«آية وعبرة».. كيف يصلي الله على النبي؟

نتناول اليوم، في إطار سلسلة ( آية وعبرة) شرح معنى قول الله تعالى: (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)) الأحزاب ٥٦

أدب الله الأمة الإسلامية كلها في العلاقات الاجتماعية لتكون على علاقة ود واحترام وتبادل المنافع يسوده التسامح الديني، وفي ظل هذا الجو الإيماني بوحدانية الله أمر الله المسلمين بالصلاة والسلام على سيد الخلق وإمام الحق وقائد الغر المحجلين سيدنا محمد  صلى الله  عليه وسلم.

وقد بدأ الله بنفسه: إن الله، وثنى بملائكته: (وملائكته) يصلون على النبي، ثم يوجه الله نظر المؤمنين أن عليهم ألا يغفلوا عن الصلاة والسلام عليه؛ لأن الاشتغال بالصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بإذن من الله سبحانه تقرب العبد من ربه فهي عبادة لها عائد على المصلي؛ لأن الله يصلي على من يصلي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ففي الحديث الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر سيئات ورفعه بها عشر درجات).

من حق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على كل مسلم أن يصلي عليه، وقد استفتح الله ذلك بذاته العلية مثنيا بملائكته، فما هي صلاة الله على النبي؟.

الصلاة هي الدعاء، والدعاء نوعان : دعاء عبادة ودعاء مسألة، وبهما فسر قول الله سبحانه ( ادعوني أستجب لكم) غافر (٦٠)، لأن المصلي من حين تكبيرة الإحرام إلى سلامة وهو بين دعاء العبادة ودعاء المسألة فهو في صلاة حقيقية ، فصلاة الله سبحانه وتعالى على رسول الله رحمة به صلى الله عليه وسلم ومنحه الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة والمقام المحمود، ولذلك نقول في قوله سبحانه للمؤمنين:(( هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور)) الأحزاب ٤٣

وصلاة الله على عباده مغفرة لذنوبهم وسترا لعيوبهم، والتوسعة عليهم في أرزاقهم، وتيسير أمورهم وإصلاح أحوالهم؛ لأنه ورد أن بني إسرائيل سألوا سيدنا موسى عليه السلام: أربك يصلي؟ قال: نعم، وصلاته رحمة للمؤمنين.

يقول الإمام الفخر الرازي : الصلاة من الله ليست بمعنى الدعاء؛ لأن هذا غير معقول في حق الله سبحانه؛ لأن الدعاء يقتضي طلب نفع المدعو له من ثالث، وهذا في حق الله محال.

وجاء في صحيح البخاري أن معنى صلاة الله على نبيه صلى الله عليه وسلم الثناء عليه عند ملائكته. وقال بعض العلماء : صلاة  الله إشاعة ذكره الجميل في عباده والتنويه بشرفه، وذلك زيادة من الله في تشريف من يصلي عليه وزيادة تكرمة.

وقد فرق العلماء بين صلاة الله ورحمته، فصلاته خاصة بأنبيائه ورسله والمؤمنين ورحمته وسعت كل شيء، فيدخل في الرحمة العامة جميع الخلق.

أما صلاة الملائكة فهي استغفار؛ لأن الصلاة  وردت بمعنى الاستغفار في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( بعثت إلى أهل البقيع لأصلي عليهم)، وقد فسر العلماء الصلاة هنا بمعنى الاستغفار.

وقد تكون الصلاة بمعنى الدعاء بزيادة البركة كما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(اللهم صل على آل أبي أوفى) فصلاة الملائكة هي الاستغفار، وقد ورد ذلك في قول الله تبارك وتعالى: (( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شىء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذريتهم إنك أنت العزيز الحكيم) غافر ٧، ٨