بعد رحيل سمير غانم.. فقدان الأب هل يعوضه الزوج؟
السبت 22/مايو/2021 - 02:21 م
ساندي جرجس
بعد رحيل الفنان سمير غانم وتأثير الحزن والحسرة لفقده على بناته الفنانتين دنيا وإيمي، وما ظهر في تعابير وجههما دون الحديث بكلمة واحدة، تذكرت الكثير من الفتيات والنساء مشاعرهن في وقت فقد آبائهن، وشاركن ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتحدثت الكثير من الفتيات عن تأثير فقد الأب على حياتهن التي تغيرت تمامًا بعد ذلك الحدث الأليم، حتى تلجأ بعضهن للبحث عن زوج يكبرها في العمر بعدة سنوات حتى يعوضها عن دور الأب في حياتها.
تأثير فقد الأب على الفتاة
ومن جانبها قالت هويدا البالغة من العمر 35 عاما، وهي متزوجة ولديها طفلان، إن فقد الأب أكثر ما يؤلم الفتاة ويكسرها فقد تشعر في تلك اللحظة أنها فقد أكثر شخص يحبها في الدنيا والسند الذي يحميها ويدافع عنها، كما أن الأب هو الحب الأول في حياة البنت، وعندما توفى أبي كنت في عمر العشرين عاما وبعدها بدأت اختار شريك حياتي على أن يكون مثل أبي ويعوضني عن عدم وجوده معي.
وأضافت: "لقد تزوجت من شخص يكبرني بعشرة سنوات فقط لأني شعرت من ناحيته بالأمان الذي كنت أشعر به مع أبي، ووجدت فيه الاحتواء حتى لو لم يكن مناسب لي في العمر ولكني اخترته ليعوض مكان أبي، ولكنه أيضًا لم يستطيع فعل ذلك فمكانة الأب ودوره في حياة الأنثى لا يعوضه أي إنسان بعده".
وأيضا تحدث نورهان البالغة من العمر 25 عامًا، بالدموع عن مشاعرها وقت فقد والدها وهي في عمر 15 عامًا، وقالت: "أبي كان رجلا عظيم كان يعمل طوال الوقت من أجل راحتنا حتى تدمرت صحته نتيجة البحث وراء الرزق فهو كان المضحي براحته من أجل راحتنا، كنت أشعر بالراحة والأمان وقت دخوله المنزل ومن أن ترك عالمنا ورحل أشعر بالألم وفقدان السعادة والاستقرار فهو كان من يجمعنا ويدعمنا ولا يتخلى عن سعادتنا، وحتى الآن أبحث عن رطب مثله في صفاته ومحبته لي ولكني لم أجد ذلك الرجل واعتقد من الصعب الحصول عليه".
نساء يروين قصصا مأساوية
تحكي مايسة (45 سنة)، والأسى يملؤها: بابا كان ليا الصديق الحقيقي الي بحكي له كل تفاصيل حياتي، وباخد رأيه، هو رباني على كده، وعمري ما حسيت بالخجل من أني احكي له مشاعري، ولما فقدته كان عمري وقتها 25 سنة، حسيت إن ضهري اتكسر، ودخلت في حالة انهيار عصبي، ولحد النهارده حاسة ان فقدت السند والضهر، كان هو الانسان الوحيد الي بيحس بتعبي وزعلي من غير ما اتكلم، وبيبقى شغله الشاغل ازاي يضحكني ويشيل الزعل من قلبي.
ومن يوم ما مات فقدت الاحساس ده، على الرغم من ان جوزي حنين وطيبن لكن عمره ما عوضني على اهتمام الاب الي من غير مقابل، السند الي من غير ما اطلبه.
وتؤكد حنان (37 سنة): لما جات لي كورونا السنة الي فاتت كنت عازلة نفسي في بيتي انا وجوزي وولادي، كان بابا بيجي لي يوميا بعد ما يخلص شغله، ويفضل واقف تحت العمارة في عربيته ساعة كاملة، يكلمني من موباله وبيبص لي وانا ببص له من البلكونة، وكان هو الي بيجيب لي كل طلباتنا ويحها لنا على الباب، وده لأني كنت رافضة افتح له، من خوفي عليه، ابويا هو سندي في دنيتي، وأول حب في حياتي، حبه في قلبي غير حب جوزي وحب ولادي هو حاجة تانية.
لكن فقدته من 7 شهور، وبرضه نتيجة مرضه بكورونا، تعب يا حبيبي، ولأنه مريض قلب، حالته اتدهورت جدا، واتوفى، ومن يومها وانا شايفة الدنيا سودا في عنيا، ولأول مرة الخوف من المستقبل بيطاردني في كل وقت.
