الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

زواج الونس.. اخلعي الوحدة والبسي فستان الفرح بعد الـ 60

الثلاثاء 22/يونيو/2021 - 12:47 م
اخلعي الوحدة والبسي
اخلعي الوحدة والبسي فستان الفرح بعد 60


تختار أغلب الأرامل ألا تتزوج مرة أخرى؛ حتى لا تأتي لأطفالها بزوج أم يتحكم في مصيرهم، وقد يسيء معاملتهم، فتظل تربي الأبناء، حتى يصبحوا رجالًا وفتيات، ويتزوج الجميع، ثم تبقى الأم وحيدة في الدنيا، لا تجد من يؤنس وحدتها، أو يشاركها تفاصيل الحياة، والأمر لا يقتصر على النساء فقط، فهناك بعض الرجال يختارون نفس الاختيار، ويربون أبناءهم بمفردهم، أو قد تموت الزوجة بعد أن يكبر الأبناء، ويجد الرجل نفسه بمفرده في الدنيا، بعد أن تجاوز الستين أو السبعين مع عمره، وحيدًا في بيته، قد يسأل عنه الأبناء أو لا يسألون، فلا يزورنه إلا عندما تسمح ظروفهم، لا يجد من تقدم له أكلة حلوة كما اعتاد من زوجته، وليس هناك من يؤنس وحدته.

للقضاء على الوحدة

الوحدة والخوف من الموت فجأة دون أن يدري أحد، وحتى يجدوا من يشاركهم الليل الطويل، لجأ البعض إلى "جواز الونس"، فبحث الرجل عن امرأة في نفس عمره أو أصغر قليلًا، تعاني هي الأخرى من نفس الوحدة، لا تحركهم الغرائز أو الشهوات، أو الميل لاستعادة شبابهم مع امرأة صغيرة السن.
ولكن يبحث عن من تؤنس وحدته، ويتكئ عليها، وتتكئ هي أيضًا عليه.

هير نيوز التقت ببعض كبار السن من الرجال والنساء، ممن اختاروا تحدي الوحدة والتقدم في العمر بـ"جواز الونس".

مش عايز أموت لوحدي

بدأ دكتور عادل (77 سنة) حديثه قائلًا: "مش عايز أموت لوحدي"، زي صديق ليا، مات ومحدش عرف أنه مات غير الجيران لما ريحته طلعت.
ففكرت أدور على ست محترمة فاضلة أكمل حياتي معها، أنا عندي ولد وبنت، الاتنين دكاترة وسافروا برة، وأنا عايش لوحدي.
صديق ليا رشح لي جارتنا، سيدة فاضلة، أرملة تعيش لوحدها منذ تزوج أبناؤها، وتركوها وحيدة.
وبالفعل تزوجنا من سنتين، ومن وقت ما اتجوزتها وحياتي بقى لها معنى تاني، لقيت إللي يشاركني كل تفاصيل حياتي، إللي يناولني كوب الميه، ويفكرني بعلاجي، ويضحك معايا.

صاحبتي ماتت من الوحدة

تتحدث السيدة منال (76 سنة) وتقول: كنت أعمل موظفة في وزارة التربية والتعليم، وخرجت على المعاش بدرجة مدير عام، ربيت أولادي بعد موت زوجي، حتى وصلوا لأعلى المراتب، ولكن بعد أن تزوجوا أصبح كل واحد فيهم يعيش حياته، وانشغل الجميع عني.
كنت ألتقي بصديقتين لي، لهما نفس ظروفي، كل كام يوم في النادي، "نندب حظنا، ونشكي وحدتنا"، وكانت إحدى صديقاتي لديها دائمًا شعور أنها ستموت من خوفها من الوحدة، وستكون وحيدة في شقتها، ولن يعلم بها أحد.
وبالفعل هذا ما حدث، فماتت وحدها بغرفتها، واكتشف أبناؤها موتها عندما لم ترد على تليفوناتهم صباحًا.
ومن وقتها وأصابني الرعب من أن ألقى نفس مصيرها.
فالليل طويل ومرعب، فاقترحت عليّ إحدى صديقات بناتي أن أتزوج والدها الذي يعيش نفس ظروفي تقريبًا، في البداية رفضت بشدة، وكنت أخجل من مجرد التفكير في الفكرة.
ولكن وجدت ترحيبًا شديدًا من أبنائي، وبالفعل هم رتبوا كل شيء.
ومن يوم زواجي، والحياة أصبح طعمها مختلفًا، فأصبحت أنا وزوجي نذهب معا للنادي، ونسهر سويًّا نشاهد المسلسلات والأفلام.
عشت سعادة بطعم جديد ومعنى جديد، سعادة الونس مع التقدم في السن، مع شخص يفكر بنفس تفكيري، وله ذكريات نفس المرجلة التي عشتها في شبابي.

