الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

«قلب الثورة» حكمت أبو زيد.. أول وزيرة في تاريخ مصر

الأحد 25/يوليه/2021 - 12:49 ص
حكمت أبو زيد
حكمت أبو زيد
«قلب الثورة» حكمت

في قرية «نزالي جانوب» التابعة لمركز القوصية بمحافظة أسيوط ولدت حكمت أبو زيد، في عام 1916 لأب يعمل ناظرًا في السكة الحديد، وتفتحت عيناها على مكتبة والدها الضخمة والتي كانت تضم خطب مصطفى كامل، وأعمال جولييت آدم، ومؤلفات مصطفى صادق الرافعي؛ فأحبت القراءة والاطلاع.


اعتراض الأعمام

وأصرّ والدها على إلحاقها بالتعليم، لما لمسه فيها من نبوغ مبكر، وهو الأمر الذي واجهه أعمامها «أشقاء الأب» باعتراض، حيث اعتبروا خروج البنت إلى المدرسة عارًا، وأن البنت خُلقت لتتزوج وتلد وتطبخ وتربي الأطفال فحسب، لكن الوالد صمم على نيته وانخرطت الفتاة في الدراسة وأتمت تعليمها الأوليّ هناك، ثم انتقلت إلى مدرسة حلوان الثانوية «مدرسة داخلية»، وظلت تكافح واضعةً نصب عينيها تحقيق رغبة الأب في تعليمها حيث التحقت بقسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة فؤاد، ولمّا كانت مغتربة فقد أقامت في سكن للطالبات أسسته نبوية موسى، وواصلت دراستها لتحصل على الماجستير من أسكتلندا، والدكتوراه من إنجلترا، وكان زملاؤها من المشاهير: حامد عامر، عبد العظيم أنيس، فائق مزيد، أحمد أبوزيد، والعراقي خير الدين حسيب، الذي تولي بعد ذلك وزارة الاقتصاد في بلده، وأسس مركز دراسات الوحدة العربية.


العودة للوطن

خلال وجودها للدراسة في إنجلترا، كونت مع زملائها جبهة وطنية للدفاع عن ثورة يوليو وما يثار ضدها من شائعات في دول الغرب، ثم عادت للعمل في كلية البنات جامعة عين شمس عام 1955، حتى وقعت الواقعة.


استدعاء رئاسي

ذات صباح من أيام صيف 1962،  وبينما تتأهب مصر للاحتفال بالعيد العاشر لثورة يوليو، فوجئت حكمت بطرقات على باب مكتبها في كلية البنات، ثم دخل فرفعت عينيها لتفاجأ بشخص طويل القامة عريض المنكبين يسلّمها خطاب استدعاء لرئاسة الجمهورية، أسقط في يديها واضطربت، لكن الشخص الذي تبدو هيئته عسكرية رغم ارتدائه زيًا مدنيًا هدا من روعها وأخبرها أن الرئيس فقط يريد أن يراها في مكتبه، ولا شيء غير ذلك.

-متى؟

- اليوم بعد الظهر.. ستحضر سيارة خاصة من الرئاسة لاصطحابك يا دكتورة.


توتر واضطراب

قضت حكمت أبو زيد أكثر من ثلاث ساعات مضطربة لا تستطيع لم تمالك أعصابها، حتى فوجئت بمن يستدعيها لأن هناك سيارة سوداء في الخارج بانتظارها.


خرجت من مكتبها تقدم رِجلًا وتؤخر أخرى، حتى استطاعت بالكاد الوصول للسيارة التي انحنى سائقها وفتح لها الباب قبل أن يغلقه بإحكام ثم انطلق.


الطريق إلى القصر

لم تمض أكثر من ثلاثين دقيقة، في الطريق إلى القصر الرئاسي للقاء ناصر، أحست بها حكمت أبو زيد كأنها سنوات طويلة، وفجأة توقفت السيارة ليفتح لها السايق الباب وتفاجأ بمساعد الريس وحارسه الشخصي محمود فهمي، يستقبلها بود وترحاب، ثم يخبرها أن «الريس بانتظار حضرتك يا دكتورة»، وفي غمضة عين وجدت نفسها وجهًا لوجه أمام الرجل الذ حيّر العالم بكاريزمته الخاصة وثباته منقطع النظير، فأحست برهبة، وهنا أدرك الرئيس ما تعانيه فطلب لها «عصير ليمون»، ثم راح يتحدث معها حول الأسرة المصرية وما يعانيه أهلنا في الريف من إهمال وتغييب، فاندمجت في الحديث معه، وراحت تسرد ما تعلمته في أوروبا من نظريات تصلح للتطبيق في المجتمع المصري، بينما الرئيس يستمع إليها باهتمام شديد ثم فاجأها بقوله: «شدّي حيلك يا دكتورة معانا علشان نرتقي بمصر.. تم اختيارك وزيرة للشؤون الاجتماعية»، فألجمتها المفاجأة ولم تعقب.


قلب الثورة الرحيم

لم يكن اختيار امرأة لمنصب وزاري مألوفًا، بل كان ضربًا من خيالٍ وأمرًا مستبعدًا، لكن عبد الناصر الذي فاجأ العالم ببناء السد العالي، وإعلانه تأميم قناة السويس، فاجأ العالم كله باختياره حكمت أبو زيد لتكون أول امرأة تشغل منصبًا وزاريًا في تاريخ مصر، ولم يكتفِ بذلك فحسب بل أطلق عليها لقب «قلب الثورة الرحيم»، فانطلقت ترسي مشروعات الأسر المنتجة، وبذلت جهودًا جبارة لصالح مشروع تهجير النوبة، ووضعت قانون تنظيم الجمعيات الأهلية، ووضعت لوائح وضوابط خاصة لتنظيم عملية جمع الزكاة.


يوليو.. البداية والرحيل

وكما كان تولّيها الوزارة أحد مكتسبات ثورة يوليو، اختارت أيضًا أن تغادر الدنيا وتنتقل إلى جوار ربها في يوليو، بعد 6 أشهر فقط من ثورة أخرى غيرت وجه الحياة في مصر، لترحل في شهر يوليو عام 2011م، بعد أن وضعت قواعد اجتماعية شاملة لا يزال معمولاً به إلى اليوم.


اقرأ أيضًا..

سهير القلماوي.. أول فتاة جامعية وأسست معرض للكتاب


ads