«القايمة».. هل من حق الأب أن يتنازل عنها؟
الأحد 06/يونيو/2021 - 04:07 م
مقال محمود عبدالحليم: قامت الدنيا ولم تقعُد بعدما تداول المصريون على نِطاق واسع جُملة والد عروسة المنصورة «من يُؤتمن على العِرْض.. لا يُسأل عن المال..اتقِ الله في كريمتنا» حارمًا ابنته من حقها.
الحادثة لم تمر مرور الكرام على قطاعات عريضة من المصريين الذين تباروا في الحديث عنها بين مؤيدٍ ورافض.
الحقيقة أننا لا نعلم ما الذي دفع الأب للإقدام على هذه الخطوة، ربما كان العريس ابن أخيه؛ وهو من قام بتربيته مثلًا، أو كان شخصًا يعرفه جيدًا ويثق به إلى أبعد الحدود.. ربما قرر التخفيف عن العريس هربًا من المُبالغة في "القايمة" كما جرت العادة.. ربما كانت رغبة ابنته.. الاحتمالات كثيرة وواردة، لكن الحقيقة يعلمها الله.
ربما لامست روعة الجملة كثيرًا من مشاعر المصريين الذين انبهروا بها، وراحوا يتبادلونها على صفحات مواقع التواصل نظرًا لمنطقيتها؛ إذ كيف لمن يُؤتمن على بناتنا ألا يؤتمن على حقها؟!
معظم البنات كُنَّ ضد ما فعله الأب؛ فالرجل تنازل عمَّا ليس من حقه التنازل عنه، فضلًا عن أنه لا يعلم الغيب إلّا الله.. ولا أحد يضمن أن تسير علاقتنا للأبد على الوفاق والتفاهم، فالخلاف وارد، فنحن اليوم متفاهمون وغدًا قد نصبح مختلفين والقايمة ضمان لحق الزوجة، إذا حافظ على الزوجة وحقوقها كانت ورقة لا قيمة لها، وإذا تحوّل مع الأيام إلى شخص لا يستحق فقد ضمنت حقها، بل في كثير من الأحيان تكون القايمة رادعًا لعدم خراب البيوت حتى تهدأ النفوس ويتطبع كل منهما على الآخر.
حكاية وراء القايمة
جلس أب مع ابنته وأخبرها هل تعرفين الشاب الذي يرغب في الزواج منك؟
بخجل واضح: نعم أعرفه حق المعرفة، ولكن يا أبي لا أعرف ما تخفي لنا الأيام؛ فهذا عِلْم غيبٍ يعلمه الرحمن.
فكر الأب وطرح السؤال بطريقة أخرى
هل نكتب عليه "قايمة كبيرة" أم في المعقول؟
الفتاة بوضوح وصوت مسموع: خير الأمور الوسط، لا تظلمه ولا تبخسني حقي.
الأب: حيرتيني يا فتاتي!
الفتاة: أنت ولي أمري، سوف يسألك ربي لماذا ضيعتَ حقي؟
فكر الأب كثيرا في هذه الجملة "يسألك ربي"؟!
وحضر الفتى والابتسامة الرائعة على وجهه
وجلس معه الأب وسأله:
ماذا تعرف عن بنتي؟
ماذا تعرف عن بنتي؟
فقال الفتى: أعرف أنها صاحبة شخصية، لا تحيد عن الحق، تحفظني في غيابي، تصون شرفي، وتكرم أهلي، تُهوِّن عليَّ مصاعب الدنيا إن وُجِدت، لا تكلفني ما لا أطيق.
سأله الأب: كم مهر بنتي؟
أجاب الفتى: مال قارون لا يكفي.
سأله الأب كم مهر بنتي؟
أجاب الفتى: أنا مهرها وملكها وزوجها، أصونها أحفظها، وبالروح أفديها.
الأب: هل تقبل أن تتزوج بنتي بدون قايمة؟
الفتى: لا تبخسها حقها؛ هذا دَيْن في رقبتي، ولا أقبل أن أعيش مع دائنة، بل تكتب لها ما يليق بها مثل أختها وبنت عمها وأختي وبنت عمي.
ابتسم الأب مُعلنًا: "بل مثل آخر عروس".
هذه هي مشكلة "القايمة" التي كانت حديث السوشيال ميديا في الفترة الماضية، فما فعله مرفوض، وليس من حقه أن يتنازل عن "قايمة بنته".
أقول لهذا الأب ولكل أب: هذا ليس حقك، وإذا كنت ترغب في تطويق رقبة زوج بنتك بطوق المعروف والجميل، انصح ابنتك بأن تكون حنونة عليه وتراعي الله فيه وتكون عونًا له.
لكن احذر من الاقتراب من القايمة فأنت لا تعلم ما قد يحدث في الأيام القادمة، إذا كان صالحًا كانت ورقة مكانها مجهول، وإذا انقلب وتحوّل فالورقة تخرج إلى النور لتضمن لابنتك حقها.