الحب بعد السبعين

ويحكي الأستاذ عامر (78 سنة) مهندس على المعاش، قصة حبه التي بدأت بعد السبعين: قابلت زوجتي الحالية في إحدى المؤسسات الخيرية التي اعتدت الذهاب إليها، بعد أن خرجت على المعاش، وماتت زوجتي، وأصبحت وحيدًا، وكانت هي أيضًا قد انضمت لها، لتؤنس وحدتها بعد سفر ابنها الوحيد إلى أمريكا، وموت زوجها بعد سفره بسنتين.
جمعنا العمل التطوعي، واتعرفنا وأعجبت جدًّا بحماسها وطيبة قلبها مع الجميع.
وصارحتها بحبي، ورغبتي بالزواج منها، لنؤنس وحدة بعضنا البعض، ولنتشارك السنوات الباقية في عمرينا، كانت ترفض في البداية، ولكن عندما وافق ابنها وأقنعها، تزوجنا.

الاكتئاب كان هيموتني

وتحكي السيدة عالية (72 سنة) قصتها مع جواز الونس وتقول: زوجي مات، واخترت أن أربي أبنائي وحدي، ورفضت أن أتزوج خوفًا من أن يعيشوا تجربة زوج الأب، فأنا لا أضمن أن أختار الرجل المناسب لهم.
ولكن بعد أن تزوج أبنائي، وانشغل كل منهم في دنيته، عانيت من الوحدة، وأصيبت بالاكتئاب، وتم علاجي لأكثر من عام، ونصحني الطبيب النفسي بضرورة الزواج، حتى لا أصاب بالاكتئاب مرة اخرى، ووقتها ستكون العواقب أسوأ؛ لأنني لا أستطيع مواجهة الوحدة بمفردي.
رفضت وقتها الفكرة تمامًا، ولكن أختي الصغرى تعلقت بالفكرة جدًّا، وبدأت في البحث لي عن عريس.
وبالفعل وجدت ابن عمتي الذي يعيش نفس ظروفي، ورفضت بشدة في البداية، كنت أخجل جدًّا من نظرة أبنائي، وجيراني وأهلي وأصدقائي، وحبست نفسي في البيت أسبوعًا، أرفض الحديث لأي شخص، ولكن شعرت بالاكتئاب يعود لي، وخفت من عواقبه ومن علاجه المتعب.
فوافقت، ومن وقتها وأنا أعيش سعيدة ومرتاحة البال، فيكفي أنني أنام وأنا علم أن هناك من سيطمئن عليّ، من سأستيقظ ليشاركني فطاري.

من حق الإنسان يعيش حتى بعد الـ70

وتؤكد دكتورة عبلة إبراهيم أستاذ التربية ومستشارة العلاقات الزوجية، أن الله سبحانه وتعالى عندما شرع الزواج لم يحدد له سنًّا، ولم يمنع زواج الأرملة أو المطلقة، أو كبار السن.
فلماذا يحرم البعض ما أحله الله، خاصة أن الإنسان بعد التقدم في العمر، يكون في أمس الحاجة لمن يشاركه حياته، وذكريات شبابه؛ حتى لا يشعر أنه محكوم عليه بالوحدة والموت بمفرده.

تضيف دكتورة عبلة أن الحياة دائمًا تأخذ الأبناء، حتى البارين بأبويهم، لا يستطيعون أن يكونوا متاحين لهم طوال الوقت، والإنسان عندما يتخطى السبعين من عمره، تتهالك صحته، ويكون هشًّا نفسيًّا، فأقل كلمة تحزنه، ويصاب بالخوف من الموت وحيدًا.
فلماذا لا يتشارك حياته مع شخص له نفس ظروفه، ويعيش نفس مشاعره، يشاركه حياته، ويؤنس وحدته، بما شرعه الله؟!

ads