أما ندى (33 سنة): فتحكي عن ابيها في حياتها قائلة: طول عمري ببص لبابا على أنه اعظم رجل في الدنيا، وكنت من وانا صغيرة واخدة عهد على نفسي اني مش هتجوز غير الي بابا يختاره لي، وبالفعل ده حصل، اعجبت بجوزي وكان زميلي في الشغل، وعرفت بابا عليه، ولو كان قالي مش موافق كنت هدوس على قلبي علشانه، لكنه حب جوزي جدا وبقوا اصحاب.
وعلى الرغم من ان جوزي سند ليا وصديق وانسان مسؤول، لكني عمري ما اتعودت اني اطلب من حد غيره اي حاجة محتاجاها، وهو كان بيجري عليا ويعملها لي، وعمري ما حسيت بقيمته، وأد ايه كان هو كل حاجة في حياتي، غير بعد ما مات، وماتت معاه كل معاني الأمان والسند والدلع، دلعه وحمايته ليا كانوا غير، لهم معنى مختلف، على الرغم من أن جوزي بيحاول يعوضني، لكن كل حاجة بيعملها كانت من بابا لها معنى تاني.
الأب رمز الأمان والاتزان النفسي لأبنائه
وفي هذا الشأن، قالت أخصائية علم النفس والاجتماع، الدكتورة إيمان عبد الله، إن الأب هو السند والعمود الأساسي من أعمدة المنزل فهو يكون رمز الأمان والاستقرار والراحة النفسية والاتزان النفسي لأبنائه، فهو السند لأنه يمنحهم كل شيء حتى يقدم لأبنائه كل ما يمنحهم السعادة والطمأنينة المعنوية والمادية، فالأب هو صمام الأسرة مثل الصمام للقلب، كما أنه يدافع عنها فترى فيه رمز القوة والأمان".
وأضافت: "لا يمكن المقارنة بين مشاعر حب الأب وأي مشاعر أخرى فهو أول حب في حياتها، ويكون لها أحلام أن يكون شريك حياتها مثل والدها يحتضنها ويحتويها مثله، وإذا توفي الأب يغيب عن الفتاة الأمان والاستقرار والحماية فتبحث عن رجل يمنحها تلك المشاعر التي تفتقدها، فالزوج يعوضها فقد الأب والشعور بالوحدة والخوف فيكون سند لها بعد أبيها لانه يختلف عن الأخ أو أي شخص آخر".
وتابعت: "الزوج سند للمرأة بعد الأب ولكنه لا يمكن أن يكون مثله، فالأب هو نبع العطاء والأمان فالمرأة مهما تكتفي ذاتيا بعد الزواج تظل تحتاج لسند الأب ومشاعر الأمان بوجوده، وتذهب لتعويض ذلك بالزواج من رجل يشبه والدها فالأنثى بطبعها تحتاج لرجل سواء والدها أو زوجها فوجود الرجل بجانب المرأة مهم لها سيكولوجيا كما أنها تبحث عن الأمان في الرجل الذي يحميها من العنف والخطر في المجتمع".
أول حب في حياة كل امرأة
وأشارت هبة نجيب، الخبيرة النفسية ومستشارة العلاقات الأسرية، إلى أن الأب هو أول رجل في حياة كل امرأة وهو أول حب في حياتها.
وقالت: "في مجتمعاتنا الشرقية بشكل خاص يمثل الرجل مصدر القوة والحماية والأمان، وهي كلها مرادفات لمعنى السند ومن هنا جاء شعور كل بنت أن أبيها هو سندها، فدائما هو الذي يحميها ويقف أمام أي شخص يزعجها أو يحاول التعدي على أي حق من حقوقها بداية من الأم، فدائما نسمع في بيوتنا المصرية جمل شهيرة من الامهات، موجهة للأب، مثل "انت الي مدلعها"، "البنت حبيبة أبوها".
وتضيف الخبيرة النفسية، أنه عندما يتوفى الأب يبدأ أول وأكبر حزن وخوف يتسلل لقلب المرأة، فتشعر أن مصدر حمايتها، ومصدر أمانها قد اختفى فجأة من حياتها، وهذا هو السبب الذي يجعل الكثير من الفتيات اللاتي يفقدن الأب في سن صغيرة، يبحثن عن الحب في من هم في نفس عمر الأب، لأنهم يبحثون عن الأمان والحماية وليس الحب الطبيعي بين الرجل والمرأة".
وكلما كانت العلاقة بين المرأة وأبيها ناجحة، وكلما كانت قريبة منه، وكان يمثل لها الأب والصديق، كلما بحثت عن نفس شخصيته فيمن تحب، وذلك بغض النظر عن علاقته بأمها، فحتى إن كانت العلاقة متوترة، وذلك لأنها تبحث عن من يشبه أبيها في علاقته بها، ومن حيث الطريقة التي يعاملها هي بها، وما يمثله لها من سند وأمان وحماية وصداقة.