«زواج على ورقة طلاق».. ارتفاع تكاليف الزفاف يهدد «حياة لم تبدأ»
السبت 17/أبريل/2021 - 05:19 م
أحمد زكي
يمثل ارتفاع تكاليف الزواج تحديًا جديدًا أمام الشباب والفتيات، وسط التغيرات المجتعية التي تفرض واقعًا جديدًا على طبيعة السلع المعمرة وقطع الأثاث، حتى أصبح تأثيث شقة الزوجية "مغامرة صعبة" لا يستطيع تجاوزها سوى القليل من الشباب.
16 ساعة يوميًا من أجل توفير تكاليف الزواج
يقول حسين سلطان، إنه يعمل لمدة 16 ساعة يوميًا من أجل توفير تكاليف الزواج، مشيرًا إلى أن زفافه تأجل مرتين بسبب عدم وفائه بالمتطلبات التي اتفق عليها مع أهل العروس، وفي المقابل فإن عروسه تعمل هي الأخرى لمساعدة والدها في تدبير حصتها من الأثاث الذي تم الاتفاق عليه.
اقرأ أيضا.. تكاليف الزواج الباهظة تؤرق أهل العروس.. وخزين العريس سنة كاملة
ويضيف سلطان لـ"هير نيوز"، أنه وخطيبته فكرا أكثر من مرة في التغاضي عن بعض الكماليات وتأجيلها لما بعد، لكن تبقى نظرة المجتمع وصورتهما أمام زملاء العمل والأهل عقبة دون تحقيق ذلك. وتابع: "نحن مضطرون للكفاح حتى نظهر بالشكل اللائق أمام الآخرين".
- أمهات لجأن لبيع ما يمتلكن من الذهب
تقول سناء، إن خطيبها من عائلة مرموقة، بينما هي تنتمي إلى أسرة بسيطة، وبسبب الصورة الاجتماعية وكى لا تظهر أمام أهل العريس بشكل لائق، اضطرت أمها لبيع مصوغاتها بينما يحاول والدها الحصول على قرض بضمان راتبه لاستكمال نصيبها من أثاث عش الزوجية، تضيف "المسألة ليست احتياجات ضرورية بقدر ما هي مظهر اجتماعي يترتب عليه مدى احترام أهل زوجي لي مستقبلًا".
- التساهل مع العريس يقلل الاحترام
ترى شريفة إسماعيل، أنّ التساهل مع أهل العريس في طلبات الزواج قد ينعكس بالسلب فيما بعد، فبعض العائلات تعتقد أن تساهل أهل العروس تنازلًا عن حقوقها المشروعة وهو ما قد يتطور لاحقًا إلى عدم احترامهم لزوجة الابن، مشيرةً إلى أنها موظفة في القطاع الحكومي وتعمل في تجارة الملابس الجاهزة للزميلات والجارات من أجل توفير نفقات تجهيز ابنتها المخطوبة.
"الحال من بعضه".. ولكن!
وأضافت شريفة، "كان بمقدورنا أن نتساهل مع أهل العريس في مقابل أن يتساهلوا هم معنا، فتنحصر طلباتنا وطلباتهم في الضروريات فقط، لا سيما وأنهم أيضًا ليسوا موسرين بالقدر الكافي "الحال من بعضه"، على حد تعبيرها، لكننا رغبنا في التشدد حتى يحترموا ابنتنا فيما بعد، فهذه سنة الحياة وهكذا علّمتنا التجربة.
- ثقافة مغلوطة
تقول الدكتور آمال حلمي، أستاذ علم الاجتماع، إن هناك ثقافة مغلوطة تسود مجتمعنا، ليس في مصر فقط بل على الصعيد العربي ككل، وهي أن المغالاة في المهور تحفظ كرامة الفتاة، وهذا خطأ، يجب تصحيحه، ولعل ما نراه اليوم من ظاهرة انتشار "الغارمات" اللواتي ألقت بهن تكاليف زواج أبنائهن بناتهن خلف القضبان شاهد ودليل على ذلك.
وأكدت حلمي، أنه يجب على الدعاة وأئمة المساجد التنبيه إلى هذا الأمر، والتأكيد أن المباهاة الفارغة والاستعراض الكاذب يمران مجتمعنا ويدقان ناقوس الخطر، ويتسببان في رفع نسبة عنوسة الفتيات التي تجاوز عددهن 12 مليونًا على أقل تقدير.
- الدراما والإعلام.. مسؤولية تضامنية
ومن جهته، اعتبر شفيق محمود المحامي بالنقض، أن هناك مسؤولية ضمنية تقع على عاتق أجهزة الإعلام وصناع الدراما في هذا الخصوص.
وأضاف محمود، لـ"هير نيوز"، أن الإعلانات المبالغ فيها عبر وسائل الإعلام عن سلع ليست ضرورية، تثير شهية المجتمع نحو اقتنائها بغض النظر عن مدى إمكانية تدبير ثمنها من عدمها، وهي في الأساس سلع غير ضرورية، ويستغني عنها كل بيت، كما أنه من الضروري أن يركز صناع الدراما على هذا الموضوع بإلقاء الضوء على الضروري وغير الضروري لاستمرار الحياة.
- زواج على ورقة طلاق
وأوضح محمود، أن مكتبه يشهد يوميًا حالات خلاف بين أزواج لم يدخلوا عش الزوجية بعد بسبب عدم مقدرة أحد الطرفين على الوفاء بالتزاماته المتفق عليها كونها مبالغا فيها.
وتابع: "في الأسبوع الماضي حضرت إلى المكتب إحدى الفتيات التي عقد قرانها ولم تدخل بعد، تطلب توكيلي لمقاضاة العريس وتطليقها منه –قبل الدخول- لأنه لم يلتزم بما تم الاتفاق عليه ويحاول تأجيل موعد الزفاف للمرة الثانية، لكنني تعاملت معها بالحكمة واستمعت لها جيدًا واستدعيت والدها كما طلبت حضور العريس ووالده، وبالفعل توصلنا لاتفاق بالتغاضي عن بعض المتطلبات غير الضرورية الآن، ومن بينها قاعة الأفراح باهظة التكاليف، على أن يتعهد العريس بأوراق رسمية بشرائها لاحقًا حينما تتحسن أوضاعه، وتم التوفيق بينهما بفضل الله وتحدد موعد زفافهما في أول أيام عيد الفطر المبارك".