ما حكم وضع كاميرات مراقبة بغرف القياس؟ المفتي يجيب
الإثنين 07/يونيو/2021 - 11:38 ص
سمر دسوقي
انتشرت موخرا حالات وضع كاميرات مراقبة بغرف القياس في محلات الملابس بحجة مراقبة المحل والحفاظ على محتوياته من السرقة، فما رأي الدين فيمن يفعل ذلك؟سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية
يجيب فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية فيقول:
يحرم شرعًا وضع آلات التصوير (كاميرات) في غرف تبديل الملابس بالمحلات التجارية تحت أي دعوى أو تبرير، بل إن هذا الفعل من كبائر الذنوب التي تستوجب غضب الله تعالى وعقابه؛ لما فيه من الاطلاع المحرم على العورات وكشفها، وتتبعٍ للعورات المصونة المأمور بسترها، ولما فيه من الغدر والخيانة بمن يدخل هذه الغرف ظانًّا أنه في مأمن من اطلاع الغير عليه.
الخوف من السرقة لا يبيح
وأضاف أن الخوف من السرقة لا يبيح هذا الفعل المنكر بحال؛ لأن الحقوق لا يحتاط لها بتضييع الحقوق، وإرادة حفظ الأموال لا تبيح تضييع حفظ العورات، وحق الإنسان في جسده أوجب من حق غيره في ماله، والحق لا يُتوصل إليه بالباطل، ووسائل الحفاظ على السلع والأموال متيسرة متوفرة لمن شاء من غير حاجة للجوء إلى هذا الفعل الدنيء الذي يحرمه الشرع الشريف وتأباه الأخلاق والقيم والمبادئ.
صيانة العورات
وقد جاءت النصوص الشرعية بالنهي الشديد عن تتبع عورات الإنسان حفاظا على كرامته وحرمته، والأمر الأكيد بسترها سواء أكان ذلك فيما لا يجوز الاطلاع عليه كعورة الجسد لمن لا يجوز له الاطلاع عليها أو فيما يجوز الاطلاع عليه بإذن صاحبه كبيته، ورسائله، وكتبه
وصيانة لعورة الإنسان في جسده أمره الشرع الشريف بسترها عن غير الزوجين؛ قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ۞ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ [المؤمنون: 5-6].
وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه، أنه قال: يَا نَبِيَّ الله، عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ»، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ؟ قَالَ: «إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَاهَا»، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: «اللهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي وحسنه، والنسائي وابن ماجه والبيهقي في "السنن".
وروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ».
ترغيب وترهيب
وتأكيدًا لحرمة كشف العورة سلكت الشريعة في ذلك مسلك الترغيب والترهيب؛ فتواردت النصوص بجزيل عطاء الله تعالى لمن يحفظ على الناس عوراتهم، وببيان شديد العقاب لمن يفضحها.
فأما الترغيب في ذلك: فقد جعلت جزاءَ ستر العورات السترَ من الله تعالى يوم القيامة؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» متفق عليه.
وأما الترهيب في النهي عن كشف العورات فقد تواردت النصوص في بيان أن من يتتبع عورة أخيه يفضحه الله تعالى ولو في جوف بيته، فعن أبي برزة الأسلميّ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ! لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ» أخرجه الأئمة: أحمد، وأبو يعلى في "المسند"، والترمذي في "السنن" وحسنه، والبيهقي في "شعب الإيمان".