زوجات النبي.. أسرار في حياة السيدة خديجة بنت خويلد
السبت 12/يونيو/2021 - 10:21 م
تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة امرأة، منهن ست من قريش:السيدة خديجة، وسودة، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة، وأم حبيبة.
قال النووي رحمه الله تعالى:
" أما قوله: ( تسع نسوة ): فهن اللاتي توفي عنهن صلى الله عليه وسلم وهن؛ عائشة، وحفصة، وسودة، وزينب، وأم سلمة، وأم حبيبة، وميمونة، وجويرية، وصفية، رضي الله عنهن "، من "شرح صحيح مسلم".
من المجمع عليه أن أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم هي خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، ولم يتزوج غيرها حتى توفيت رضي الله عنها.
ومن المتفق عليه أيضا أنه توفي صلى الله عليه وسلم وعنده تسع نسوة.
توفي منهن اثنتان في حياته: خديجة أول نسائه، وزينب بنت خزيمة. وتوفي صلّى اللّه عليه وسلّم عن التسع الباقيات".
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ( كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعُ نِسْوَةٍ، فَكَانَ إِذَا قَسَمَ بَيْنَهُنَّ، لَا يَنْتَهِي إِلَى الْمَرْأَةِ الْأُولَى إِلَّا فِي تِسْعٍ... ) رواه مسلم
أمهات المؤمنين
وسميت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بأمهات المؤمنين، وقد ورد ذلك في كتاب الله تعالي في سورة الأحزاب، ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا ).
وقد ميزهن الله عز وجل عن باقي نساء الأرض، قال تعالى: ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولًا معروفا).
هير نيوز تقدم سلسلة حلقات تتناول سيرة زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، واليوم نتناول سيرة السيدة خديجة بنت خويلد:
هي السيدة خديجة بنت خويلد بنت أسد بن عبد العزى القرشية أولى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وأم كل أولاده ما عدا ولده إبراهيم.
وكانت أكبر منه سنًا تزوجها صلى الله عليه وسلم وكان عمرها 35 عاما، وكان صلوات الله عليه وسلامه في الخامسة والعشرين من عمره، وكانت أمنا خديجة هي من عرضت على الرسول صلى الله عليه وسلم الزواج؛ حيث بعثت بصديقتها نفيسة بنت منية إليه لتعرض عليه الأمر، بعدما أعجبت بصدقه وأمانته وأخلاقه واستأجرته عندها ونمت تجارتها وزادت، وكان وليًّا على زواجها والدها خويلد.
استشعار النبوة
عاشت خديجة مع النبي فترة ما قبل البعثة، وكانت تستشعر نبوة زوجها، فكانت تعتني ببيتها وأولادها، وتسير قوافلها التجارية، وتوفر للنبي مَؤُونته في خلوته عندما كان يَعتَكف ويَتعَبد في غار حراء، وعندما أنزل الله وحيه على النبي كانت خديجة أول من صدقته فيما حَدّث، وذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي بَشَّره بأنه نبي الأُمّة، فكانت أول من آمن بالنبي من الرجال والنساء، وأول من توضأ وصلى.
كانت السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها غنية تستأجر الناس للعمل معها في تجارتها، وكانت رضي الله عنها مثالًا للزوجة الصالحة، وهي أول من آمنت من النساء بوحدانية الله.
تحظى السيدة خديجة بنت خويلد بمكانة كبيرة ومنزلة عظيمة عند جميع الطوائف الإسلامية فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وابنة مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد.
وأتى جبريل إلى النبي مرة فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها عزّ وجل ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
ولم ينجب صلوات الله عليه وسلامه سوى من زوجتين فقط هما خديجة التي كانت أما لجميع أولاده عدا إبراهيم الذي أنجبه من مارية القبطية.
وظلت السيدة خديجة صابرة مع الرسول في تكذيب قريش وبطشها بالمسلمين، حتى وقع حصار قريش على بني هاشم وبني المطلب في شعب أبي طالب، فالتحقت بزوجها في الشِعب، وعانت ما عاناه بنو هاشم من جوع ومرض مدة ثلاث سنين، وبعد أن فُك الحصار عن الرسول ومن معه مرضت خديجة.
رجاحة عقلها
كان يَظهرُ على خديجة رجاحة الرأي وحسن التدبير وصواب المشورة في حياتها قبل زواجها من الرسول، وفي اختيارها للرسول زوجًا لها، ثم في حياتها معه حتى وفاتها، وكان الرسول يأنس بمشورتها ويحرص على عرض الأمور عليها والاستئناس برأيها.
ومن مظاهر فقه خديجة أنها ذهبت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وهي تعرف ما لديه من العلم وما له من دين، وطلبت منه أن يسمع الرسول ويقص عليه ما رأى وما سمع، وكان جواب ورقة: قدوس قدوس إنه الناموس الذي نزل على موسى، وإنك يا محمد نبي هذه الأمة، وكانت هذه الكلمات تأكيدًا وتوثيقًا لشعورها وحدسها بأن محمد رسول الله.
يظهر فقه خديجة في تأدبها مع الله، فلم تقل على الله السلام، وإنما قالت الله السلام وعلى جبريل السلام.قال ابن حجر العسقلاني: «قال العلماء في هذه القصة دليل على وفور فقهها لأنها لم تقل وعليه السلام كما وقع لبعض الصحابة حيث كانوا يقولون في التشهد السلام على الله، فنهاهم النبي وقال: إنّ الله هو السلام فقولوا التحيات لله، فعرفت خديجة لصحة فهمها أنّ الله لا يُرد عليه السلام.
كما يُرد على المخلوقين لأنّ السلام اسم من أسماء الله، وهو أيضًا دعاء بالسلامة وكلاها لا يصلح أن يرد به على الله، فكأنها قالت: كيف أقول عليه السلام، والسلام اسمه ومنه يطلب ومنه يحصل، فيستفاد منه أنه لا يليق بالله، إلا الثناء عليه، فجعلت مكان رد السلام عليه الثناء عليه ثم غايرت بين ما يليق بالله وما يليق بغيره، فقالت: وعلى جبريل السلام ثم قالت: وعليك السلام، ويستفاد منه رد السلام على من أرسل السلام وعلى من بلغه، والذي يظهر أنّ جبريل كان حاضرًا عند جوابها فردّت عليه وعلى النبي مرتين، مرة بالتخصيص ومرة بالتعميم ثم أخرجت الشيطان ممن سمع لأنه لا يستحق الدعاء بذلك».
وفاتها
توفيت أم المؤمنين في شهر رمضان عن عمر يناهز الخمس والستين، بعد وفاة عم النبي أبي طالب بن عبد المطلب بثلاثة أيام وقيل بأكثر من ذلك، في شهر رمضان قبل هجرة الرسول بثلاث سنين عام 619م وكان مقامها مع الرسول بعدما تزوجها أربعًا وعشرين سنة وستة أشهر، ودفنها الرسول بالحجون (مقبرة المعلاة).
وقد سمي عام وفاتها بعام الحزن؛ حيث إن النبي حزن على فراقها حزنًا شديدًا أدى به للمرض.