الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

درية شرف الدين.. الصوت الحرّ بين ماسبيرو وقبة البرلمان

الأحد 18/أبريل/2021 - 04:38 ص
الدكتورة درية شرف
الدكتورة درية شرف الدين

في تلك البقعة المبهرة من أرض الوطن بمحافظة دمياط، ولدت الدكتورة درية شرف الدين، في أواخر أربعينيات القرن العشرين.

فتاة ذات طموحٍ عالٍ، وعندما أنهت دراستها الثانوية، التحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ما أكسبها خبرة واطلاعًا على مختلف الملفات في تلك الفترة الحافلة بالأحداث السياسية والاجتماعية سواءً على الصعيد المحلي أو على مستوى الوطن العربي.

مرحلة المنصورة
ومما زادها ثقةً وإلمامًا بالتفاصيل على كافة الأصعدة انتقالها مع أسرتها خلال المرحلة الثانوية إلى مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، والتي كانت تمثل في ذلك الوقت مركز تجميع لمختلف التيارات السياسية.

بين الاشتراكية والرأسمالية وحتى الكيانات ذات الصبغة الدينية كانت المنصورة عاصمة ثقافية وفكرية بحق، وعندما تخرجت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عملت مقدمة برامج بالإذاعة المصرية عام 1971.

فاروق شوشة ومهلة الـ24 ساعة
كانت الإذاعة قد أعلنت عن حاجتها لمذيعات يتميزن بقدرات صوتية وخبرات ثقافية فتقدمت لتفاجأ بأن رئيس لجنة الاختبار في ذلك الوقت الشاعر والإذاعي الدمياطي فاروق شوشة، ولأنه المعلم والأستاذ فقد وقفت أمامه مضطربة لكنه بخبرته وحنكته ودماثة خلقه هدّأ من روعها وبدأت في الاختبار.

اضطراب
كانت عيناها تتركز على وجه الأستاذ أثناء إلقائها المادة التي أعدتها للاختبار لتعرف انطباعه عن أدائها، وكلما ابتسم الأستاذ زادت ثقتها بنفسها، لكنه ما يلبث أن يعقد حاجبيه ويقطب جبينه فتتمنى لو انشقت الأرض وابتلعتها، وعندما انتهت ناداها لتقترب منه.

وقال لها عبارة بقيت عالقة في ذهنها طوال مسيرتها الإعلامية: "أنتِ جيدة في كل شيء، كل المعايير تنطبق عليكِ إلّا معيار اللغة العربية، ولأنك فتاة مجتهدة فلن أغلق الباب أمامك وسأمنحك فرصة لمدة 24 ساعة تضبطين فيها لغتك وتعودين لإعادة الاختبار".

إعادة اختبار
انطلقت الفتاة تتنازعها مشاعر مختلطة ما بين القلق والاضطراب وبين الأمل في ان يحمل الغد تحقيق حلمها، وبالفعل قضت الساعات الأربع والعشرين تعيد قراءة كل قواعد اللغة العربية وتطبيقها على عدة أخبار جهزّتها من قبل، وقفت أمام المرآة تحدث نفسها كأنما تطل على الجمهور، ثم عادت في اليوم التالي تملؤها الثقة في نفسها ويحدوها الأمل في القبول مذيعةً، وقد كان عندما صفق لها الأستاذ شوشة وأثنى عليها.

الطريق إلى الشاشة
الفتاة ذات الطموح الذي لا ينتهي لم تكتفِ بأن تطل على متابعيها عبر الأثير، بل كانت تتطلع إلى الوقوف امام الكاميرا كأنها تخاطب الجمهور وجهًا لوجه، وتصادف بعد مرور عدة سنوات من عملها بالإذاعة أن أعلنت القناة الأولى عن حاجتها لمذيعات قارئات نشرات إخبارية.

أسرعت "درية" بتقديم طلب الالتحاق ولم تنتظر انتهاء الاختبار لتعرف النتيجة، فقد عرفتها من خلال عبارات الثناء والإطراء التي راح يكيلها كبار مذيعي التلفزيون على أدائها لتبدأ رحلة جديدة أمام الكاميرا، حافلة بالتألق والنجومية والإبداع، وبالتوازي مع عملها كمذيعة نشرة بالتلفزيون التحقت بأكاديمية الفنون لدراسة النقد السينمائي، حتى عرض الناقد شريف رزق الله فكرة برنامج "نادي السينما" ليقع عليها الاختيار لتقديمه، وليتعرف عليها الجمهور مجددًا في "لوك" جديد من خلال ثقافتها السينمائية الواسعة.

مقص الرقيب
في عام 1995، وقع الاختيار عليها للإمساك بالمقص الشهير الذي يجتث كل ما يخالف العادات والتقاليد الاجتماعية، وما يتعارض مع ميثاق الشرف الإعلامي، لكنها لم تلبث أن تنحت عن منصبها كمدير للرقابة على المصنفات الفنية اعتراضًا على كثير من الممارسات التي اعتبرتها تدخلًا في عملها وتعديًا على اختصاصها، ثم اختيرت وكيلا لوزارة الإعلام.

اقرأ أيضًا.. إيناس عبد الدايم.. عازفة «الفلوت» التي تقود «معركة الوعي»


كما تولت الإشراف على قطاع القنوات المتخصصة، إلى جانب عملها الأكاديمي وألفّت عدة كتب مهمة في هذه الفترة، كان أبرزها "السياسة والسينما"، و"رحلة في عقل البابا شنودة"، ومع كل تعديل وزاري كان يُطرح اسمها بقوة حتى تحقق ذلك في عهد الحكومة الانتقالية التي ترأسها الدكتور حازم الببلاوي في أعقاب ثورة 30 يونيو 3013م، لتصبح آخر وزير للإعلام قبل إلغاء الوزارة وتحويلها إلى مجلس أعلى للإعلام.

البرلمان
وتوجت درية شرف الدين رحلة عطائها بتعيينها عضوًا في مجلس النواب الحالي، وتتولى رئاسة لجنة الإعلام والثقافة بالمجلس، لتصبح لسان الإعلاميين المطالبين بتصحيح الأوضاع في طريق الوصول إلى الهدف المنشود من تحقيق رسالة إعلامية حقيقية ترتقي بالبلاد وتحترم عقل المتلقي.

ads