شيخ الأزهر: الماء ملك للجميع ومحاولة منعه سلب لحقوق الله
الجمعة 04/يونيو/2021 - 04:52 م
سمر دسوقي
ألقى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف كلمة في احتفالية الأمم المتحدة باليوم العالمي للبيئة، اليوم الجمعة، أكد خلالها على ضرورة الانتباه إلى ظاهرة خطيرة ظهرت حديثا وهي ادِّعاء ملكية بعض الموارد الطبيعية والاستبداد بالتصرف فيها بما يضر بحياة دول أخرى.
وشدد شيخ الأزهر على أن مجال رعاية البيئة وحمايتها يمر بأزمة، لو ترك الأمرُ فيها للعابثين بنعم الله على أرضه وفضائه، فإنَّ أحدًا لن ينجوَ من آثارِها المدمرة، لا في الغربِ ولا في الشرقِ، وأوَّلُهم وفي مقدمتِهم هؤلاء المتمردون على حدود الله، والساخرون من هديه الإلهي ووحيِه السماوي، مشددًا على أنه ليس صحيحًا أن علاقةَ الإنسانِ بالبيئةِ علاقة ماديَّة بحتة؛ بل الصحيح أنها علاقةُ مسئولية ومبادئ وأخلاق.
ملكية مشتركة
وأكد الدكتور أحمد الطيب أن الدِّين –عند مَن يؤمن به ويحترم قوانينه- يَحكُم حُكمًا صريحًا بأنَّ مِلْكيَّة الموارد الضروريَّة لحياةِ النَّاس هي ملكية عامة، ولا يصحُّ بحالٍ من الأحوال، وتحتَ أي ظرفٍ من الظُّروفِ، أن تُترك هذه الموارد ملكا لفردٍ، أو أفرادٍ، أو دولةٍ تتفرَّدُ بالتصرُّفِ فيها دونَ سائر الدُّول المشاركة لها في هذا المورد العام أو ذاك، مشددًا على أن هذا من أمسِّ ما يتعلق بموضوع الإفساد في الأرض، ويجب أن يتكاتف العالم لوقفه قبل أن تنتقل عدواه إلى نظائره من البيئات والظروف المتشابهة.
وأكد فضيلة الإمام الأكبر أن الماء بمفهومه الشامل الذي يبدأُ من الـجُرعة الصغيرة وينتهي بالأنهار والبحار- يأتي في مُقدِّمة الموارد الضروريَّة التي تنصُّ شرائع الأديان على وجوبِ أن تكون ملكيتُها ملكيةً جماعيةً مشتركة، ومَنْعِ أن يستبدَّ بها فردٌ أو أناسٌ، أو دولةٌ دون دولٍ أخرى. فهذا المنع أو الحجر أو التضييق على الآخرين، إنما هو سَلْبٌ لحقٍّ من حقوقِ الله تعالى، وتصرفٌ من المانعِ فيما لا يَمْلِك.
وأوضح شيخ الأزهر الشريف أن سبب هذا المنع المشدَّد هو أنَّ اللهَ تعالى لمَّا جعل الماء هو أصلُ الحياةِ على اختلافِ أنواعها خَصَّ نفسه –سُبحانه- بتفرُّدِه بملكيته، وبإنزالِه من السَّماءِ إلى الأرضِ، وجَعْلِه حَقًّا مُشْتَركًا بين عبادِه؛ وأنَّ أحدًا من عبادِه لم يَصنع منه قطرةً واحدةً حتى تكون له شُبهةُ تملُّكٍ تُخوِّله حقَّ تصرُّفِ المالكِ في مِلْكِه، يَمْنحه من يَشاء ويَصرفه عمَّن يَشاء.. وأنَّ مَن يستبيح ذلك ظالم ومعتد، يجب على الجهات المسئولة محليا وإقليميا ودوليا أن تأخذ على يديه، وتحميَ حقوق الناس من تغوله وإفساده في الأرض.
قهر الطبيعة
وشدد فضيلة الإمام الأكبر على أن الدين حَذَّر المؤمنين به مِن الفسادِ في الأرض؛ {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا}، منبها على أنَّ أي إنسان ليس حُرًّا في أن يفسد في الأرض أو يعيث فيها فسادًا، لا على ظهرها ولا في جوها ولا في هوائها أو مائها أو حيواناتها، فالطبيعة بكل عناصرها ومواردها هي ملك لله تعالى ولا يحل لإنسان أن يتعامل معها إلَّا في إطار إصلاحها، كأمانة أؤتمن عليها أمام ضميره وربه، والإسلام إذ يُؤكِّدُ على نظريَّة الحُب الكوني، فإنَّه يُنكر نظريَّة قهر الطبيعة وتخريبها، والتي استمرأتها حضارتنا المادية المعاصرة، وأفسدت بسببها ما أفسدت من صفاء الإنسان ونقاء فطرته، وأماتت ما أماتت من الحيوانات والأحياء في البرِّ والبحر والجو، وخلقت ما خلقت من مشكلات بيئية، ومشكلات ندرة المياه وارتفاع الحرارة وأزمة التصحُّر، وتآكل الأراضي الخصبة، وتناقص سلال الغذاء.
وأشار شيخ الأزهر إلى قاعدة واحدة من القواعد التي يجب مراعاتها والتقيُّد بها حتى في حالات قتال الأعداء، وهي القاعدة التي تُحَرِّم على المسلمين أن يقتلوا الأطفال والنِّساء والصبيان في جيشِ العدو، كما يَحْرُم قتل الرُّهبان في صوامعهم والفلاحين في حقولهم، وكذلك يَحْرُم هدم المباني في بلد العدو، ويَحْرُم قتل الحيوان إلَّا لضرورة الأكل وعلى قدرها فقط، ويحرم قلع الزروع، أو حرقها وبخاصة حرق النخيل، كما يحرم تفريق النحل وقتله أو إغراقه، مؤكدًا أن في الجعبة الكثير من تعاليم القرآن الكريم ووصايا نبي الإسلام، نبي الأخوة والرحمة الإنسانيَّة، في مجال المسئولية الدِّينيَّة والأخلاقيَّة عن البيئة أرضًا وبحرًا وجوًّا.
اقرأ أيضًا..