الدكتور علي جمعة: الشهادات المرضية المزيفة خيانة للأمانة
تقوم بعض الزميلات باستخراج شهادات مرضية دون علة طبية حقيقية؛ من أجل الحصول على إجازات إضافية
بخلاف إجازاتهن الاعتيادية، فهل هذا حرام؟ وهل يعد الطبيب المشارك في هذا الفعل آثما؟ سؤال ورد إلينا من حميدة محمود من الجيزة.
يجيب الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق فيقول:
من
يفعل ذلك عليه أن يتوب إلى الله تعالى ويرجع عن هذه المعصية، ويسعى في إتقان عمله والقيام
بواجبه؛ حتى يحلل كسبه ويطيب عيشه، ويحرص على خدمة مجتمعه ووطنه، والموظف الذي يلجأ
للحيل الكاذبة في إثبات مرضه؛ من أجل الحصول على إجازة من العمل، آثم شرعًا؛ لأنه كذب
وإخبار بغير الحقيقة، وفيه إنكار لنعمة الصحة التي هي من أعظم النعم، وشكر النعمة يبقيها
ويزيدها، وكفرانها يذهبها ويبيدها، وقد أمر الله تعالى عباده بتحري الصدق.
خيانة أمانة
وتساهل الطبيب في كتابة مثل هذه التقارير الكاذبة
مع علمه بعدم صحتها وعدم مطابقتها لواقع التشخيص الصحيح للشخص، هو من خيانة الأمانة
التي يأثم عليها شرعًا، وهو فعل مجرم أيضًا قانونًا. والطبيب الذي يمنح الشهادة المرضية
هو مستشار في بيان من يحق له التفرغ والراحة من عمله بسبب عدم اللياقة الصحية وحدها
لا بسبب غيرها من الأعذار والظروف، والمستشار مؤتمن، فيجب عليه أن يكون أمينًا في شهادته
صادقًا في تقريره، ولا يجوز له أن يمنح شهادة مرضية لمن لا يستحقها، وإلا كان كاذبًا
في شهادته.
الصدق والأمانة
والصدق
والأمانة من الصفات التي طبعت نفس المسلم، والعمل الذي كُلِّف به الإنسان هو أمانة اؤتمن على أدائها،
ولا يجوز التفريط في الأمانة؛ قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ
رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: 8]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ
مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
اقرأ أيضًا..
علي جمعة: تأجير الأرحام حرام شرعًا لهذه الأسباب
عليكم بالصدق
وفي الحديث المتفق عليه عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا".