة العربية والبحر المتوسط الأكثر
تأثيرًا في مجالها، كما أنها ضمن 30 سيدة اختارهن الرئيس عبد الفتاح
السيسي أعضاءً بالمجلس القومي للمرأة؛ لتواصل رحلة عطائها حاملةً على عاتقها مهمة
إنهاء مشكلات المرأة الباحثة، والتي ترى أنها لا تختلف كثيرًا عن مشكلات الرجل
الباحث؛ لذلك تعتبرها في الغالب «مشكلات البحث العلمي»، وليست مشكلات الباحث أو الباحثة.