الإثنين 06 مايو 2024 الموافق 27 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

مدير الفتوى لـ"هيرنيوز": تعدد الزوجات مباحًا ولكن بشروط

الأربعاء 16/يونيو/2021 - 02:36 م
تعدد الزوجات
تعدد الزوجات

هل تعدد الزوجات مباح بشكل مطلق؟ وهل تفسير الآية الكريمة رقم ١٢٩ من سورة النساء:"... ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" تعد تقنينا للتعدد؟ سؤال يدور في ذهن كل سيدة يتزوج زوجها عليها، خاصة إذا لم يخبرها بأمر الزواج الثاني؛ مما يشعرها بالإهانة التي ربما تدفعها لطلب الانفصال.
يجيب الشيخ عويضة عثمان مدير الفتوى الشفوية بدار الإفتاء المصرية لـ"هير نيوز": بعض الناس يفهم تعدد الزوجات فهما خاطئا فهو يعدد، لكنه لا ينظر إلى تبعات التعدد، وأبرز هذه التبعات القدرة على النفقة، والعدل بين الزوجات، والقدرة البدنية.

تبعات التعدد

والقرآن الكريم عندما ذكر تعدد الزوجات ذكره في مجال الكلام على اليتامى وحقوقهم، وليس مجال الترفه.. قال تعالى: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا". [النساء: ٣].

والسؤال: من الآن يستطيع أن يعدل بين زوجتين في النفقة وفي المبيت وفي القسمة بينهما معيشيا؟
وحتى في آخر الآية الكريمة يقول عز وجل: "فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا"، أي لا تكثر عيالكم فلا تستطيعون الإنفاق عليهم، فمن غير المنطقي أن أتزوج وأنجب أطفالا أكثر وأنا لا أستطيع الإنفاق على بيتي الأول ولا رعاية أولادي، وكأنني أبحث فقط عن مجرد شهوة، وأقوم في سبيل الوصول إليها بالقضاء على بيتي الأول، وحق زوجتي وأقصر في تربية أبنائي الذين يحتاجون لكل دقيقة من وقتي من أجل التربية، لكن للأسف كثير من الذين يعددون لا ينظرون إلا لأنفسهم، فلا يجوز أن أقدم على التعدد فأبني بيتا وأهدم الآخر، أو أعطي لزوجة حقها كاملا، وأظلم الأخرى أو أغدق على إحديهما وأقتر على الأخرى.. للأسف هذه المشاكل كثيرًا ما نراها من جراء التعدد.

الميل القلبي

والتعدد في حكمه مشروع وجائز، فالأصل فيه الإباحة حتى إذا لم يكن هناك سبب، لكنه كمشرط الجراح إذا اضطر إليه المسلم فليفعله، ولكن قبل أن يقدم عليه لا بد من وضع كل الأمور السابق الحديث عنها في الاعتبار: النفقة، الوقت الذي يتم قضاؤه مع الأولاد وتربيتهم حتى يتحقق العدل بين الزوجات.

أما المشاعر والحب فهو أمر قلبي لا يحاسب المرء عليه، فقد يكون قلبه مع واحدة، لكن هذا لا يعني أن يظلم الأخرى أو يبخسها حقها في مبيت أو ابتسامة أو في عفتها، فليس معنى أن الرجل يميل قلبيا لواحدة من زوجاته ألا يتبسم في وجه الأخرى ولا يجالسها ولا يلاطفها، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان عنده زوجات، وكان قلبه مع عائشة، لكن كل زوجة من زوجاته كان لها حقها في الابتسامة وحسن المعاشرة، أما الميل القلبي فلا يحاسب الإنسان عليه إلا إذا ظلم إحدى زوجاته أو قصر في ملاطفتها أو النفقة عليها عندها يحاسب ويبعث يوم القيامة وأحد شقيه مائل ليكون عبرة للناس.

تحقيق العدل

وبالنسبة لطلب الطلاق فهو حق للمرأة وحرية مكفولة لها، سواء كان بسبب زواج زوجها من أخرى أو لأي سبب آخر، ولكن عندما يقع الزواج الثاني نحن لا نشجعها على طلب الطلاق، بل نطلب منها أن تساهم مع الرجل في تحقيق العدل بينها وبين الزوجة الأخرى، وقبول الأمر لوجه الله تعالى ولمصلحة الأبناء خاصة أنه لم يخطئ ولم يزن مثلا بل لجأ لزواج شرعي، وبعض الرجال يحتاجون بالفعل للتعدد بسبب بعض المشكلات في العلاقة الحميمة بينهم وبين زوجاتهم كأن تكون الزوجة مريضة أو غير مقبلة على زوجها، أو لا تكفيه هنا نقول له عدد حتى لا تقع في الحرام وتنتشر الفواحش في المجتمع، لكن لا يصح أبدًا أن يكون الزوج مقصرا في حق زوجته الأولى ويحتاج إلى ساعة واحدة في اليوم يقضيها لرعاية مصالح أولاده ولا يجدها، ثم يذهب ليتزوج بأخرى.

أما فيما يتعلق بإخبار الزوجة فالصحيح تنظيميا أن يخبرها زوجها برغبته في الزواج بأخرى، ويترك القرار لها إن شاءت استمرت وإن لم ترض تطلب الانفصال، والواقع أن المأذون الذي يزوج الزوج بالزوجة الثانية يقوم تلقائيا بإخبار الزوجة الأولى بشأن الزواج الثاني.

والآية الكريمة: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا"، تؤكد على أن الزوج مهما فعل لتحقيق العدل بين زوجاته لابد سيحدث منه ميل تجاه واحدة في بعض الأمور، ومنها الميل القلبي.

لذا نؤكد على أن التعدد مباح، ولكن بشروط، وليس لكل مسلم أن يعدد تحت مسمى إقامة السنة، فالسنة جاءت لإصلاح المجتمعات وتوازنها لا لكي يهمل الزوج بيتا ويخربه ليقيم بيتا جديدًا.

ads